responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 141
يَتَمَكَّنُ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ مَكْتُومًا، وَإِذَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْكِتْمَانِ لم يجب على الباقيين إِظْهَارُهُ مَرَّةً أُخْرَى.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يَحْتَجُّ بِهَذِهِ الْآيَاتِ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فَقَالَ: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى أَنَّ إِظْهَارَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ وَاجِبٌ، وَلَوْ لَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِهَا لَمْ يَكُنْ إِظْهَارُهَا وَاجِبًا وَتَمَامُ التَّقْرِيرِ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا [الْبَقَرَةِ: 160] فَحَكَمَ بِوُقُوعِ الْبَيَانِ بِخَبَرِهِمْ فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مَنْهِيًّا عَنِ الكتمان ومأمور بِالْبَيَانِ لِيَكْثُرَ الْمُخْبِرُونَ فَيَتَوَاتَرَ الْخَبَرُ؟
قُلْنَا: هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُمْ مَا نُهُوا عَنِ الْكِتْمَانِ إِلَّا وَهُمْ مِمَّنْ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الْكِتْمَانُ وَمَنْ جَازَ مِنْهُمُ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكِتْمَانِ جَازَ مِنْهُمُ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْوَضْعِ وَالِافْتِرَاءِ فَلَا يَكُونُ خَبَرُهُمْ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمَّا دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ التَّعْلِيمِ كَانَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ أَخْذًا لِلْأُجْرَةِ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبِ وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا [البقرة: 174] وظاهر ذلك بمنع أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْإِظْهَارِ وَعَلَى الْكِتْمَانِ جَمِيعًا لأن قوله: وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا [البقرة: 174] مَانِعٌ أَخَذَ الْبَدَلِ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ قيل فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنَ الْأَحْكَامِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْمَنْزِلِ الْأَوَّلِ مَا فِي كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالثَّانِي: مَا فِي الْقُرْآنِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ فَاللَّعْنَةُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ هِيَ الْإِبْعَادُ وَفِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْإِبْعَادُ مِنَ الثَّوَابِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ فَيَجِبُ أَنْ يحمل على من للعنة تَأْثِيرٌ، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ كَذَلِكَ فَهُمْ دَاخِلُونَ تَحْتَ هَذَا الْعُمُومِ لَا مَحَالَةَ، وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [الْبَقَرَةِ: 161] وَالنَّاسُ ذَكَرُوا وُجُوهًا أُخَرَ.
أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّاعِنِينَ هُمْ دَوَابُّ الْأَرْضِ وَهَوَامُّهَا، فَإِنَّهَا تَقُولُ: مُنِعْنَا الْقَطَرَ بِمَعَاصِي بَنِي آدَمَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَإِنَّمَا قَالَ: اللَّاعِنُونَ وَلَمْ يَقُلِ اللَّاعِنَاتُ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَهَا بِصِفَةِ مَنْ يَعْقِلُ فَجَمَعَهَا جَمْعَ مَنْ يَعْقِلُ كَقَوْلِهِ:
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ [يُوسُفَ: 4] ويا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ [النَّمْلِ: 18] وقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا [فُصِّلَتْ: 21] ، وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [الأنبياء: 33] . وَثَانِيهَا: كُلُّ شَيْءٍ سِوَى الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ اللَّعْنُ مِنَ الْبَهَائِمِ وَالْجَمَادَاتِ؟ قُلْنَا: عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَاقِلَةً لَكَانَتْ تَلْعَنُهُمْ. الثَّانِي: أَنَّهَا فِي الْآخِرَةِ إِذَا أُعِيدَتْ وَجُعِلَتْ مِنَ الْعُقَلَاءِ فَإِنَّهَا تَلْعَنُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَمَاتَ عَلَيْهِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ أَهْلَ النَّارِ/ يَلْعَنُونَهُمْ أَيْضًا حَيْثُ كَتَمُوهُمُ الدِّينَ، فَهُوَ عَلَى الْعُمُومِ. وَرَابِعُهَا: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا تَلَاعَنَ الْمُتَلَاعِنَانِ وَقَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقٌّ رَجَعَتْ عَلَى الْيَهُودِ الَّذِينَ كَتَمُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَخَامِسُهَا: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ لَهُمْ لَعْنَتَيْنِ: لَعْنَةَ اللَّهِ. وَلَعْنَةَ الْخَلَائِقِ. قَالَ: وَذَلِكَ إِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ فِي قَبْرِهِ فَيُسْأَلُ: مَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ وَمَنْ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست