responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 308
وَالتَّمَتُّعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ لَا كَرَاهَةَ فيه، وهاهنا نَوْعٌ آخَرُ مِنَ التَّمَتُّعِ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ الَّذِي حَذَّرَ عَنْهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ: مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا: مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَمُتْعَةُ الْحَجِّ، وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْمُتْعَةِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْإِحْرَامَيْنِ ثُمَّ يَفْسَخَ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَيَتَمَتَّعَ بِهَا إِلَى الْحَجِّ،
وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِأَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ نُسِخَ،
رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ: مَا كَانَتْ مُتْعَةُ الْحَجِّ إِلَّا لِي خَاصَّةً، فَكَانَ السَّبَبُ فِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَعُدُّونَهَا مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فَلَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْطَالَ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ عَلَيْهِمْ بَالَغَ فِيهِ بِأَنْ نَقَلَهُمْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَهَذَا سَبَبٌ لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ، فَلِهَذَا الْمَعْنَى كَانَ فَسْخُ الْحَجِّ خَاصًّا بِهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ أَيْ فَمَنْ يَتَمَتَّعُ بِسَبَبِ الْعُمْرَةِ فَكَأَنَّهُ لَا يَتَمَتَّعُ بِالْعُمْرَةِ وَلَكِنَّهُ يَتَمَتَّعُ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بِسَبَبِ إِتْيَانِهِ بِالْعُمْرَةِ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ أَصْحَابُنَا: لِوُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ خَمْسُ شَرَائِطَ أَحَدُهَا: أَنْ يُقَدِّمَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ وَالثَّانِي: أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَتَى بشيء من الطواف وإن كان شرطا وَاحِدًا ثُمَّ أَكْمَلَ بَاقِيَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَأَتَى بِأَعْمَالِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فِيهِ قَوْلَانِ: قَالَ فِي «الْأُمِّ» وَهُوَ الْأَصَحُّ: لَا يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ أَتَى بِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، كَمَا لَوْ طَافَ قَبْلَهُ، وَقَالَ فِي «الْقَدِيمِ وَالْإِمْلَاءِ» : يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَجْعَلُ اسْتِدَامَةَ الْإِحْرَامِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَابْتِدَائِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
إِذَا أَتَى بِبَعْضِ الطَّوَافِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِذَا لَمْ يَأْتِ بِأَكْثَرِهِ الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَحُجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَإِنْ حَجَّ فِي سَنَةٍ أُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مُزَاحَمَةُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَاضِرُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ عَلَى مَسَافَةٍ أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَيْسَ مِنَ الْحَاضِرِينَ، وَهَذِهِ الْمَسَافَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنَ الْحَرَمِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ/ جَوْفِ مَكَّةَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعُمْرَةِ فَإِنْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَا يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ لِأَنَّ لُزُومَ الدَّمِ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ وَلَمْ يُوجَدْ، فَهَذِهِ هِيَ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي لُزُومِ دَمِ التَّمَتُّعِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَمُ التَّمَتُّعِ دَمُ جُبْرَانِ الْإِسَاءَةِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّهُ دَمُ نُسُكٍ وَيَأْكُلُ مِنْهُ، حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوهٍ:
الْحُجَّةُ الْأُولَى: أَنَّ التَّمَتُّعَ حَصَلَ فِيهِ خَلَلٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ دَمَ جُبْرَانٍ، بَيَانُ حُصُولِ الْخَلَلِ فِيهِ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ:
رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَمَدْتَ إِلَى رُخْصَةٍ بِسَبَبِ الْحَاجَةِ وَالْغُرْبَةِ،
وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى حُصُولِ نَقْصٍ فِيهَا الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى سَمَّاهُ تَمَتُّعًا، وَالتَّمَتُّعُ عِبَارَةٌ عَنِ التَّلَذُّذِ وَالِارْتِفَاعِ، وَمَبْنَى الْعِبَادَةِ عَلَى الْمَشَقَّةِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ فِي كَوْنِهِ عِبَادَةً نَوْعُ خَلَلٍ الثَّالِثُ: وَهُوَ بَيَانُ الْخَلَلِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ: أَنَّ فِي التَّمَتُّعِ صَارَ السَّفَرُ لِلْعُمْرَةِ، وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَكُونَ لِلْحَجِّ، فَإِنَّ الْحَجَّ الْأَكْبَرَ هُوَ الْحَجُّ، وَأَيْضًا حَصَلَ التَّرَفُّهُ وَقْتَ الْإِحْلَالِ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ خَلَلٌ، وَأَيْضًا كَانَ مِنْ حَقِّهِ جَعْلُ الْمِيقَاتِ لِلْحَجِّ، فَإِنَّهُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست