responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 37
كَوْنِهِ مَمْنُوعًا مِنْ تَرْكِهِ وَالْجَمِيعُ مُحَالٌ.
أَمَّا قوله: مِنْ ذُرِّيَّتِي فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الذُّرِّيَّةُ: الْأَوْلَادُ وأولاد الأولاد للرجل وهو من ذرأ اللَّهِ الْخَلْقَ وَتَرَكُوا هَمْزَهَا لِلْخِفَّةِ كَمَا تَرَكُوا فِي الْبَرِّيَّةِ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ مَنْسُوبَةً إِلَى الذَّرِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي عُطِفَ عَلَى الْكَافِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَجَاعِلُ بَعْضِ ذُرِّيَّتِي كَمَا يُقَالُ لَكَ:
سَأُكْرِمُكَ، فَتَقُولُ: وَزَيْدًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ تَعَالَى أَعْلَمَهُ أَنَّ فِي ذُرِّيَّتِهِ أَنْبِيَاءَ فَأَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي كُلِّهِمْ أَوْ فِي بَعْضِهِمْ وَهَلْ يَصْلُحُ جَمِيعُهُمْ لِهَذَا الْأَمْرِ؟ فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ فِيهِمْ ظَالِمًا لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعْلَامِ وَلَمَّا لَمْ يَعْلَمْ عَلَى وَجْهِ الْمَسْأَلَةِ، فَأَجَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى صَرِيحًا بِأَنَّ النُّبُوَّةَ لَا تَنَالُ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ، فَإِنْ قِيلَ: هَلْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَأْذُونًا فِي قَوْلِهِ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي أَوْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِيهِ؟ فَإِنْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الدُّعَاءِ فَلِمَ رَدَّ دُعَاءَهُ؟ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ كَانَ ذَلِكَ ذَنْبًا، قُلْنَا: قَوْلُهُ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَلَبَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ ذُرِّيَّتِهِ أَئِمَّةً لِلنَّاسِ، وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ تَعَالَى إِجَابَةَ دُعَائِهِ فِي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ كَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَجَعَلَ آخِرَهُمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: قالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ: عَهْدِي بِإِسْكَانِ الْيَاءِ، وَالْبَاقُونَ بفتحها، / وقرأ بعضهم: لا ينال عهدي الظالمون أَيْ مَنْ كَانَ ظَالِمًا مِنْ ذُرِّيَّتِكَ فَإِنَّهُ لَا يَنَالُ عَهْدِي.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ذَكَرُوا فِي الْعَهْدِ وُجُوهًا: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا الْعَهْدَ هُوَ الْإِمَامَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا قَبْلُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ تِلْكَ الْإِمَامَةِ هُوَ النُّبُوَّةَ فَكَذَا وَإِلَّا فَلَا. وَثَانِيهَا: عَهْدِي أَيْ رَحْمَتِي عَنْ عَطَاءٍ. وَثَالِثُهَا: طَاعَتِي عَنِ الضَّحَّاكِ. وَرَابِعُهَا: أَمَانِي عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي طَلَبٌ لِتِلْكَ الْإِمَامَةِ الَّتِي وَعَدَهُ بِهَا بِقَوْلِهِ: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً فَقَوْلُهُ: لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ لَا يَكُونُ جَوَابًا عَنْ ذَلِكَ السُّؤَالِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهَذَا الْعَهْدِ تِلْكَ الْإِمَامَةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى سَيُعْطِي بَعْضَ وَلَدِهِ مَا سَأَلَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ الْجَوَابُ: لَا، أَوْ يَقُولُ: لَا يَنَالُ عَهْدِي ذُرِّيَّتَكَ، فَإِنْ قِيلَ: أَفَمَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَالِمًا بِأَنَّ النُّبُوَّةَ لَا تَلِيقُ بِالظَّالِمِينَ، قُلْنَا:
بَلَى، وَلَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَ ذُرِّيَّتِهِ، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ فِيهِمْ مَنْ هَذَا حَالُهُ وَأَنَّ النُّبُوَّةَ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنْ لَيْسَ بِظَالِمٍ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الرَّوَافِضُ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْقَدْحِ فِي إِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا كَافِرَيْنِ، فَقَدْ كَانَا حَالَ كُفْرِهِمَا ظَالِمَيْنِ، فَوَجَبَ أَنْ يَصْدُقَ عَلَيْهِمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَنَّهُمَا لَا يَنَالَانِ عَهْدَ الْإِمَامَةِ الْبَتَّةَ، وَإِذَا صَدَقَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّهُمَا لَا يَنَالَانِ عَهْدَ الْإِمَامَةِ الْبَتَّةَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ ثَبَتَ أَنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ لِلْإِمَامَةِ. الثَّانِي: أَنَّ مَنْ كَانَ مُذْنِبًا فِي الْبَاطِنِ كَانَ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِذَنْ مَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مَا كَانَا مِنَ الظَّالِمِينَ الْمُذْنِبِينَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَجَبَ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِإِمَامَتِهِمَا وَذَلِكَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست