responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 499
وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ لَهُ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ.
وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ مَرْيَمَ: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً لَا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً [مَرْيَمَ: 85- 87] ، فَنَقُولُ لَيْسَ فِي ظَاهِرِ الْآيَةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ الْمُجْرِمِينَ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ لِغَيْرِهِمْ أَوْ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ شَفَاعَةَ غَيْرِهِمْ لَهُمْ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ كَمَا يَجُوزُ وَيَحْسُنُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْفَاعِلِ يَجُوزُ وَيَحْسُنُ إِضَافَتُهُ إِلَى الْمَفْعُولِ إِلَّا أَنَّا نَقُولُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي أَوْلَى، لِأَنَّ حَمْلَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَجْرِي مَجْرَى إِيضَاحِ الْوَاضِحَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يُسَاقُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ لِغَيْرِهِمْ، فَتَعَيَّنَ حَمْلُهَا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي. إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى حُصُولِ الشَّفَاعَةِ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ، لِأَنَّهُ قَالَ عَقِيبَهُ: إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ الْمُجْرِمِينَ لَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ غَيْرُهُمْ إِلَّا إِذَا كَانُوا اتَّخَذُوا عِنْدَ/ الرَّحْمَنِ عَهْدًا، فَكُلُّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا وَجَبَ دُخُولُهُ فِيهِ، وَصَاحِبُ الْكَبِيرَةِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا وَهُوَ التَّوْحِيدُ وَالْإِسْلَامُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا تَحْتَهُ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُقَالَ: وَالْيَهُودِيُّ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ فَوَجَبَ دُخُولُهُ تَحْتَهُ لَكِنَّا نَقُولُ تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ فِي حَقِّهِ لِضَرُورَةِ الْإِجْمَاعِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا بِهِ فِيمَا وَرَاءَهُ. وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْمَلَائِكَةِ: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى [الْأَنْبِيَاءِ: 28] وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ مُرْتَضًى عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكُلُّ مَنْ كَانَ مُرْتَضًى عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الشَّفَاعَةِ، إِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ مُرْتَضًى عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ مُرْتَضًى عِنْدَ اللَّهِ بِحَسَبِ إِيمَانِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَكُلُّ مَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُرْتَضًى عِنْدَ اللَّهِ بِحَسَبِ هَذَا الْوَصْفِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُرْتَضًى عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمُرْتَضَى عِنْدَ اللَّهِ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِنَا:
مُرْتَضًى عِنْدَ اللَّهِ بِحَسَبِ إِيمَانِهِ، وَمَتَى صَدَقَ الْمُرَكَّبُ صَدَقَ الْمُفْرَدُ، فَثَبَتَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ مُرْتَضًى عِنْدَ اللَّهِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الشَّفَاعَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى نَفْيُ الشَّفَاعَةِ إِلَّا لِمَنْ كَانَ مُرْتَضًى وَالِاسْتِثْنَاءُ عَنِ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَضَى أَهْلًا لِشَفَاعَتِهِمْ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ دَاخِلٌ فِي شَفَاعَةِ الْمَلَائِكَةِ وَجَبَ دُخُولُهُ فِي شَفَاعَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ. فَإِنْ قِيلَ: الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الِاسْتِدْلَالِ مِنْ وَجْهَيْنِ، الْأَوَّلُ: أَنَّ الْفَاسِقَ لَيْسَ بِمُرْتَضًى فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ أَهْلًا لِشَفَاعَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِشَفَاعَةِ الْمَلَائِكَةِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ أَهْلًا لِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا قُلْنَا:
إِنَّهُ لَيْسَ بِمُرْتَضًى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُرْتَضًى بِحَسَبِ فِسْقِهِ وَفُجُورِهِ وَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرْتَضًى بِحَسَبِ فِسْقِهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرْتَضًى بِعَيْنِ مَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الدَّلِيلِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرْتَضًى وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ أَهْلًا لِشَفَاعَةِ الْمَلَائِكَةِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الشَّفَاعَةِ عَنِ الْكُلِّ إِلَّا فِي حَقِّ الْمُرْتَضَى، فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْكَبِيرَةِ غَيْرَ مُرْتَضًى وَجَبَ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي النَّفْيِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ إِنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ قَوْلُهُ: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى مَحْمُولًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَاهُ اللَّهُ، أَمَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى اللَّهُ مِنْهُ شَفَاعَتَهُ فَحِينَئِذٍ لَا تَدُلُّ الْآيَةُ إِلَّا إِذَا ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ارْتَضَى شَفَاعَةَ صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ، وَهَذَا أَوَّلُ الْمَسْأَلَةِ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الْعُلُومِ الْمَنْطِقِيَّةِ أَنَّ الْمُهْمَلَتَيْنِ لَا يَتَنَاقَضَانِ، فَقَوْلُنَا: زَيْدٌ عَالِمٌ، زَيْدٌ لَيْسَ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 499
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست