responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 153
يُحْدِثْ؟ فَإِنْ أَحْدَثَ أَمْرًا فَذَلِكَ الْأَمْرُ الْحَادِثُ هُوَ الْمَخْلُوقُ، وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ أَمْرًا فَاللَّهُ تَعَالَى قَطُّ لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا.
وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْمُؤَثِّرِيَّةَ نِسْبَةٌ بَيْنَ ذَاتِ الْمُؤَثِّرِ وَذَاتِ الْأَثَرِ وَالنِّسْبَةُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ يَسْتَحِيلُ تَقْرِيرُهَا بِدُونِ الْمُنْتَسِبِ فَهَذِهِ الْمُؤَثِّرِيَّةُ إِنْ كَانَتْ حَادِثَةً لَزِمَ التَّسَلْسُلُ وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً كَانَتْ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحُصُولُ الْأَثَرِ إِمَّا فِي الْحَالِ أو في الاستقبال من لوازم هذا الصِّفَةِ الْقَدِيمَةِ الْعَظِيمَةِ وَلَازِمُ اللَّازِمِ لَازِمٌ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَثَرُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى قَادِرًا مُخْتَارًا بَلْ مُلْجِأً مُضْطَرًّا إِلَى ذَلِكَ التَّأْثِيرِ فَيَكُونُ عِلَّةً مُوجِبَةً وَذَلِكَ كُفْرٌ.
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْخَلْقَ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ بِوُجُوهٍ. أَوَّلُهَا: أَنْ قَالُوا: لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ خَالِقٌ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَشْيَاءَ، وَالْخَالِقُ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِالْخَلْقِ، فَلَوْ كَانَ الْخَلْقُ هُوَ الْمَخْلُوقُ لَزِمَ كَوْنُهُ تَعَالَى مَوْصُوفًا بِالْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي مِنْهَا الشَّيَاطِينُ وَالْأَبَالِسَةُ وَالْقَاذُورَاتُ، وَذَلِكَ/ لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ. وَثَانِيهَا: أَنَّا إِذَا رَأَيْنَا حَادِثًا حَدَثَ بعد أن لم يكن قلنا: لم وُجِدَ هَذَا الشَّيْءُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَإِذَا قِيلَ لَنَا إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ وَأَوْجَدَهُ قَبِلْنَا ذَلِكَ وَقُلْنَا: إِنَّهُ حَقٌّ وَصَوَابٌ، وَلَوْ قِيلَ إِنَّهُ إِنَّمَا وُجِدَ بِنَفْسِهِ لَقُلْنَا إِنَّهُ خَطَأٌ وَكُفْرٌ وَمُتَنَاقِضٌ، فَلَمَّا صَحَّ تَعْلِيلُ حدوثه بعد ما لَمْ يَكُنْ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ وَلَمْ يَصِحَّ تَعْلِيلُ حُدُوثِهِ بِحُدُوثِهِ بِنَفْسِهِ، عَلِمْنَا أَنَّ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ مُغَايِرٌ لِوُجُودِهِ فِي نفسه، فالخلق غير المخلوق. وثالثها: أنا نَعْرِفُ أَفْعَالَ الْعِبَادِ وَنَعْرِفُ اللَّهَ تَعَالَى وَقُدْرَتَهُ مَعَ أَنَّا لَا نَعْرِفُ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ أَهُوَ قُدْرَةُ اللَّهِ أَمْ هُوَ قُدْرَةُ الْعَبْدِ وَالْمَعْلُومُ غَيْرُ مَا هُوَ مَعْلُومٌ فَمُؤَثِّرِيَّةُ قُدْرَةِ الْقَادِرِ فِي وُقُوعِ الْمَقْدُورِ مُغَايِرَةٌ لِنَفْسِ تِلْكَ الْقُدْرَةِ وَلِنَفْسِ ذَلِكَ الْمَقْدُورِ، ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْمُغَايَرَةَ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ سَلْبِيَّةً لِأَنَّهُ نَقِيضُ الْمُؤَثِّرِيَّةِ الَّتِي هِيَ عَدَمِيَّةٌ، فَهَذِهِ الْمُؤَثِّرِيَّةُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى ذَاتِ الْمُؤَثِّرِ وَذَاتِ الْأَثَرِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ النُّحَاةَ قَالُوا: إِذْ قُلْنَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَالَمَ فَالْعَالَمُ لَيْسَ هُوَ الْمَصْدَرَ بَلْ هُوَ الْمَفْعُولُ بِهِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ خَلْقَ الْعَالَمِ غَيْرُ الْعَالِمِ. وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: خَلْقُ السواد وخلق البياض وخلق والجوهر وَخَلْقُ الْعَرَضِ فَمَفْهُومُ الْخَلْقِ أَمْرٌ وَاحِدٌ فِي الْكُلِّ مُغَايِرٌ لِهَذِهِ الْمَاهِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَقْسِيمُ الْخَالِقِيَّةِ إِلَى خَالِقِيَّةِ الْجَوْهَرِ وَخَالِقِيَّةِ الْعَرَضِ وَمَوْرِدُ التَّقْسِيمِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْأَقْسَامِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْخَلْقَ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ فَهَذَا جُمْلَةُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَصْلُ الْخَلْقِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ التَّقْدِيرُ وَصَارَ ذَلِكَ اسْمًا لِأَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى لَمَّا كَانَ جَمِيعُهَا صَوَابًا قَالَ تَعَالَى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً [الْفُرْقَانِ: 2] وَيَقُولُ النَّاسُ فِي كُلِّ أَمْرٍ مُحْكَمٍ هُوَ مَعْمُولٌ عَلَى تَقْدِيرٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ بِالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَأَنَّ التَّقْلِيدَ لَيْسَ طريقا ألبتة إِلَى تَحْصِيلِ هَذَا الْغَرَضِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: ذَكَرَ ابن جرير في سبب نزول هذه الْآيَةِ: عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَيْهِ: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [الْبَقَرَةِ: 163] فَقَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَيْفَ يَسَعُ النَّاسَ إِلَهٌ وَاحِدٌ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلَتْ قُرَيْشٌ الْيَهُودَ فَقَالُوا حَدِّثُونَا عَمَّا جَاءَكُمْ بِهِ مُوسَى مِنَ الْآيَاتِ فَحَدَّثُوهُمْ بِالْعَصَا وَبِالْيَدِ الْبَيْضَاءِ وَسَأَلُوا النَّصَارَى عَنْ ذَلِكَ فَحَدَّثُوهُمْ بِإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى فَقَالَتْ قُرَيْشٌ عِنْدَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا فَنَزْدَادَ يَقِينًا وَقُوَّةً عَلَى عَدُوِّنَا، فَسَأَلَ رَبَّهُ ذَلِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ وَلَكِنْ إِنْ كَذَّبُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَذَّبْتُهُمْ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست