responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 350
مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ، وَفِي عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَفِي سُمَيَّةَ أُمِّهِ، وَفِي يَاسِرٍ أَبِيهِ، وَفِي بِلَالٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، وَفِي خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، وَفِي عَابِسٍ مَوْلَى حُوَيْطِبٍ أَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَعَذَّبُوهُمْ، فَأَمَّا صُهَيْبٌ فَقَالَ لِأَهْلِ مَكَّةَ: إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَلِي مَالٌ وَمَتَاعٌ، وَلَا يَضُرُّكُمْ كُنْتُ مِنْكُمْ أَوْ مِنْ عَدْوِّكُمْ تَكَلَّمْتُ بِكَلَامٍ وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَنْزِلَ عَنْهُ وَأَنَا أُعْطِيكُمْ مَالِي وَمَتَاعِي وَأَشْتَرِي مِنْكُمْ دِينِي، فَرَضُوا مِنْهُ بِذَلِكَ وَخَلَّوْا سَبِيلَهُ، فَانْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ، وَعِنْدَ دُخُولِ صُهَيْبٍ الْمَدِينَةَ لَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ: رَبِحَ بَيْعُكَ، فَقَالَ لَهُ صُهَيْبٌ: وبيعك فلا نخسر مَا ذَاكَ؟ فَقَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ كَذَا، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَةَ، وَأَمَّا خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ وَأَبُو ذَرٍّ فَقَدْ فَرَّا وَأَتَيَا الْمَدِينَةَ، وَأَمَّا سُمَيَّةُ فَرُبِطَتْ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ ثُمَّ قُتِلَتْ وَقُتِلَ يَاسِرٌ، وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَأَعْطَوْا بِسَبَبِ الْعَذَابِ بَعْضَ مَا أَرَادَ الْمُشْرِكُونَ فَتُرِكُوا، وَفِيهِمْ نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا [النَّحْلِ: 41] بِتَعْذِيبِ أَهْلِ مَكَّةَ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً [النَّحْلِ: 41] بِالنَّصْرِ وَالْغَنِيمَةِ، وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ، وَفِيهِمْ نَزَلَ: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ [النَّحْلِ: 106] .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ:
أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ وَنَهَى عَنْ مُنْكَرٍ، عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ
وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَاتَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ خُرُوجِهِ إِلَى الْغَارِ،
وَيُرْوَى أَنَّهُ لَمَّا نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ قَامَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَمِيكَائِيلُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَجِبْرِيلُ يُنَادِي: بَخٍ بَخٍ مَنْ مِثْلُكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يُبَاهِي اللَّهُ بِكَ الْمَلَائِكَةَ وَنَزَلَتِ الْآيَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الشِّرَاءِ: الْبَيْعُ، قَالَ تَعَالَى: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ [يُوسُفَ: 20] أَيْ بَاعُوهُ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ بَاعَ نَفْسَهُ بِثَوَابِ الْآخِرَةِ وَهَذَا الْبَيْعُ هُوَ أَنَّهُ بَذَلَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، ثُمَّ تَوَصَّلَ بِذَلِكَ إِلَى وِجْدَانِ ثَوَابِ اللَّهِ، كَانَ مَا يَبْذُلُهُ مِنْ نَفْسِهِ كَالسِّلْعَةِ، وَصَارَ الْبَاذِلُ كَالْبَائِعِ، وَاللَّهُ كَالْمُشْتَرِي، كَمَا قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التَّوْبَةِ: 111] وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ تِجَارَةً، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ [الصَّفِ:
10، 11] وَعِنْدِي أَنَّهُ يُمْكِنُ إِجْرَاءُ لَفْظَةِ الشِّرَاءِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَالتَّوَسُّعِ/ فِي مَلَاذِ الدُّنْيَا وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْآخِرَةِ وَقَعَ فِي الْعَذَابِ الدَّائِمِ فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّ نَفْسَهُ كَانَتْ لَهُ، فَبِسَبَبِ الْكُفْرِ وَالْفِسْقِ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ وَصَارَتْ حَقًّا لِلنَّارِ وَالْعَذَابِ، فَإِذَا تَرَكَ الْكُفْرَ وَالْفِسْقَ وَأَقَدَمَ عَلَى الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ صَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّارِ فَصَارَ حَالُ الْمُؤْمِنِ كَالْمُكَاتَبِ يَبْذُلُ دَارَهِمَ مَعْدُودَةً وَيَشْتَرِي بِهَا نَفْسَهُ فَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يَبْذُلُ أَنْفَاسًا مَعْدُودَةً وَيَشْتَرِي بِهَا نَفْسَهُ أَبَدًا لَكِنَّ المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، فَكَذَا الْمُكَلَّفُ لَا يَنْجُو عَنْ رِقِّ الْعُبُودِيَّةِ مَا دَامَ لَهُ نَفْسٌ وَاحِدٌ فِي الدُّنْيَا وَلِهَذَا قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا [مَرْيَمَ: 31] وَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الْحِجْرِ: 99] .
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ نَفْسَهُ مُشْتَرِيًا حَيْثُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ [التَّوْبَةِ: 111] وَهَذَا يَمْنَعُ كَوْنَ الْمُؤْمِنِ مُشْتَرِيًا.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 350
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست