responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 282
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْمَوَاقِيتُ جَمْعُ الْمِيقَاتِ بِمَعْنَى الْوَقْتِ كَالْمِيعَادِ بِمَعْنَى الْوَعْدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمِيقَاتُ مُنْتَهَى الْوَقْتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ [الْأَعْرَافِ: 142] وَالْهِلَالُ مِيقَاتُ الشَّهْرِ، وَمَوَاضِعُ الْإِحْرَامِ مَوَاقِيتُ الْحَجِّ لِأَنَّهَا مَوَاضِعُ يُنْتَهَى إِلَيْهَا، وَلَا تصرف مواقيت لأنها غاية المجموع، فَصَارَ كَأَنَّ الْجَمْعَ يُكَرَّرُ فِيهَا فَإِنْ قِيلَ: لَمْ صُرِفَتْ قَوَارِيرُ؟ قِيلَ: لِأَنَّهَا فَاصِلَةٌ وَقَعَتْ فِي رَأْسِ آيَةٍ، فَنُوِّنَ لِيَجْرِي عَلَى طَرِيقَةِ/ الآيات، كما تنون القوافي، مثل قوله:
أقل اللَّوْمَ عَاذِلَ وَالْعِتَابَنْ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ الزَّمَانَ مُقَدَّرًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: السَّنَةِ وَالشَّهْرِ وَالْيَوْمِ وَالسَّاعَةِ، أَمَّا السَّنَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الزَّمَانِ الْحَاصِلِ مِنْ حَرَكَةِ الشَّمْسِ مِنْ نُقْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ الْفَلَكِ بِحَرَكَتِهَا الْحَاصِلَةِ عَنْ خِلَافِ حَرَكَةِ الْفَلَكِ إِلَى أَنْ تَعُودَ إِلَى تِلْكَ النُّقْطَةِ بِعَيْنِهَا، إِلَّا أَنَّ الْقَوْمَ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّ تِلْكَ النُّقْطَةَ نُقْطَةُ الِاعْتِدَالِ الرَّبِيعِيِّ وَهُوَ أَوَّلُ الْحَمْلِ، وَأَمَّا الشَّهْرُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حَرَكَةِ الْقَمَرِ مِنْ نُقْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ فَلَكِهِ الْخَاصِّ بِهِ إِلَى أَنْ يَعُودَ إِلَى تِلْكَ النُّقْطَةِ، وَلَمَّا كَانَ أَشْهَرُ أَحْوَالِ الْقَمَرِ وَضْعَهُ مَعَ الشَّمْسِ، وَأَشْهَرُ أَوْضَاعِهِ مِنَ الشَّمْسِ هُوَ الْهِلَالُ الْعَرَبِيُّ، مَعَ أَنَّ الْقَمَرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ يُشْبِهُ الْمَوْجُودَ بَعْدَ الْعَدَمِ وَالْمَوْلُودَ الْخَارِجَ مِنَ الظُّلَمِ لَا جَرَمَ جَعَلُوا هَذَا الْوَقْتَ مُنْتَهًى لِلشَّهْرِ، وَأَمَّا الْيَوْمُ بِلَيْلَتِهِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مُفَارَقَةِ نُقْطَةٍ مِنْ دَائِرَةِ مُعَدَّلِ النَّهَارِ نُقْطَةً مِنْ دَائِرَةِ الْأُفُقِ، أَوْ نُقْطَةً مِنْ دَائِرَةِ نِصْفِ النَّهَارِ وَعَوْدِهَا إِلَيْهَا، فَالزَّمَانُ الْمُقَدَّرُ عِبَارَةٌ عَنِ الْيَوْمِ بِلَيْلَتِهِ، ثُمَّ إِنَّ الْمُنَجِّمِينَ اصْطَلَحُوا عَلَى تَعْيِينِ دَائِرَةِ نصف النهار مبدأ لليوم بِلَيْلَتِهِ، أَمَّا أَكْثَرُ الْأُمَمِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا مَبَادِئَ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيهَا مِنْ مُفَارَقَةِ الشَّمْسِ أُفُقَ الْمَشْرِقِ وَعَوْدِهَا إِلَيْهِ مِنَ الْغَدَاةِ، وَاحْتَجَّ مَنْ نَصَرَ مَذْهَبَهُمْ بِأَنَّ الشَّمْسَ عِنْدَ طُلُوعِهَا كَالْمَوْجُودِ بَعْدَ الْعَدَمِ فَجَعَلَهُ أَوَّلًا أَوْلَى، فَزَمَانُ النَّهَارِ عِبَارَةٌ عَنْ مُدَّةِ كَوْنِ الشَّمْسِ فَوْقَ الْأَرْضِ، وَزَمَانُ اللَّيْلِ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِهَا تَحْتَ الْأَرْضِ، وَفِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ يَفْتَتِحُونَ النَّهَارَ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَحْكَامِ، وَعِنْدَ الْمُنَجِّمِينَ مُدَّةُ الصَّوْمِ فِي الشَّرْعِ هِيَ زَمَانُ النَّهَارِ كُلِّهِ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ زَمَانِ اللَّيْلِ مَعْلُومَةِ الْمِقْدَارِ مَحْدُودَةِ الْمَبْدَأِ، وَأَمَّا السَّاعَةُ فَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُسْتَوِيَةٌ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَهَذَا كَلَامٌ مُخْتَصَرٌ فِي تَعْرِيفِ السَّنَةِ وَالشَّهْرِ وَالْيَوْمِ وَالسَّاعَةِ.
فَنَقُولُ: أَمَّا السَّنَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ دَوْرَةِ الشَّمْسِ فَتَحْدُثُ بِسَبَبِهَا الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَصَلَتْ فِي الْحَمَلِ فَإِذَا تَرَكَتْ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى جَانِبِ الشَّمَالِ، أَخَذَ الْهَوَاءُ فِي جَانِبِ الشَّمَالِ شَيْئًا مِنَ السُّخُونَةِ لِقُرْبِهَا مِنْ مُسَامَتَةِ الرُّؤُوسِ، وَيَتَوَاتَرُ الْإِسْخَانُ إِلَى أَنْ تَصِلَ أَوَّلَ السَّرَطَانِ، وَتَشْتَدُّ الْحَرَارَةُ وَيَزْدَادُ الْحَرُّ مَا دَامَتْ فِي السَّرَطَانِ وَالْأَسَدِ لِقُرْبِهَا مِنْ سَمْتِ الرُّؤُوسِ، وَيَتَوَاتَرُ الْإِسْخَانُ، ثُمَّ يَنْعَكِسُ إِلَى أَنْ يَصِلَ الْمِيزَانَ:
وَحِينَئِذٍ يَطِيبُ الْهَوَاءُ وَيَعْتَدِلُ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْحَرُّ فِي النُّقْصَانِ وَالْبَرْدُ فِي الزِّيَادَةِ، وَلَا يَزَالُ يَزْدَادُ الْبَرْدُ إِلَى أَنْ تَصِلَ الشَّمْسُ إِلَى أَوَّلِ الْجَدْيِ، وَيَشْتَدُّ الْبَرْدُ حِينَئِذٍ لِبُعْدِهَا عَنْ سَمْتِ الرُّؤُوسِ، وَيَتَوَاتَرُ الْبَرْدُ ثُمَّ إِنَّ الشَّمْسَ تَأْخُذُ فِي الصُّعُودِ إِلَى نَاحِيَةِ الشَّمَالِ، وَمَا دَامَتْ فِي الْجَدْيِ وَالدَّلْوِ، فَالْبَرْدُ أَشَدُّ مَا يَكُونُ إِلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إِلَى الْحَمَلِ، فَحِينَئِذٍ يَطِيبُ الْهَوَاءُ وَيَعْتَدِلُ، وَعَادَتِ الشَّمْسُ إِلَى مَبْدَأِ حَرَكَتِهَا وَانْتَهَى زَمَانُ السَّنَةِ نِهَايَتَهُ، وَحَصَلَتِ الْفُصُولُ/ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي هِيَ الرَّبِيعُ وَالصَّيْفُ وَالْخَرِيفُ وَالشِّتَاءُ، وَمَنَافِعُ الْفُصُولِ الأربعة وتعاقبا ظَاهِرَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي الْكُتُبِ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست