responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 149
مَتْرُوكٌ، وَالشَّيْءُ الثَّانِي مَطْلُوبٌ وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ، فَأَنْتَ بَعْدُ خَارِجٌ عَنْ عَالَمِ الْفَرْدَانِيَّةِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ، فَأَمَّا إِذَا وَصَلْتَ إِلَى بَرْزَخِ عَالَمِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ، فَهُنَاكَ تَنْقَطِعُ الْحَرَكَاتُ، وَتَضْمَحِلُّ الْعَلَامَاتُ وَالْأَمَارَاتُ، وَلَمْ يَبْقَ فِي الْعُقُولِ وَالْأَلْبَابِ إِلَّا مُجَرَّدُ أَنَّهُ هُوَ، فَيَا هُوَ وَيَا مَنْ لَا هُوَ إِلَّا هُوَ أَحْسِنْ إِلَى عَبْدِكَ الضَّعِيفِ، فَإِنَّ عَبْدَكَ بِفِنَائِكَ وَمِسْكِينَكَ بِبَابِكَ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى إِضَافَتِهِ بِقَوْلِهِ: وَإِلهُكُمْ وَهَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْإِضَافَةُ فِي كُلِّ الْخَلْقِ أَوْ لَا تَصِحُّ إِلَّا فِي الْمُكَلَّفِ؟ قُلْنَا: لَمَّا كَانَ الْإِلَهُ هُوَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ مَعْبُودًا وَالَّذِي يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَكُونَ مَعْبُودًا بِهَذَا الْوَصْفِ، إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يُتَصَوَّرُ منه عبادة الله تعالى، فإذن هَذِهِ الْإِضَافَةَ صَحِيحَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ الْمُكَلَّفِينَ، وَإِلَى جَمِيعِ مَنْ تَصِحُّ صَيْرُورَتُهُ مُكَلَّفًا تَقْدِيرًا.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: وَإِلهُكُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْإِلَهِ مَا يَصِحُّ أَنْ تَدْخُلَهُ الْإِضَافَةُ فَلَوْ كَانَ مَعْنَى الْإِلَهِ الْقَادِرَ لَصَارَ الْمَعْنَى وَقَادِرُكُمْ قَادِرٌ وَاحِدٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ رَكِيكٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِلَهَ هُوَ الْمَعْبُودُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَوْلُهُ: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَاحِدٌ فِي الْإِلَهِيَّةِ، لِأَنَّ وُرُودَ لَفْظِ الْوَاحِدِ بَعْدَ لَفْظِ الْإِلَهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْوَحْدَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْإِلَهِيَّةِ لَا فِي غَيْرِهَا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ وَصْفِ الرَّجُلِ بِأَنَّهُ سَيِّدٌ وَاحِدٌ، وَبِأَنَّهُ عَالِمٌ وَاحِدٌ، وَلَمَّا قَالَ: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ أَمْكَنَ أَنْ يَخْطُرَ بِبَالِ أَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: هَبْ أَنَّ إِلَهَنَا وَاحِدٌ، فَلَعَلَّ إِلَهَ غَيْرِنَا مُغَايِرٌ لِإِلَهِنَا، فَلَا جَرَمَ أَزَالَ هَذَا الْوَهْمَ بِبَيَانِ التَّوْحِيدِ الْمُطْلَقِ، فَقَالَ: لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَنَا: لَا رَجُلَ يَقْتَضِي نَفْيَ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ، وَمَتَى انْتَفَتْ هَذِهِ الْمَاهِيَّةُ انْتَفَى جَمِيعُ أَفْرَادِهَا، إِذْ لَوْ حَصَلَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ تِلْكَ الْمَاهِيَّةِ فَمَتَى حَصَلَ ذَلِكَ الْفَرْدُ، فَقَدْ حَصَلَتِ الْمَاهِيَّةُ، وَذَلِكَ يُنَاقِضُ مَا دَلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ مِنِ انْتِفَاءِ الْمَاهِيَّةِ: فَثَبَتَ أَنَّ قَوْلَنَا: لَا رَجُلَ يَقْتَضِي النَّفْيَ الْعَامَّ الشَّامِلَ، فَإِذَا قِيلَ بَعْدُ: إِلَّا زَيْدًا، أَفَادَ التَّوْحِيدَ التَّامَّ الْمُحَقَّقَ وَفِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ أَبْحَاثٌ. أَحَدُهَا: أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ النَّحْوِيِّينَ قَالُوا: الْكَلَامُ فِيهِ حَذْفٌ وَإِضْمَارٌ وَالتَّقْدِيرُ: لَا إِلَهَ لَنَا، أَوْ لَا إِلَهَ فِي الْوُجُودِ إِلَّا اللَّهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلتَّوْحِيدِ الْحَقِّ وَذَلِكَ لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: التَّقْدِيرُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ لَنَا إِلَّا اللَّهُ، لَكَانَ هَذَا توحيداً لإلهنا لا توحيد لِلْإِلَهِ الْمُطْلَقِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَبْقَى بَيْنَ قَوْلِهِ: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَرْقٌ، فَيَكُونُ ذَلِكَ تَكْرَارًا مَحْضًا، وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا: التَّقْدِيرُ لَا إِلَهَ فِي الْوُجُودِ، فَذَلِكَ الْإِشْكَالُ زَائِلٌ، إِلَّا أَنَّهُ يَعُودُ الْإِشْكَالُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وذلك لأنك إذا قلنا: لَا إِلَهَ فِي الْوُجُودِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كَانَ هَذَا نَفْيًا لِوُجُودِ الْإِلَهِ الثَّانِي، أَمَّا لَوْ لَمْ يُضْمَرْ هَذَا الْإِضْمَارُ كَانَ قَوْلُكَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ نَفْيًا لِمَاهِيَّةِ الْإِلَهِ الثَّانِي، وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَفْيَ الْمَاهِيَّةِ أَقْوَى فِي التَّوْحِيدِ الصِّرْفِ مِنْ نَفْيِ الْوُجُودِ، فَكَانَ إِجْرَاءُ الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْ هَذَا الْإِضْمَارِ أَوْلَى، فَإِنْ قِيلَ: نَفْيُ الْمَاهِيَّةِ كَيْفَ يُعْقَلُ؟ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ السَّوَادُ لَيْسَ بِسَوَادٍ، كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا بِأَنَّ السَّوَادَ لَيْسَ بِسَوَادٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْقُولٍ، أَمَّا إِذَا قُلْتَ: السَّوَادُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، فَهَذَا مَعْقُولٌ مُنْتَظِمٌ مُسْتَقِيمٌ، قُلْنَا: بِنَفْيِ الْمَاهِيَّةِ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: السَّوَادُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، فَقَدْ نَفَيْتَ الْوُجُودَ، وَالْوُجُودُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وُجُودُ مَاهِيَّةٍ، فَإِذَا نَفَيْتَهُ فَقَدْ نَفَيْتَ هَذِهِ الْمَاهِيَّةَ الْمُسَمَّاةَ بِالْوُجُودِ، فَإِذَا عُقِلَ نَفْيُ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، فَلِمَ لَا يُعْقَلُ نَفْيُ تِلْكَ الْمَاهِيَّةِ أَيْضًا، فَإِذَا عُقِلَ ذَلِكَ صَحَّ إِجْرَاءُ قَوْلِنَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى الْإِضْمَارِ، فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّا إِذَا قُلْنَا السَّوَادُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، فَمَا نَفَيْتَ الْمَاهِيَّةَ وَمَا نَفَيْتَ الْوُجُودَ، وَلَكِنْ نَفَيْتَ مَوْصُوفِيَّةَ الْمَاهِيَّةِ بِالْوُجُودِ، قُلْتُ: فَمَوْصُوفِيَّةُ الْمَاهِيَّةِ بِالْوُجُودِ، هَلْ هِيَ أَمْرٌ مُنْفَصِلٌ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست