responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 572
إِجْمَاعًا، وَالتَّأْكِيدُ هُوَ تَقْوِيَةُ الْحُكْمِ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا فِي الْأَصْلِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الِاسْتِغْرَاقُ حَاصِلًا فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ ابْتِدَاءً لَمْ يَكُنْ تَأْثِيرُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي تَقْوِيَةِ الْحُكْمِ، بَلْ فِي إِعْطَاءِ حُكْمٍ جَدِيدٍ، وَكَانَتْ مُبِيِّنَةً لِلْمُجْمَلِ لَا مُؤَكِّدَةً، وَحَيْثُ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا مُؤَكِّدَةٌ عَلِمْنَا أَنَّ اقْتِضَاءَ الِاسْتِغْرَاقِ كَانَ حَاصِلًا فِي الْأَصْلِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ إِذَا دَخَلَا فِي الِاسْمِ صَارَ الِاسْمُ مَعْرِفَةً، كَذَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فَيَجِبُ صَرْفُهُ إِلَى مَا بِهِ تَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ بِصَرْفِهِ إِلَى الْكُلِّ، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ لِلْمُخَاطَبِ، وَأَمَّا صَرْفُهُ إِلَى مَا دُونَ الْكُلِّ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمَعْرِفَةَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْضُ الْجَمْعِ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ، فَكَانَ يَبْقَى مَجْهُولًا. فَإِنْ قُلْتَ: إِذَا أَفَادَ جَمْعًا مَخْصُوصًا مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَقَدْ أَفَادَ تَعْرِيفَ ذَلِكَ الْجِنْسِ، قُلْتُ: هَذِهِ الْفَائِدَةُ كَانَتْ حَاصِلَةً بِدُونِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا، أَفَادَ تَعْرِيفَ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَتَمَيُّزَهُ عَنْ غَيْرِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلْأَلِفِ وَاللَّامِ فَائِدَةً زَائِدَةً وَمَا هِيَ إِلَّا الِاسْتِغْرَاقُ. وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ أَيِّ وَاحِدٍ كَانَ مِنْهُ وَذَلِكَ يُفِيدُ الْعُمُومَ. وَخَامِسُهَا:
الْجَمْعُ الْمُعَرَّفُ فِي اقْتِضَاءِ الْكَثْرَةِ فَوْقَ الْمُنَكَّرِ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ انْتِزَاعُ الْمُنَكَّرِ مِنَ الْمُعَرَّفِ وَلَا يَنْعَكِسُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا مِنَ الرِّجَالِ، وَلَا يُقَالُ رَأَيْتُ الرِّجَالَ مِنْ رِجَالٍ، وَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمُنْتَزَعَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنَ الْمُنْتَزَعِ، إِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَنَقُولُ: إِنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ، إِمَّا الْكُلُّ أَوْ مَا دُونَهُ، وَالثَّانِي: بَاطِلٌ لِأَنَّهُ مَا مِنْ عَدَدٍ دُونَ الْكُلِّ إِلَّا وَيَصِحُّ انْتِزَاعُهُ مِنَ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُنْتَزَعَ مِنْهُ أَكْثَرُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ الْمُعَرَّفُ مُفِيدًا لِلْكُلِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ أَبِي هَاشِمٍ، وَهِيَ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُعَرَّفَ لَا يُفِيدُ الْعُمُومَ فَيُمْكِنُ التَّمَسُّكُ بِالْآيَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ. الْأَوَّلُ: أَنَّ تَرْتِيبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ مُشْعِرٌ بِالْعِلِّيَّةِ فَقَوْلُهُ: وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْفُجُورَ هِيَ الْعِلَّةُ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ لَزِمَ عُمُومُ الْحُكْمِ لِعُمُومِ عِلَّتِهِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَفِي هَذَا الْبَابِ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ يَذْكُرُهَا النَّحْوِيُّونَ وَهِيَ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَيْسَتْ لَامَ تَعْرِيفٍ، بَلْ هِيَ بِمَعْنَى الَّذِي، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تُجَابُ بِالْفَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [الْمَائِدَةِ: 38] ، وَكَمَا تَقُولُ الَّذِي يَلْقَانِي فَلَهُ دِرْهَمٌ. الثَّانِي: أَنَّهُ يَصِحُّ عَطْفُ الْفِعْلِ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي دَخَلَتْ هَذِهِ اللَّامُ عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [الْحَدِيدِ: 18] فَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُ: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ بِمَعْنَى: إِنَّ الَّذِينَ اصَدَّقُوا لَمَا صَحَّ أَنْ يُعْطَفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَأَقْرَضُوا اللَّهَ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كان قوله: وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ مَعْنَاهُ: إِنَّ الَّذِينَ فَجَرُوا فَهُمْ فِي الْجَحِيمِ، وَذَلِكَ يُفِيدُ الْعُمُومَ. الْآيَةُ الثَّانِيَةُ فِي هَذَا الْبَابِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً [مَرْيَمَ: 85، 86] وَلَفْظُ الْمُجْرِمِينَ صِيغَةُ جَمْعٍ مُعَرَّفَةٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا [مَرْيَمَ: 72] وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ [النحل: 61] بَيَّنَ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ عِقَابَهُمْ إِلَى يَوْمٍ آخَرَ وَذَلِكَ إِنَّمَا يَصْدُقُ أَنْ لَوْ حَصَلَ عِقَابُهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مِنَ الْعُمُومَاتِ: صِيَغُ الْجُمُوعِ الْمَقْرُونَةُ بِحَرْفِ الَّذِي، فَأَحَدُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ [الْمُطَفِّفِينَ: 1، 2] . وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا [النِّسَاءِ: 10] . وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ [النَّحْلِ: 28] فَبَيَّنَ مَا يُسْتَحَقُّ عَلَى تَرْكِ الْهِجْرَةِ وَتَرْكِ النُّصْرَةِ وَإِنْ كَانَ معترفاً بالله
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 572
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست