responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 506
وَقَدِ انْقَطَعَ عَنْهَا تَعَهُّدُ الرِّجَالِ وَقِيَامُهُمْ بِأَمْرِهَا الْمَوْتَ، لِمَا قَدْ يَقَعُ إِلَيْهَا مِنْ نَكَدِ الْعَيْشِ بِالِانْفِرَادِ فَصَارَتْ هَذِهِ الْخَصْلَةُ عَظِيمَةً فِي الْمِحَنِ، وَالنَّجَاةُ مِنْهَا فِي الْعِظَمِ تَكُونُ بِحَسَبِهَا، وَثَالِثُهَا: أَنَّ قَتْلَ الْوَلَدِ عَقِيبَ الْحَمْلِ الطَّوِيلِ وَتَحَمُّلِ الْكَدِّ وَالرَّجَاءِ الْقَوِيِّ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمَوْلُودِ مِنْ أَعْظَمِ الْعَذَابِ، لِأَنَّ قَتْلَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَشَدُّ مِنْ قَتْلِ مَنْ بَقِيَ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ مُسْتَمْتِعًا بِهِ مَسْرُورًا بِأَحْوَالِهِ، فَنِعْمَةُ اللَّهِ مِنَ التَّخْلِيصِ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ بِحَسَبِ شِدَّةِ الْمِحْنَةِ فِيهِ، وَرَابِعُهَا: أَنَّ الْأَبْنَاءَ أَحَبُّ إِلَى الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْبَنَاتِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَسْتَثْقِلُونَ الْبَنَاتِ وَيَكْرَهُونَهُنَّ وَإِنْ كَثُرَ ذُكْرَانُهُمْ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ [النَّحْلِ: 58] الْآيَةَ، وَلِذَلِكَ نَهَى الْعَرَبَ عَنِ الْوَأْدِ بِقَوْلِهِ: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ [الْإِسْرَاءِ: 31] وَإِنَّمَا كَانُوا يَئِدُونَ الْإِنَاثَ دُونَ الذُّكُورِ، وَخَامِسُهَا: أَنَّ بَقَاءَ النِّسْوَانِ بِدُونِ الذُّكْرَانِ يُوجِبُ صَيْرُورَتَهُنَّ مُسْتَفْرَشَاتِ الْأَعْدَاءِ وَذَلِكَ نِهَايَةُ الذُّلِّ وَالْهَوَانِ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: ذَكَرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ يُذَبِّحُونَ بِلَا وَاوٍ وَفِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ ذَكَرَهُ مَعَ الْوَاوِ، وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا جُعِلَ قَوْلُهُ: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ مُفَسَّرًا بِقَوْلِهِ: يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى الْوَاوِ، وَأَمَّا إِذَا جُعِلَ قَوْلُهُ: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ مُفَسَّرًا بِسَائِرِ التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ سِوَى الذَّبْحِ وَجُعِلَ الذَّبْحُ شَيْئًا آخَرَ سِوَى سُوءِ الْعَذَابِ، احْتِيجَ فِيهِ إِلَى الْوَاوِ، وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ، إِلَّا أَنَّ الْفَائِدَةَ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ ذِكْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى قَالَ قَبْلَ تِلْكَ الْآيَةِ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [إِبْرَاهِيمَ: 5] وَالتَّذْكِيرُ بِأَيَّامِ اللَّهِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِتَعْدِيدِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ نَوْعًا مِنَ الْعَذَابِ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ نَوْعًا آخَرَ لِيَكُونَ التَّخَلُّصُ مِنْهُمَا نَوْعَيْنِ مِنَ النِّعْمَةِ. فَلِهَذَا وَجَبَ ذِكْرُ الْعَطْفِ هُنَاكَ، وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَمْ يَرِدِ الْأَمْرُ إِلَّا بِتَذْكِيرِ جِنْسِ النِّعْمَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ [الْبَقَرَةِ: 40، 47، 122] فَسَوَاءٌ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ هُوَ الذَّبْحَ أَوْ غَيْرَهُ كَانَ تَذْكِيرُ جِنْسِ النِّعْمَةِ حَاصِلًا فَظَهَرَ الْفَرْقُ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ الرِّجَالَ دُونَ الْأَطْفَالِ لِيَكُونَ/ فِي مُقَابَلَةِ النِّسَاءِ إِذِ النِّسَاءُ هُنَّ الْبَالِغَاتُ، وَكَذَا الْمُرَادُ مِنَ الْأَبْنَاءِ هُمُ الرِّجَالُ الْبَالِغُونَ، قَالُوا: إِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَخَافُ مِنْهُمُ الْخُرُوجَ عَلَيْهِ وَالتَّجَمُّعَ لِإِفْسَادِ أَمْرِهِ. وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الْأَطْفَالُ دُونَ الْبَالِغِينَ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: حَمْلًا لِلَفْظِ الْأَبْنَاءِ عَلَى ظَاهِرِهِ. الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ يَتَعَذَّرُ قَتْلُ جَمِيعِ الرِّجَالِ عَلَى كَثْرَتِهِمْ. الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ إِلَيْهِمْ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ فِي الصَّنَائِعِ الشَّاقَّةِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِإِلْقَاءِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي التَّابُوتِ حَالَ صِغَرِهِ مَعْنًى، أَمَّا قَوْلُهُ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الرِّجَالِ لِيَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ النِّسَاءِ فَفِيهِ جَوَابَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَبْنَاءَ لَمَّا قُتِلُوا حَالَ الطُّفُولِيَّةِ لَمْ يَصِيرُوا رِجَالًا، فَلَمْ يَجُزْ إِطْلَاقُ اسْمِ الرِّجَالِ عَلَيْهِمْ، أَمَّا الْبَنَاتُ لَمَّا لَمْ يُقْتَلْنَ بَلْ وَصَلْنَ إِلَى حَدِّ النِّسَاءِ جَازَ إِطْلَاقُ اسْمِ النِّسَاءِ عَلَيْهِنَّ. الثَّانِي: قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ، أَيْ يُفَتِّشُونَ حَيَاءَ الْمَرْأَةِ أَيْ فَرْجَهَا هَلْ بِهَا حَمْلٌ أَمْ لَا، وَأُبْطِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا فِي بُطُونِهِنَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعُيُونِ ظَاهِرًا لَمْ يُعْلَمْ بِالتَّفْتِيشِ وَلَمْ يُوصَلْ إِلَى اسْتِخْرَاجِهِ بِالْيَدِ.
الْبَحْثُ الرَّابِعُ: فِي سَبَبِ قَتْلِ الْأَبْنَاءِ ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا. أَحَدُهَا: قَوْلُ ابْنِ عباس رضي الله عنهما أنه وقع
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست