responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 465
المسارعة، فقال: سارِعُوا مُسَارَعَةَ الْمُسَابِقِينَ لِأَقْرَانِهِمْ فِي الْمِضْمَارِ، وَقَوْلُهُ: إِلى مَغْفِرَةٍ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَا شَكَّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْمُسَارَعَةُ إِلَى مَا يُوجِبُ الْمَغْفِرَةَ، فَقَالَ قَوْمٌ الْمُرَادُ سَابِقُوا إِلَى التَّوْبَةِ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَادُ سَابِقُوا إِلَى سَائِرِ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ فَدَخَلَ فِيهِ التَّوْبَةُ، وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ وَالْجَنَّةَ لَا يُنَالَانِ إِلَّا بِالِانْتِهَاءِ عَنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَالِاشْتِغَالِ بِكُلِّ الطَّاعَاتِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْأَمْرَ يُفِيدُ الْفَوْرَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالُوا: هَذِهِ الْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ الْمُسَارَعَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ التَّرَاخِي مَحْظُورًا، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَقَالَ: فِي آلِ عِمْرَانَ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ [آل عمران: 133] ، فذكروا فيه وجوها أحدها: أن السموات السَّبْعَ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ لَوْ جُعِلَتْ صَفَائِحَ وَأُلْزِقَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لَكَانَتِ الْجَنَّةُ فِي عَرْضِهَا، هَذَا قَوْلُ مُقَاتِلٍ وَثَانِيهَا: قَالَ عَطَاءٌ [عَنِ] ابْنِ عَبَّاسٍ يُرِيدُ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُطِيعِينَ جَنَّةً بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَثَالِثُهَا: قَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّ اللَّه تعالى شبه عرض الجنة بعرض السموات السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ طُولَهَا أَزْيَدُ مِنْ عَرْضِهَا، فَذَكَرَ الْعَرْضَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ طُولَهَا أَضْعَافُ ذَلِكَ، وَرَابِعُهَا: أَنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ لِلْعِبَادَةِ بِمَا يَعْقِلُونَهُ وَيَقَعُ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَفْكَارِهِمْ، وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي نُفُوسِهِمْ مِقْدَارُ السموات وَالْأَرْضِ وَهَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ، وَخَامِسُهَا: / وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْجِنَانَ أَرْبَعَةٌ، قَالَ تَعَالَى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ [الرَّحْمَنِ: 46] وَقَالَ: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ [الرحمن: 62] فالمراد هاهنا تَشْبِيهُ وَاحِدَةٍ مِنْ تِلْكَ الْجِنَانِ فِي الْعَرْضِ بالسموات السَّبْعِ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: احْتَجَّ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ مَخْلُوقَةٌ، وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ هَذِهِ الْآيَةُ: لَا يُمْكِنُ إِجْرَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: أُكُلُها دائِمٌ [الرَّعْدِ: 35] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ صِفَتِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا أَنْ لَا تَفْنَى، لَكِنَّهَا لَوْ كَانَتِ الْآنَ مَوْجُودَةً لَفَنِيَتْ بِدَلِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [الْقَصَصِ: 88] الثَّانِي: أَنَّ الْجَنَّةَ مَخْلُوقَةٌ وَهِيَ الْآنَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ أَنَّهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَرْضُهَا كعرض كل السموات، قَالُوا: فَثَبَتَ بِهَذَيْنَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّأْوِيلِ، وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ قَادِرًا لَا يَصِحُّ الْمَنْعُ عَلَيْهِ، وَكَانَ حَكِيمًا لَا يَصِحُّ الْخُلْفُ فِي وعده، ثم إنه تعالى وعده عَلَى الطَّاعَةِ بِالْجَنَّةِ فَكَانَتِ الْجَنَّةُ كَالْمَعِدَةِ الْمُهَيَّأَةِ لَهُمْ تَشْبِيهًا لِمَا سَيَقَعُ قَطْعًا بِالْوَاقِعِ، وَقَدْ يقول المرء لصاحبه: (أعدت لَكَ الْمُكَافَأَةَ) إِذَا عَزَمَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجِدْهَا، وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ إِذَا كَانَتِ الْآخِرَةُ أَعَدَّهَا اللَّه تَعَالَى لَهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ [الْأَعْرَافِ: 50] أَيْ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى الْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَهُ: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ عَامٌّ، وَقَوْلَهُ: أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ مَعَ قَوْلِهِ: أُكُلُها دائِمٌ خَاصٌّ، وَالْخَاصٌّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ ثَانِيًا: الْجَنَّةُ مَخْلُوقَةٌ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ قُلْنَا: إِنَّهَا مَخْلُوقَةٌ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى مَا
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ: «سَقْفُهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ»
وَأَيُّ اسْتِبْعَادٍ فِي أَنْ يَكُونَ الْمَخْلُوقُ فَوْقَ الشَّيْءِ أَعْظَمَ مِنْهُ، أَلَيْسَ أَنَّ الْعَرْشَ أَعْظَمُ الْمَخْلُوقَاتِ، مَعَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ فَوْقَ السَّمَاءِ السابعة.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ فيه أعظم رجاء وأقوى أمل، إذا ذَكَرَ أَنَّ الْجَنَّةَ أُعِدَّتْ لِمَنْ آمَنَ باللَّه وَرُسُلِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَ الْإِيمَانِ شَيْئًا آخَرَ، وَالْمُعْتَزِلَةُ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ لَفْظَ الْإِيمَانِ يُفِيدُ جملة
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 465
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست