responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 280
أَكَلَهُ فَلِهَذَا السَّبَبِ عَبَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِالْأَكْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: «الْبَاطِلُ» فِي اللُّغَةِ الزَّائِلُ الذَّاهِبُ، يُقَالُ: بَطَلَ الشَّيْءُ بُطُولًا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَجَمْعُ الْبَاطِلِ بَوَاطِلُ، وَأَبَاطِيلُ جَمْعُ أُبْطُولَةٍ، وَيُقَالُ: بَطَلَ الْأَجِيرُ يَبْطُلُ بَطَالَةً إِذَا تَعَطَّلَ وَاتَّبَعَ اللَّهْوَ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْإِدْلَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ إِدْلَاءِ الدَّلْوِ، وَهُوَ إِرْسَالُكَ إِيَّاهَا فِي الْبِئْرِ لِلِاسْتِقَاءِ يُقَالُ. أَدْلَيْتُ دَلْوِي أُدْلِيهَا إِدْلَاءً فَإِذَا اسْتَخْرَجْتَهَا قُلْتَ دَلَوْتُهَا قَالَ تَعَالَى: فَأَدْلى دَلْوَهُ [يُوسُفَ: 19] ، ثُمَّ جَعَلَ كُلَّ إِلْقَاءِ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ إِدْلَاءً، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْمُحْتَجِّ: أَدْلَى بِحُجَّتِهِ، كَأَنَّهُ يُرْسِلُهَا لِيَصِيرَ إِلَى مُرَادِهِ كَإِدْلَاءِ الْمُسْتَقِي الْوَلَدَ لِيَصِلَ إِلَى مَطْلُوبِهِ مِنَ الْمَاءِ، وَفُلَانٌ يُدْلِي إِلَى الْمَيِّتِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رَحِمٍ، إِذَا كَانَ مُنْتَسِبًا إِلَيْهِ فَيَطْلُبُ الْمِيرَاثَ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، طَلَبَ الْمُسْتَحِقِّ بِالدَّلْوِ الْمَاءَ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِنَّهُ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ النَّهْيِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ، وَلَا تُدْلُوا إِلَى الْحُكَّامِ، أَيْ لَا تُرْشُوهَا إِلَيْهِمْ لِتَأْكُلُوا طَائِفَةً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَفِي تَشْبِيهِ الرِّشْوَةِ بِالْإِدْلَاءِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرِّشْوَةَ رِشَاءُ الْحَاجَةِ، فَكَمَا أَنَّ الدَّلْوَ الْمَمْلُوءَ مِنَ الْمَاءِ يَصِلُ مِنَ الْبَعِيدِ إِلَى الْقَرِيبِ بِوَاسِطَةِ الرِّشَاءِ فَالْمَقْصُودُ الْبَعِيدُ يَصِيرُ قَرِيبًا بِسَبَبِ الرِّشْوَةِ وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَاكِمَ بِسَبَبِ أَخْذِ الرِّشْوَةِ يَمْضِي فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ كَمُضِيِّ الدَّلْوِ فِي الْإِرْسَالِ، ثُمَّ الْمُفَسِّرُونَ ذَكَرُوا وُجُوهًا أَحَدُهَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: الْمُرَادُ مِنْهُ الْوَدَائِعُ وَمَا لَا يَقُومُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ مَالُ الْيَتِيمِ فِي يَدِ الْأَوْصِيَاءِ يَدْفَعُونَ بَعْضَهُ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَبْقَى عَلَيْهِمْ بَعْضُهُ وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْحَاكِمِ شَهَادَةُ الزُّورِ، وَهُوَ قَوْلُ الْكَلْبِيِّ وَرَابِعُهَا: قَالَ الْحَسَنُ: الْمُرَادُ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ لِيُذْهِبَ حَقَّهُ وَخَامِسُهَا: هُوَ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الْحَاكِمِ رِشْوَةً، وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى الظَّاهِرِ، وَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا حمل اللفظ على الكل، لأنها بأسره أَكْلٌ بِالْبَاطِلِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَالْمَعْنَى وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ مُبْطِلُونَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الْقَبِيحِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ أَقْبَحُ، وَصَاحِبُهُ بِالتَّوْبِيخِ أَحَقُّ،
رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ، اخْتَصَمَ رَجُلَانِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَالِمٌ بِالْخُصُومَةِ وَجَاهِلٌ بِهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَالِمِ، فَقَالَ مَنْ قُضِيَ عَلَيْهِ: يَا رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّي مُحِقٌّ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أُعَاوِدُهُ، فَعَاوَدَهُ فَقَضَى لِلْعَالِمِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلًا ثُمَّ عَاوَدَهُ ثَالِثًا، ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِخُصُومَتِهِ فَإِنَّمَا اقْتَطَعَ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ»
فَقَالَ الْعَالِمُ الْمَقْضِيُّ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْحَقَّ حَقُّهُ، فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «من اقطع بخصومته وجد له حق غيره فليتبوأ مقعده من النار» .

[سورة البقرة (2) : آية 189]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)

الحكم التاسع
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 280
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست