responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 12
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَامِلِ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ.
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ ثَانِي مَفْعُولَيْ مَنَعَ لِأَنَّكَ تَقُولُ: مَنَعْتُهُ كَذَا، وَمِثْلُهُ: وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ [الْإِسْرَاءِ: 59] ، وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا [الْإِسْرَاءِ: 94] . الثَّانِي: قَالَ الْأَخْفَشُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ (مِنْ) كَأَنَّهُ قِيلَ:
مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ مَسَاجِدَ اللَّهِ. الرَّابِعُ: قَالَ الزَّجَّاجُ:
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى كَرَاهَةَ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، وَالْعَامِلُ فِيهِ (مَنَعَ) .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: السَّعْيُ فِي تَخْرِيبِ الْمَسْجِدِ قَدْ يَكُونُ لِوَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: مَنْعُ الْمُصَلِّينَ وَالْمُتَعَبِّدِينَ وَالْمُتَعَهِّدِينَ لَهُ مِنْ دُخُولِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَخْرِيبًا. وَالثَّانِي: بِالْهَدْمِ وَالتَّخْرِيبِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُتَأَوَّلَ عَلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ التَّخْرِيبُ لِأَنَّ مَنْعَ النَّاسِ مِنْ إِقَامَةِ شِعَارِ الْعِبَادَةِ فِيهِ يَكُونُ تَخْرِيبًا لَهُ، وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَهُ مَوْضِعُ صَلَاةٍ فَخَرَّبَتْهُ قُرَيْشٌ لَمَّا هَاجَرَ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَفِيهِ إِشْكَالٌ لِأَنَّ الشِّرْكَ ظُلْمٌ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَانَ: 13] مَعَ أَنَّ الشِّرْكَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ، وَكَذَا الزِّنَا وَقَتْلُ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ: أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّهُ عَامٌّ دَخَلَهُ/ التَّخْصِيصُ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولئِكَ مَا كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ فَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْآيَةِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَسَعَوْا فِي تَخْرِيبِ الْمَسْجِدِ هُمُ الَّذِينَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ دُخُولُهُ إِلَّا خَائِفِينَ، وَأَمَّا مَنْ يَجْعَلُهُ عَامًّا فِي الْكُلِّ فَذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْخَوْفِ وُجُوهًا. أَحَدُهَا: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ إِلَّا خَائِفِينَ عَلَى حَالِ الْهَيْبَةِ وارتعاد الفرائض مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَبْطِشُوا بِهِمْ فَضْلًا أَنْ يَسْتَوْلُوا عَلَيْهِمْ وَيَمْنَعُوا الْمُؤْمِنِينَ مِنْهَا، وَالْمَعْنَى مَا كَانَ الْحَقُّ وَالْوَاجِبُ إِلَّا ذَلِكَ لَوْلَا ظُلْمُ الْكَفَرَةِ وَعُتُوُّهُمْ. وَثَانِيهَا: أَنَّ هَذَا بِشَارَةٌ مِنَ اللَّهِ لِلْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُ سَيُظْهِرُهُمْ عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَعَلَى سَائِرِ الْمَسَاجِدِ، وَأَنَّهُ يُذِلُّ الْمُشْرِكِينَ لَهُمْ حَتَّى لَا يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلَّا خَائِفًا يَخَافُ أَنْ يُؤْخَذَ فَيُعَاقَبَ، أَوْ يُقْتَلَ إِنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَقَدْ أَنْجَزَ اللَّهُ صِدْقَ هَذَا الْوَعْدِ فَمَنَعَهُمْ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَنَادَى فِيهِمْ عَامَ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَلَا لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَحَجَّ مِنَ الْعَامِ الثَّانِي ظَاهِرًا عَلَى الْمَسَاجِدِ لَا يَجْتَرِئُ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَحُجَّ وَيَدْخُلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَهَذَا هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي مُسْلِمٍ فِي حَمْلِ الْمَنْعِ مِنَ الْمَسَاجِدِ عَلَى صَدِّهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَيُحْمَلُ هَذَا الْخَوْفُ عَلَى ظُهُورِ أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَلَبَتِهِ لَهُمْ بِحَيْثُ يَصِيرُونَ خَائِفِينَ مِنْهُ وَمِنْ أُمَّتِهِ. وَثَالِثُهَا: أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الْخَوْفُ عَلَى مَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الصَّغَارِ وَالذُّلِّ بِالْجِزْيَةِ وَالْإِذْلَالِ. وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ دُخُولُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَّا فِي أَمْرٍ يَتَضَمَّنُ الْخَوْفَ نَحْوَ أَنْ يَدْخُلُوا لِلْمُخَاصَمَةِ وَالْمُحَاكَمَةِ وَالْمُحَاجَّةِ، لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الْخَوْفَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ [التَّوْبَةِ: 17] . وَخَامِسُهَا:
قَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: قَوْلُهُ: إِلَّا خائِفِينَ بِمَعْنَى أَنَّ النَّصَارَى لَا يَدْخُلُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ إِلَّا خَائِفِينَ، وَلَا يُوجِدُ فِيهِ نَصْرَانِيٌّ إِلَّا أُوجِعَ ضَرْبًا وَهَذَا التَّأْوِيلُ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ بَقِيَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ فِي أَيْدِي النَّصَارَى بِحَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الدُّخُولِ فِيهِ إِلَّا خَائِفًا، إِلَى أَنِ اسْتَخْلَصَهُ الْمَلِكُ صَلَاحُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي زَمَانِنَا. وَسَادِسُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: مَا كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْخَبَرِ لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ النَّهْيُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 12
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست