responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 509
[سورة الحشر (59) : آية 10]
وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (10)
اعلم أن قوله: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ عَطْفٌ أَيْضًا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَهُمُ الَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدُ، وَقِيلَ: التَّابِعُونَ بِإِحْسَانٍ وَهُمُ الَّذِينَ يَجِيئُونَ بَعْدَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَدْعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَلِمَنْ سَبَقَهُمْ بِالْإِيمَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيْ غِشًّا وَحَسَدًا وَبُغْضًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُمْ إِمَّا الْمُهَاجِرُونَ أالأنصار أَوِ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ، وَبَيَّنَ أَنَّ مِنْ شَأْنِ مَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَذْكُرَ السَّابِقِينَ وَهُمُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ بِالدُّعَاءِ وَالرَّحْمَةِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ كَانَ خَارِجًا مِنْ جُمْلَةِ أَقْسَامِ المؤمنين بحسب نص هذه الآية.

[سورة الحشر (59) : آية 11]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (11)
قَالَ الْمُقَاتِلَانِ: يَعْنِي عَبْدَ اللَّه بْنَ أُبَيٍّ، وَعَبْدَ اللَّه بْنَ نَبْتَلَ، وَرِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ، كَانُوا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَلَكِنَّهُمْ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمْ، وَهَذِهِ الْأُخُوَّةُ تَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَحَدُهَا: الْأُخُوَّةُ فِي الْكُفْرِ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالْمُنَافِقِينَ كَانُوا مُشْتَرِكِينَ فِي عُمُومِ الْكُفْرِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَانِيهَا: الْأُخُوَّةُ بِسَبَبِ الْمُصَادَقَةِ وَالْمُوَالَاةِ وَالْمُعَاوَنَةِ وَثَالِثُهَا: الْأُخُوَّةُ بِسَبَبِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُشَارَكَةِ فِي عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَخْبَرَ/ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا لِلْيَهُودِ: لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَيْ فِي خِذْلَانِكُمْ أَحَداً أَبَداً وَوَعَدُوهُمُ النَّصْرَ أَيْضًا بِقَوْلِهِمْ:
وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى شَهِدَ عَلَى كَوْنِهِمْ كَاذِبِينَ فِي هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ.
وَلَمَّا شَهِدَ عَلَى كَذِبِهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ أتبعه بالتفصيل فقال:

[سورة الحشر (59) : آية 12]
لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12)
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا، فَعَلِمَ الْمَوْجُودَاتِ فِي الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمَعْدُومَاتِ فِي الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلِمَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ السِّتَّةِ، أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى خِلَافِ مَا وَقَعَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ، فَهَهُنَا أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْيَهُودَ لَئِنْ أُخْرِجُوا فَهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ، وَقَدْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ بَنِي النَّضِيرِ لَمَّا أُخْرِجُوا لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمُ الْمُنَافِقُونَ، وَقُوتِلُوا أَيْضًا فَمَا نَصَرُوهُمْ، فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ فَتَقْدِيرُهُ كَمَا يَقُولُ الْمُعْتَرِضُ الطَّاعِنُ فِي كَلَامِ الْغَيْرِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا تَقُولُ، وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا تَقُولُ، لَكِنَّهُ لا يفيد لك فائدة، فكذا هاهنا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ لَا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 509
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست