responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 109
أَمَّا قَوْلُهُ: وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ قَالَ الْقَفَّالُ: هَذَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَالِ وَعَلَى الِاسْتِقْبَالِ، أَمَّا عَلَى الْحَالِ فَمِنْ وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى قِبْلَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُمْكِنَ إِرْضَاؤُهُمْ بِاتِّبَاعِهَا.
الثَّانِي: أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِكَ مُتَبَايِنُونَ فِي الْقِبْلَةِ فَكَيْفَ يَدْعُونَكَ إِلَى تَرْكِ قِبْلَتِكَ مَعَ أَنَّهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ مُخْتَلِفُونَ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا إِبْطَالٌ لِقَوْلِهِمْ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ أَنْ تَخْتَلِفَ قِبْلَتَاهُمَا لِلْمَصْلَحَةِ جَازَ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ فِي ثَالِثٍ، وَأَمَّا حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ فَفِيهِ إِشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَدِ اتَّبَعَ قِبْلَةَ الْآخَرِ لَكِنَّ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ فَيُفْضِي إِلَى الْخُلْفِ، وَجَوَابُهُ أَنَّا إِنْ حَمَلْنَا أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى عُلَمَائِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يَتَّبِعُ قِبْلَةَ الْآخَرِ فَالْخُلْفُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْكُلِّ قُلْنَا إِنَّهُ عَامٌّ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْهَوَى الْمَقْصُورُ هُوَ مَا يَمِيلُ إِلَيْهِ الطَّبْعُ وَالْهَوَاءُ الْمَمْدُودُ مَعْرُوفٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الْمُخَاطَبِ بِهَذَا الْخِطَابِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: الرَّسُولُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الرَّسُولُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ غَيْرُهُ، لِأَنَّهُ تَعَالَى عَرَفَ أَنَّ الرَّسُولَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخُصَّهُ بِهَذَا الْخِطَابِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّالِثُ خَطَأٌ لِأَنَّ كُلَّ مَا لَوْ وَقَعَ مِنَ الرَّسُولِ لَقَبُحَ، وَالْإِلْجَاءُ عَنْهُ مُرْتَفِعٌ، فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلُّ مَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ وَجَبَ أَنْ لَا يَنْهَاهُ عَنْهُ، لَكَانَ مَا عَلِمَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ وَجَبَ أَنْ لَا يَأْمُرَهُ/ بِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ النَّبِيُّ مَأْمُورًا بِشَيْءٍ وَلَا مَنْهِيًّا عَنْ شَيْءٍ وَأَنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ بَاطِلٌ. وَثَانِيهَا: لَوْلَا تَقَدُّمُ النَّهْيِ وَالتَّحْذِيرِ لَمَا احْتَرَزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الِاحْتِرَازُ مَشْرُوطًا بِذَلِكَ النَّهْيِ وَالتَّحْذِيرِ فَكَيْفَ يَجْعَلُ ذَلِكَ الِاحْتِرَازَ مُنَافِيًا لِلنَّهْيِ وَالتَّحْذِيرِ. وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنَ النَّهْيِ وَالْوَعِيدِ أَنْ يَتَأَكَّدَ قُبْحُ ذَلِكَ فِي الْعَقْلِ، فَيَكُونُ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّأْكِيدُ وَلَمَّا حَسُنَ مِنَ اللَّهِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنْوَاعِ الدَّلَائِلِ الدالة على التوحيد بعد ما قَرَّرَهَا فِي الْعُقُولِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ تَأْكِيدُ الْعَقْلِ بِالنَّقْلِ فَأَيُّ بُعْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْغَرَضِ هاهنا. ورابعها: قَوْلُهُ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ [الْأَنْبِيَاءِ: 29] مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ عِصْمَتِهِمْ فِي قَوْلِهِ: يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النَّحْلِ: 50] وَقَالَ فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزُّمَرِ: 65] وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا أَشْرَكَ وَمَا مَالَ إليه، وقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ [الْأَحْزَابِ: 1] وَقَالَ تَعَالَى: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [الْقَلَمِ: 9] وَقَالَ: بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ [الْمَائِدَةِ: 67] وَقَوْلُهُ: وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الْأَنْعَامِ: 14] فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَنْهِيٌّ عَنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ غَيْرَهُ أَيْضًا مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَيْسَ مِنْ خَوَاصِّ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: فَلِمَ خَصَّهُ بِالنَّهْيِ دُونَ غَيْرِهِ؟ فَنَقُولُ فِيهِ وُجُوهٌ، أَحَدُهَا: أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ نِعَمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَكْثَرُ، كَانَ صُدُورُ الذَّنْبِ مِنْهُ أَقْبَحَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَكْثَرُ فَكَانَ حُصُولُ الذَّنْبِ مِنْهُ أَقْبَحَ فَكَانَ أَوْلَى بِالتَّخْصِيصِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ مَزِيدَ الْحُبِّ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِمَزِيدِ التَّحْذِيرِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ الرَّجُلَ الْحَازِمَ إِذَا أَقْبَلَ عَلَى أَكْبَرِ أَوْلَادِهِ وَأَصْلَحِهِمْ فَزَجَرَهُ عَنْ أَمْرٍ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست