responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 722
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْإِنْسَانِ إِنْسَانٌ مُعَيَّنٌ،
رُوِيَ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ خَتَنَ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ، وَهُمَا اللَّذَانِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِيهِمَا: «اللَّهُمَّ اكْفِنِي شَرَّ جَارَيِ السُّوءِ» قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُحَمَّدُ حَدِّثْنِي عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَتَى يَكُونُ وَكَيْفَ أَمْرُهُ؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَوْ عَايَنْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ أُصَدِّقْكَ يَا مُحَمَّدُ وَلَمْ أُؤْمِنْ بِكَ كَيْفَ يَجْمَعُ اللَّهُ الْعِظَامَ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآية،
وقال ابن عباس: يريد الإنسان هاهنا أَبَا جَهْلٍ، وَقَالَ جَمْعٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ: بَلِ الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ الْمُكَذِّبُ بِالْبَعْثِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
الْمَسْأَلَةُ الثالثة: قرأ قتادة: أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَافِرَ ظَنَّ أَنَّ الْعِظَامَ بَعْدَ تَفَرُّقِهَا وَصَيْرُورَتِهَا تُرَابًا واختلاط تلك الأجزاء بغيرها وبعد ما نَسَفَتْهَا الرِّيَاحُ وَطَيَّرَتْهَا فِي أَبَاعِدِ الْأَرْضِ لَا يُمْكِنُ جَمْعُهَا مَرَّةً أُخْرَى وَقَالَ تَعَالَى فِي جَوَابِهِ: بَلى فَهَذِهِ الْكَلِمَةُ أَوْجَبَتْ مَا بَعْدَ النَّفْيِ وَهُوَ الْجَمْعُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: بَلْ يَجْمَعُهَا، وَفِي قَوْلِهِ: قادِرِينَ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي نَجْمَعُ أَيْ نَجْمَعُ الْعِظَامَ قَادِرِينَ عَلَى تَأْلِيفِهَا جَمِيعِهَا وَإِعَادَتِهَا إِلَى التَّرْكِيبِ الْأَوَّلِ وَهَذَا الْوَجْهُ عِنْدِي فِيهِ إِشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْحَالَ إِنَّمَا يَحْسُنُ ذِكْرُهُ إِذَا أَمْكَنَ وُقُوعُ ذَلِكَ الْأَمْرِ لَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ تَقُولُ: رَأَيْتُ زَيْدًا رَاكِبًا لِأَنَّهُ يمكن أن نرى زيد غير راكب، وهاهنا كَوْنُهُ تَعَالَى جَامِعًا لِلْعِظَامِ يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ إِلَّا مَعَ كَوْنِهِ قَادِرًا، فَكَانَ جَعْلُهُ حَالًا جَارِيًا مَجْرَى بَيَانِ الْوَاضِحَاتِ، وَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَالثَّانِي: أَنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ كُنَّا قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ فِي الِابْتِدَاءِ فَوَجَبَ أَنْ نَبْقَى قَادِرِينَ عَلَى تِلْكَ التَّسْوِيَةِ فِي الِانْتِهَاءِ، وَقُرِئَ قَادِرُونَ أَيْ وَنَحْنُ قَادِرُونَ، وَفِي قَوْلِهِ: عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ نَبَّهَ بِالْبَنَانِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، أَيْ نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ/ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ تُرَابًا كَمَا كَانَ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الشَّيْءِ فِي الِابْتِدَاءِ قَدَرَ أَيْضًا عَلَيْهِ فِي الْإِعَادَةِ وَإِنَّمَا خُصَّ الْبَنَانُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ آخِرُ مَا يَتِمُّ خَلْقُهُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: نَقْدِرُ عَلَى ضَمِّ سُلَامَاتِهِ عَلَى صِغَرِهَا وَلَطَافَتِهَا بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ كَمَا كَانَتْ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ وَلَا تَفَاوُتٍ، فَكَيْفَ الْقَوْلُ فِي كِبَارِ الْعِظَامِ وَثَانِيهَا: بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ أَيْ نَجْعَلُهَا مَعَ كَفِّهِ صَفِيحَةً مُسْتَوِيَةً لَا شُقُوقَ فِيهَا كَخُفِّ الْبَعِيرِ، فَيُعْدَمُ الِارْتِفَاقُ بِالْأَعْمَالِ اللَّطِيفَةِ كَالْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ اللَّطِيفَةِ الَّتِي يُسْتَعَانُ عَلَيْهَا بِالْأَصَابِعِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ.

[سورة القيامة (75) : آية 5]
بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (5)
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: بَلْ يُرِيدُ عَطْفٌ عَلَى أَيَحْسَبُ فَيَجُوزُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا اسْتِفْهَامًا كَأَنَّهُ اسْتَفْهَمَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ اسْتَفْهَمَ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِيجَابًا كَأَنَّهُ اسْتَفْهَمَ أَوَّلًا ثُمَّ أَتَى بِهَذَا الْإِخْبَارِ ثَانِيًا. وَقَوْلُهُ:
لِيَفْجُرَ أَمامَهُ فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَيْ لِيَدُومَ عَلَى فُجُورِهِ فِيمَا يَسْتَقْبِلُهُ مِنَ الزَّمَانِ لَا يَنْزِعُ عَنْهُ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: يُقَدِّمُ الذَّنْبَ وَيُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ، يَقُولُ: سَوْفَ أَتُوبُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ عَلَى شَرِّ أَحْوَالِهِ وَأَسْوَأِ أَعْمَالِهِ الْقَوْلُ الثَّانِي: لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ، أَيْ لِيَكْذِبَ بِمَا أَمَامَهُ مِنَ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ، لِأَنَّ مَنْ كَذَّبَ حَقًّا كان كاذبا وفاجرا، والدليل عليه قوله: يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ [الْقِيَامَةِ: 6] فَالْمَعْنَى يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ، أَيْ لِيُكَذِّبَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُوَ أَمَامَهُ، فَهُوَ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ تَكْذِيبًا له. ثم قال تعالى:

[سورة القيامة (75) : آية 6]
يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (6)
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 722
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست