responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 212
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سِينِينَ الْمُبَارَكُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الْجَبَلُ الْمُشَجَّرُ ذُو الشَّجَرِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كُلُّ جَبَلٍ فِيهِ شَجَرٌ مُثْمِرٌ فَهُوَ سِينِينَ وَسِينَا بِلُغَةِ النَّبَطِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ سِينِينَ اسْمًا لِلْمَكَانِ الَّذِي بِهِ الْجَبَلُ، ثُمَّ لِذَلِكَ سُمِّيَ سِينِينَ أَوْ سِينَا لِحُسْنِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُبَارَكًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سِينِينَ نَعْتًا لِلطُّورِ لِإِضَافَتِهِ إِلَيْهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ فَالْمُرَادُ مَكَّةُ وَالْأَمِينُ: الْآمِنُ قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : مِنْ أَمِنَ الرَّجُلَ أَمَانَةً فَهُوَ أَمِينٌ وَأَمَانَتُهُ أَنْ يَحْفَظَ مَنْ دَخَلَهُ كَمَا يَحْفَظُ الْأَمِينُ مَا يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعِيلًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِنْ أَمِنَهُ لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْغَوَائِلِ، كَمَا وُصِفَ بِالْأَمْنِ فِي قوله: حَرَماً آمِناً [العنكبوت: 67] يَعْنِي ذَا أَمْنٍ، وَذَكَرُوا فِي كَوْنِهِ أَمِينًا وُجُوهًا أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَفِظَهُ عَنِ الْفِيلِ عَلَى مَا يَأْتِيكَ شَرْحُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَثَانِيهَا: أَنَّهَا تَحْفَظُ لَكَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ فَمُبَاحُ الدَّمِ عِنْدَ الِالْتِجَاءِ إِلَيْهَا آمِنٌ مِنَ السِّبَاعِ وَالصُّيُودُ تَسْتَفِيدُ مِنْهَا الْحِفْظَ عِنْدَ الِالْتِجَاءِ إِلَيْهَا وَثَالِثُهَا: مَا
رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ، وَيَقُولُ: أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَا إِنَّهُ يَضُرُّ وَيَنْفُعُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَخَذَ عَلَى ذُرِّيَّةِ آدَمَ الْمِيثَاقَ كَتَبَهُ فِي رِقٍّ أَبْيَضَ، وَكَانَ لِهَذَا الرُّكْنِ يَوْمَئِذٍ لِسَانٌ وَشَفَتَانِ وَعَيْنَانِ، فَقَالَ: افْتَحْ فَاكَ فَأَلْقَمَهُ ذَلِكَ الرِّقَّ وَقَالَ: تَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاكَ بِالْمُوَافَاةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا بَقِيتُ فِي قوم لست فيهم يا أبا الحسن.
ثم قال تعالى:

[سورة التين (95) : آية 4]
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
الْمُرَادُ من الإنسان هذه الماهية والتقويم تصبير الشَّيْءِ عَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي التَّأْلِيفِ وَالتَّعْدِيلِ، يُقَالُ:
قَوَّمْتُهُ تَقْوِيمًا فَاسْتَقَامَ وَتَقَوَّمَ، وَذَكَرُوا فِي شَرْحِ ذَلِكَ الْحُسْنِ وُجُوهًا أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ كُلَّ ذِي رُوحٍ مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ إِلَّا الْإِنْسَانَ فَإِنَّهُ تَعَالَى خَلَقَهُ مَدِيدَ الْقَامَةِ يَتَنَاوَلُ مَأْكُولَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ الْأَصَمُّ: فِي أَكْمَلِ عَقْلٍ وَفَهْمٍ وَأَدَبٍ وَعِلْمٍ وَبَيَانٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ رَاجِعٌ إِلَى الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ، وَالثَّانِي إِلَى/ السِّيرَةِ الْبَاطِنَةِ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ الْقَاضِي أَنَّهُ فَسَّرَ التَّقْوِيمَ بِحُسْنِ الصُّورَةِ، فَإِنَّهُ حَكَى أَنَّ مَلِكَ زَمَانِهِ خَلَا بِزَوْجَتِهِ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَكُونِي أَحْسَنَ مِنَ الْقَمَرِ فَأَنْتِ كَذَا، فَأَفْتَى الْكُلُّ بِالْحِنْثِ إِلَّا يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَحْنَثُ، فَقِيلَ لَهُ: خَالَفْتَ شُيُوخَكَ، فَقَالَ: الْفَتْوَى بِالْعِلْمِ وَلَقَدْ أَفْتَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنَّا وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَكَانَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ يَقُولُ: إِلَهَنَا أَعْطَيْتَنَا فِي الْأُولَى أَحْسَنَ الْأَشْكَالِ، فَأَعْطِنَا فِي الْآخِرَةِ أَحْسَنَ الْفِعَالِ، وَهُوَ الْعَفْوُ عَنِ الذُّنُوبِ، وَالتَّجَاوُزُ عَنِ الْعُيُوبِ. أما قوله تعالى:

[سورة التين (95) : آية 5]
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (5)
فَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ أَرْذَلَ الْعُمُرِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: السَّافِلُونَ هُمُ الضُّعَفَاءُ وَالزَّمْنَى، وَمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ حِيلَةً وَلَا يَجِدُ سَبِيلًا، يُقَالُ: سَفَلَ يَسْفُلُ فَهُوَ سَافِلٌ وَهُمْ سَافِلُونَ، كَمَا يُقَالُ: عَلَا يَعْلُو فَهُوَ عَالٍ وَهُمْ عَالُونَ، أَرَادَ أَنَّ الْهَرِمَ يُخَرِّفُ وَيَضْعُفُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعَقْلُهُ وَتَقِلُّ حِيلَتُهُ وَيَعْجِزُ عَنْ عَمَلِ الصَّالِحَاتِ، فَيَكُونُ أَسْفَلَ الْجَمِيعِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَوْ كَانَتْ أَسْفَلَ سَافِلٍ لَكَانَ صَوَابًا، لِأَنَّ لَفْظَ الْإِنْسَانِ وَاحِدٌ، وَأَنْتَ تَقُولُ: هَذَا أَفْضَلُ قَائِمٍ وَلَا تَقُولُ: أَفْضَلُ قَائِمِينَ، إِلَّا أَنَّهُ قِيلَ: سَافِلِينَ عَلَى الْجَمْعِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي مَعْنَى جَمْعٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [الزُّمَرِ:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست