responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 110
وَكَانُوا مُتَمَسِّكِينَ بِكِتَابِهِمْ وَكَانَتِ الْخَمْرُ قَدْ أُحِلِّتْ لَهُمْ فَتَنَاوَلَهَا بَعْضُ مُلُوكِهَا فَسَكِرَ فَوَقَعَ عَلَى أُخْتِهِ فَلَمَّا صَحَا نَدِمَ وَطَلَبَ الْمَخْرَجَ فَقَالَتْ لَهُ: الْمَخْرَجُ أَنْ تَخْطُبَ النَّاسَ فَتَقُولُ: إِنِ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحَلَّ نِكَاحَ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ تَخْطُبُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَقُولُ: بَعْدَ ذَلِكَ حَرَّمَهُ، فَخَطَبَ فَلَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُ: ابْسُطْ فِيهِمُ السَّوْطَ فَلَمْ يَقْبَلُوا، فَقَالَتِ:
ابْسُطْ فِيهِمُ السَّيْفَ فَلَمْ يَقْبَلُوا، فَأَمَرَتْهُ بِالْأَخَادِيدِ وَإِيقَادِ النِّيرَانِ وَطَرْحِ مَنْ أَتَى فِيهَا الَّذِينَ أَرَادَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ.
الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ وَقَعَ إِلَى نَجْرَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ عَلَى دِينِ عِيسَى فَدَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ فَصَارَ إِلَيْهِمْ ذُو نُوَاسٍ الْيَهُودِيُّ بِجُنُودٍ مِنْ حِمْيَرَ فَخَيَّرَهُمْ بَيْنَ النَّارِ وَالْيَهُودِيَّةِ فَأَبَوْا، فَأَحْرَقَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فِي الْأَخَادِيدِ، وَقِيلَ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَذُكِرَ أَنَّ طُولَ الْأُخْدُودِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضَهُ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا،
وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ»
فَإِنْ قِيلَ: تَعَارُضُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهَا، قُلْنَا: لَا تَعَارُضَ فَقِيلَ: إِنَّ هَذَا كَانَ فِي ثَلَاثِ طَوَائِفَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَرَّةً بِالْيَمَنِ، وَمَرَّةً بِالْعِرَاقِ، وَمَرَّةً بِالشَّامِ، وَلَفْظُ الْأُخْدُودِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا إِلَّا أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْجَمْعُ وَهُوَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ الْقَفَّالُ: ذَكَرُوا فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ رِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةً وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مَا يَصِحُّ إِلَّا أَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ فِي أَنَّهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ خَالَفُوا قَوْمَهُمْ أَوْ مَلِكًا كَافِرًا/ كَانَ حَاكِمًا عَلَيْهِمْ فَأَلْقَاهُمْ فِي أُخْدُودٍ وَحَفَرَ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ تِلْكَ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ مَشْهُورَةً عِنْدَ قُرَيْشٍ فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ لِأَصْحَابِ رَسُولِهِ تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى مَا يَلْزَمُهُمْ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى دِينِهِمْ وَاحْتِمَالِ الْمَكَارِهِ فِيهِ فَقَدْ كَانَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى حَسَبِ مَا اشْتَهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ مِنْ مُبَالَغَتِهِمْ فِي إِيذَاءِ عَمَّارٍ وَبِلَالٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْأُخْدُودُ: الشَّقُّ فِي الْأَرْضِ يُحْفَرُ مُسْتَطِيلًا وَجَمْعُهُ الْأَخَادِيدُ وَمَصْدَرُهُ الْخَدُّ وَهُوَ الشَّقُّ يُقَالُ: خَدَّ فِي الْأَرْضِ خَدًّا وَتَخَدَّدَ لَحْمُهُ إِذَا صَارَ طَرَائِقَ كَالشُّقُوقِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِأَصْحَابِ الْأُخْدُودِ الْقَاتِلِينَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِمُ الْمَقْتُولِينَ، وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ أَنَّ الْمَقْتُولِينَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَرُوِيَ أَيْضًا أَنَّ الْمَقْتُولِينَ هُمُ الْجَبَابِرَةُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَلْقَوُا الْمُؤْمِنِينَ فِي النَّارِ عَادَتِ النَّارُ عَلَى الْكَفَرَةِ فَأَحْرَقَتْهُمْ وَنَجَّى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهَا سَالِمِينَ، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَالْوَاقِدِيُّ وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ: فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ [البروج: 10] أَيْ لَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ فِي الدُّنْيَا. إِذَا عَرَفْتَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ فَنَقُولُ: ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ وُجُوهًا ثَلَاثَةً وَذَلِكَ لِأَنَّا إِمَّا أَنْ نُفَسِّرَ أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ بِالْقَاتِلِينَ أَوْ بِالْمَقْتُولِينَ. أَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَفِيهِ تَفْسِيرَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ هَذَا دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ أَيْ لُعِنَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُتِلَ الْإِنْسانُ مَا أَكْفَرَهُ [عَبَسَ: 17] قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ [الذَّارِيَاتِ: 10] وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ أُولَئِكَ الْقَاتِلِينَ قُتِلُوا بِالنَّارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْجَبَابِرَةَ لَمَّا أَرَادُوا قَتْلَ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّارِ عَادَتِ النَّارُ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَتْهُمْ، وَأَمَّا إِذَا فَسَّرْنَا، أَصْحَابَ الْأُخْدُودِ بِالْمَقْتُولِينَ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّ أُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلُوا بِالْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ خَبَرًا لَا دُعَاءً.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قُرِئَ قُتِّلَ بِالتَّشْدِيدِ. أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: النَّارُ إِنَّمَا تَكُونُ عَظِيمَةً إِذَا كَانَ هُنَاكَ شَيْءٌ يَحْتَرِقُ بِهَا إِمَّا حَطَبٌ أَوْ غَيْرُهُ، فَالْوَقُودُ اسْمٌ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست