responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 230
حَياةٌ
يُفِيدُ الرَّدْعَ عَنِ الْقَتْلِ وَعَنِ الْجَرْحِ وَغَيْرِهِمَا فَهُوَ أَجْمَعُ لِلْفَوَائِدِ وَخَامِسُهَا: أَنَّ نَفْيَ الْقَتْلِ مَطْلُوبٌ تَبَعًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُصُولَ الْحَيَاةِ، وَأَمَّا الْآيَةُ فَإِنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى حُصُولِ الْحَيَاةِ وَهُوَ مَقْصُودٌ أَصْلِيٌّ، فَكَانَ هَذَا أَوْلَى وَسَادِسُهَا: أَنَّ الْقَتْلَ ظُلْمًا قَتْلٌ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نَافِيًا لِلْقَتْلِ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لِزِيَادَةِ الْقَتْلِ، إِنَّمَا النَّافِي لِوُقُوعِ الْقَتْلِ هُوَ الْقَتْلُ الْمَخْصُوصُ وَهُوَ الْقِصَاصُ، فَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ بَاطِلٌ، أَمَّا الْآيَةُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ ظَاهِرًا وَتَقْدِيرًا، فَظَهَرَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْآيَةِ وَبَيْنَ كَلَامِ الْعَرَبِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: احْتَجَّتِ الْمُعْتَزِلَةُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْمَقْتُولَ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَوَجَبَ أَنْ يَمُوتَ. فَقَالُوا إِذَا كَانَ الَّذِي يُقْتَلُ يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ، فَهَبْ أَنَّ شَرْعَ الْقِصَاصِ يَزْجُرُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا عَنِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْقَتْلِ، لَكِنَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ يَمُوتُ سَوَاءٌ قَتَلَهُ هَذَا الْقَاتِلُ أَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ شَرْعُ الْقِصَاصِ مُفْضِيًا إِلَى حُصُولِ الْحَيَاةِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّا إِنَّمَا نَقُولُ فِيمَنْ قُتِلَ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ كَانَ يَمُوتُ لَا فِيمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ وَلَمْ يُقْتَلْ فَلَا يَلْزَمُ مَا قُلْتُمْ، قُلْنَا أَلَيْسَ إِنَّمَا يُقَالُ فِيمَنْ قُتِلَ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُ؟ فَإِذَا قُلْتُمْ: كَانَ يَمُوتُ فَقَدْ حَكَمْتُمْ فِي أَنَّ مِنْ حَقِّ كُلِّ وَقْتٍ صَحَّ وُقُوعُ قَتْلِهِ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ كَقَتْلِهِ، وَذَلِكَ يُصَحِّحُ مَا أَلْزَمْنَاكُمْ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِكُمُ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لو لم يقتله إما لأن مَنَعَهُ مَانِعٌ عَنِ الْقَتْلِ، أَوْ بِأَنْ خَافَ قَتْلَهُ أَنَّهُ كَانَ يَمُوتُ وَفِي ذَلِكَ صِحَّةُ مَا أَلْزَمْنَاكُمْ، هَذَا كُلُّهُ أَلْفَاظُ الْقَاضِي أَمَّا قوله تعالى: يا أُولِي الْأَلْبابِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْعُقَلَاءُ الَّذِينَ يَعَرِفُونَ الْعَوَاقِبَ وَيَعْلَمُونَ جِهَاتِ الْخَوْفِ، فَإِذَا أَرَادُوا الْإِقْدَامَ عَلَى قتل أعداءهم، وَعَلِمُوا أَنَّهُمْ يُطَالِبُونَ بِالْقَوَدِ صَارَ ذَلِكَ رَادِعًا لَهُمْ لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يُرِيدُ إِتْلَافَ غَيْرِهِ بِإِتْلَافِ نَفْسِهِ فَإِذَا خَافَ ذَلِكَ كَانَ خَوْفُهُ سَبَبًا لِلْكَفِّ وَالِامْتِنَاعِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا الْخَوْفَ إِنَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنَ الْفِكْرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِمَّنْ لَهُ عَقْلٌ يَهْدِيهِ إِلَى هَذَا الْفِكْرِ فَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ يَهْدِيهِ إِلَى هَذَا الْفِكْرِ لَا يَحْصُلُ لَهُ هَذَا الْخَوْفُ، فَلِهَذَا السَّبَبِ خَصَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِهَذَا الْخِطَابِ أُولِي الْأَلْبَابِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَفْظَةُ «لَعَلَّ» لِلتَّرَجِّي، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، وَجَوَابُهُ مَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الْبَقَرَةِ: 21] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْجُبَّائِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ مِنَ الْكُلِّ التَّقْوَى، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَعْلُومِ أَنَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ لَا يَتَّقُونَ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُجْبِرَةِ، وَقَدْ سَبَقَ جَوَابُهُ أَيْضًا فِي تِلْكَ الْآيَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُ الْحَسَنِ وَالْأَصَمِّ أَنَّ الْمُرَادَ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ نَفْسَ الْقَتْلِ بِخَوْفِ الْقِصَاصِ وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ التَّقْوَى مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ تَخْصِيصٌ لِلتَّقْوَى، فَحَمْلُهُ عَلَى الْكُلِّ أَوْلَى: وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا كَتَبَ عَلَى الْعِبَادِ الْأُمُورَ الشَّاقَّةَ مِنَ الْقِصَاصِ وَغَيْرِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَّقُوا النَّارَ بِاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي وَيَكُفُّوا عَنْهَا، فَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ المقصود الأصلي وجب حمل الكلام عليه.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست