responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 682
الْخَمْسُ ثُمَّ نُسِخَ بِهَا وَثَانِيهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ/ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ فَكَانَ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى وَكَمْ بَقِيَ مِنَ اللَّيْلِ فَكَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْفَظَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ وَشَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ حَتَّى وَرِمَتْ أَقْدَامُهُمْ وَسُوقُهُمْ، فَنَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ هَذِهِ السورة: فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [الْمُزَّمِّلِ: 20] وَذَلِكَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِ هَذَا الْإِيجَابِ وَبَيْنَ نَسْخِهِ سَنَةً، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: إِنَّ إِيجَابَ هَذَا كَانَ بِمَكَّةَ وَنَسْخَهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ نُسِخَ هَذَا الْقَدْرُ أَيْضًا بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَبَيْنَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ فِي هَذَا القول نسخ وجوب التهجد بقوله: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل: 20] ثُمَّ نُسِخَ هَذَا بِإِيجَابِ الصَّلَوَاتِ، وَفِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ نُسِخَ إِيجَابُ التَّهَجُّدِ بِإِيجَابِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ابْتِدَاءً، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: التَّهَجُّدُ مَا كَانَ وَاجِبًا قَطُّ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ وُجُوهٌ أَوَّلُهَا: قَوْلُهُ:
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ [الْإِسْرَاءِ: 79] فَبَيِّنَ أَنَّ التَّهَجُّدَ نَافِلَةٌ لَهُ لَا فَرْضٌ، وَأَجَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى زِيَادَةُ وُجُوبٍ عَلَيْكَ وَثَانِيهَا: أَنَّ التَّهَجُّدَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الرَّسُولِ لَوَجَبَ عَلَى أُمَّتِهِ لِقَوْلِهِ: وَاتَّبِعُوهُ [الْأَعْرَافِ: 158] وَوُرُودُ النَّسْخِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَثَالِثُهَا: اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ بِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ:
نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ فَفَوَّضَ ذَلِكَ إِلَى رَأْيِ الْمُكَلَّفِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ وَاجِبًا وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَقُولَ: أَوْجَبْتُ عَلَيْكَ قِيَامَ اللَّيْلِ فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَذَاكَ مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِكَ، ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ أَجَابُوا عَنِ التَّمَسُّكِ بِقَوْلِهِ: قُمِ اللَّيْلَ وَقَالُوا ظَاهِرُ الْأَمْرِ يُفِيدُ النَّدْبَ، لِأَنَّا رَأَيْنَا أَوَامِرَ اللَّهِ تَعَالَى تَارَةً تُفِيدُ النَّدْبَ وَتَارَةً تُفِيدُ الْإِيجَابَ، فَلَا بُدَّ مِنْ جَعْلِهَا مُفِيدَةً لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا تَرْجِيحُ جَانِبِ الْفِعْلِ عَلَى جَانِبِ التَّرْكِ، وَأَمَّا جَوَازُ التَّرْكِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِمُقْتَضَى الْأَصْلِ، فَلَمَّا حَصَلَ الرُّجْحَانُ بِمُقْتَضَى الْأَمْرِ وَحَصَلَ جَوَازُ التَّرْكِ بِمُقْتَضَى الْأَصْلِ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمَنْدُوبُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ أَبُو السَّمَّالِ قُمِ اللَّيْلَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَغَيْرُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ، قَالَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ جِنِّيٍّ:
الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْحَرَكَةِ الْهَرَبُ مِنَ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فَأَيُّ الْحَرَكَاتِ تُحَرِّكُ فَقَدْ حَصَلَ الْغَرَضُ وَحَكَى قُطْرُبٌ عَنْهُمْ: قُمِ اللَّيْلَ وقُلِ الْحَقُّ [الكهف: 29] بِرَفْعِ الْمِيمِ وَاللَّامِ وَبِعُ الثَّوْبَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَسَرَ فَعَلَى أَصْلِ الْبَابِ وَمَنْ ضَمَّ أَتْبَعَ وَمَنْ فَتَحَ فَقَدْ مَالَ إِلَى خِفَّةِ الفتح.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ اعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَعِنْدِي فِيهِ وَجْهَانِ مُلَخَّصَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: إِلَّا قَلِيلًا الثُّلُثُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ [المزمل: 20] فَهَذِهِ الْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ الْمَقَادِيرِ الْوَاجِبَةِ الثُّلْثَانِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَوْمَ الثُّلُثِ جَائِزٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي قَوْلِهِ: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا/ قَلِيلًا هُوَ الثُّلُثُ، فَإِذًا قَوْلُهُ:
قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا مَعْنَاهُ قُمْ ثُلْثَيِ اللَّيْلِ ثُمَّ قَالَ: نِصْفَهُ وَالْمَعْنَى أَوْ قُمْ نِصْفَهُ، كَمَا تَقُولُ: جَالِسِ الْحَسَنَ أَوِ ابْنَ سِيرِينَ، أَيْ جَالِسْ ذَا أَوْ ذَا أَيُّهُمَا شِئْتَ، فَتَحْذِفُ وَاوَ الْعَطْفِ فَتَقْدِيرُ الْآيَةِ: قُمِ الثُّلُثَيْنِ أَوْ قُمِ النِّصْفَ أَوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الثُّلُثَانِ أَقْصَى الزِّيَادَةِ، وَيَكُونُ الثُّلُثُ أَقْصَى النُّقْصَانِ، فَيَكُونُ الْوَاجِبُ هُوَ الثُّلُثُ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ يَكُونُ مَنْدُوبًا، فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَلْزَمُكُمْ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَرَكَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 682
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست