responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 504
وَأَمَّا الْوَجْهُ السَّادِسُ: وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى [الْأَنْبِيَاءِ: 28] فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ السَّابِعُ: وَهُوَ قَوْلُ الْمُسْلِمِينَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ عِنْدَنَا تَأْثِيرَ الشَّفَاعَةِ فِي جَلْبِ أَمْرٍ مَطْلُوبٍ وَأَعْنِي بِهِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ جَلْبِ الْمَنَافِعِ الزَّائِدَةِ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِحْقَاقِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَى الْمَعَاصِي، وَذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الْعَبْدِ عَاصِيًا فَانْدَفَعَ السُّؤَالُ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّامِنُ: وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [الِانْفِطَارِ: 14] فَالْكَلَامُ عَلَيْهِ سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَسْأَلَةِ الْوَعِيدِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ التَّاسِعُ: وَهُوَ قَوْلُهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى إِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الشَّفَاعَةِ لِأَصْحَابِ الْكَبَائِرِ، فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدْنَا مِنَ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى حُصُولِ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ: فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا [غَافِرٍ: 7] فَجَوَابُهُ مَا بَيَّنَّا أَنَّ خُصُوصَ آخِرِ هَذِهِ الْآيَةِ لَا يَقْدَحُ فِي عُمُومِ أَوَّلِهَا.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَشْفَعُ لِبَعْضِ النَّاسِ وَلَا يُشَفَّعُ فِي بَعْضِ مَوَاطِنِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْفَعُ لِأَحَدٍ أَلْبَتَّةَ مِنْ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ، وَلَا أَنَّهُ يُمْتَنَعُ مِنَ الشَّفَاعَةِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاطِنِ.
وَالَّذِي نُحَقِّقُهُ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الشَّافِعِينَ لَا يُشَفَّعُ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، فَلَعَلَّ الرَّسُولَ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَبَعْضِ الْأَوْقَاتِ، فَلَا يُشَفَّعُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَلَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، ثُمَّ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَفِي وَقْتٍ آخَرَ فِي الشَّفَاعَةِ فَيَشْفَعُ هُنَاكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَتِ الْفَلَاسِفَةُ فِي تَأْوِيلِ الشَّفَاعَةِ: إِنَّ وَاجِبَ الْوُجُودِ عَامُّ الْفَيْضِ تَامُّ الْجُودِ، فَحَيْثُ لَا يَحْصُلُ فَإِنَّمَا لَا يَحْصُلُ لِعَدَمِ كَوْنِ الْقَابِلِ مُسْتَعِدًّا، وَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّيْءُ مُسْتَعِدًّا لِقَبُولِ الْفَيْضِ عَنْ وَاجِبِ الْوُجُودِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِدًّا لِقَبُولِ ذَلِكَ الْفَيْضِ مِنْ شَيْءٍ قَبْلَهُ عَنْ وَاجِبِ الْوُجُودِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّيْءُ كَالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ وَاجِبِ الْوُجُودِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْأَوَّلِ، وَمِثَالُهُ فِي الْمَحْسُوسِ أَنَّ الشَّمْسَ لَا تُضِيءُ إِلَّا لِلْقَابِلِ الْمُقَابِلِ، وَسَقْفُ الْبَيْتِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُقَابِلًا لِجِرْمِ الشَّمْسِ لَا جَرَمَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْتِعْدَادٌ لِقَبُولِ النُّورِ عَنِ الشَّمْسِ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا وُضِعَ طَسْتٌ مَمْلُوءٌ مِنَ الْمَاءِ الصَّافِي وَوَقَعَ عَلَيْهِ ضَوْءُ الشَّمْسِ انْعَكَسَ ذَلِكَ الضَّوْءُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ إِلَى السَّقْفِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَاءُ الصَّافِي مُتَوَسِّطًا فِي وُصُولِ النُّورِ مِنْ قُرْصِ الشَّمْسِ إِلَى السَّقْفِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُقَابِلٍ لِلشَّمْسِ، وَأَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ كَالْوَسَائِطِ بَيْنِ وَاجِبِ الْوُجُودِ وَبَيْنَ أَرْوَاحِ عَوَامِّ الْخَلْقِ فِي وُصُولِ فَيْضِ وَاجِبِ الْوُجُودِ إِلَى أَرْوَاحِ الْعَامَّةِ، فَهَذَا مَا قَالُوهُ فِي الشَّفَاعَةِ تَفْرِيعًا على أصولهم.

[سورة البقرة (2) : آية 49]
وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَدَّمَ ذِكْرَ نِعَمِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ إِجْمَالًا بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَقْسَامَ تِلْكَ النِّعَمِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي التَّذْكِيرِ وَأَعْظَمَ فِي الْحُجَّةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: اذْكُرُوا نِعْمَتِي وَاذْكُرُوا إِذْ نَجَّيْنَاكُمْ/ وَاذْكُرُوا إِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ وَهِيَ إِنْعَامَاتٌ، وَالْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْإِنْعَامُ الْأَوَّلُ. أَمَّا قَوْلُهُ: وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ فقرىء أَيْضًا أَنْجَيْنَاكُمْ وَنَجَّيْتُكُمْ، قَالَ الْقَفَّالُ: أَصْلُ الْإِنْجَاءِ وَالتَّنْجِيَةِ التَّخْلِيصُ، وَأَنَّ بَيَانَ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ حتى لا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 504
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست