responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 89
[التوبة: 73] وقال في حقه بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [التَّوْبَةِ: 128] وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَراهُمْ لَا يَكُونُ خِطَابًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ يَكُونُ عَامًّا أُخْرِجَ مَخْرَجَ الْخَطَّابِ تَقْدِيرُهُ أَيُّهَا السَّامِعُ كَائِنًا مَنْ كَانَ، كَمَا قُلْنَا إِنَّ الْوَاعِظَ يَقُولُ انْتَبِهْ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الِانْتِبَاهُ وَلَا يُرِيدُ بِهِ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً لِتَمْيِيزِ رُكُوعِهِمْ وَسُجُودِهِمْ عَنْ رُكُوعِ الْكُفَّارِ وَسُجُودِهِمْ، وَرُكُوعِ الْمُرَائِي وَسُجُودِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَبْتَغِي بِهِ ذَلِكَ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَعْنًى لَطِيفٍ وَهُوَ أن الله تعالى قال الراكعون والساجدون لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [فاطر: 30] وَقَالَ الرَّاكِعُ يَبْتَغِي الْفَضْلَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَجْرَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا قَالَ لَكُمْ أَجْرٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَفَضُّلًا، وَإِشَارَةً إِلَى أَنَّ عَمَلَكُمْ جَاءَ عَلَى مَا طَلَبَ اللَّهُ مِنْكُمْ، لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُسْتَحَقُّ إِلَّا عَلَى الْعَمَلِ الْمُوَافِقِ لِلطَّلَبِ مِنَ الْمَالِكِ، وَالْمُؤْمِنُ إِذَا قَالَ أَنَا أَبْتَغِي فَضْلَكَ يَكُونُ مِنْهُ اعْتِرَافًا/ بِالتَّقْصِيرِ فَقَالَ: يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ أَجْرًا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ فيه وجهان أحدهما: أَنَّ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ [آلِ عِمْرَانَ: 106] وَقَالَ تَعَالَى: نُورُهُمْ يَسْعى [التَّحْرِيمِ: 8] وَعَلَى هَذَا فَنَقُولُ نُورُهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ بِسَبَبِ تَوَجُّهِهِمْ نَحْوَ الْحَقِّ كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [الْأَنْعَامِ: 79] وَمَنْ يُحَاذِي الشَّمْسَ يَقَعُ شُعَاعُهَا عَلَى وَجْهِهِ، فَيَتَبَيَّنُ عَلَى وَجْهِهِ النُّورَ مُنْبَسِطًا، مَعَ أَنَّ الشَّمْسَ لَهَا نُورٌ عَارِضِيٌّ يَقْبَلُ الزَّوَالَ، وَاللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَمَنْ يَتَوَجَّهُ إِلَى وَجْهِهِ يَظْهَرُ فِي وَجْهِهِ نُورٌ يُبْهِرُ الْأَنْوَارَ وَثَانِيهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَظْهَرُ فِي الْجِبَاهِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ السُّجُودِ وَالثَّانِي: مَا يُظْهِرُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي وُجُوهِ السَّاجِدِينَ لَيْلًا مِنَ الْحُسْنِ نَهَارًا، وَهَذَا مُحَقَّقٌ لِمَنْ يَعْقِلُ فَإِنَّ رَجُلَيْنِ يَسْهَرَانِ بِاللَّيْلِ أَحَدُهُمَا قَدِ اشْتَغَلَ بِالشَّرَابِ وَاللَّعِبِ وَالْآخَرُ قَدِ اشْتَغَلَ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَاسْتِفَادَةِ الْعِلْمِ فَكُلُّ أَحَدٍ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي يُفَرِّقُ بَيْنَ السَّاهِرِ فِي الشُّرْبِ وَاللَّعِبِ، وَبَيْنَ السَّاهِرِ فِي الذِّكْرِ وَالشُّكْرِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مَذْكُورَةٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ ذلِكَ مُبْتَدَأً، ومَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ خَبَرًا لَهُ، وقوله تعالى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ خبرا مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَمَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ وَثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ خَبَرُ ذَلِكَ هُوَ قَوْلُهُ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَقَوْلُهُ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ كَزَرْعٍ وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِشَارَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أُوضِحَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
كَزَرْعٍ كَقَوْلِهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ [الْحِجْرِ: 66] وَفِيهِ وَجْهٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَبَرًا لَهُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ هَذَا الظَّاهِرُ فِي وُجُوهِهِمْ ذَلِكَ يُقَالُ ظَهَرَ فِي وَجْهِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ، فَنَقُولُ أَيْ وَاللَّهِ ذَلِكَ أَيْ هَذَا ذَلِكَ الظَّاهِرُ، أَوِ الظَّاهِرُ الَّذِي تَقُولُهُ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ.
أَيْ وُصِفُوا فِي الْكِتَابَيْنِ بِهِ وَمُثِّلُوا بِذَلِكَ وَإِنَّمَا جُعِلُوا كَالزَّرْعِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يَخْرُجُ يَكُونُ ضَعِيفًا وَلَهُ نُمُوٌّ إِلَى حَدِّ الْكَمَالِ، فكذلك المؤمنون، والشطء الفرخ وفَآزَرَهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَخْرَجَ/ الشَّطْءَ وَآزَرَ الشَّطْءَ، وَهُوَ أَقْوَى وَأَظْهَرُ وَالْكَلَامُ يَتِمُّ عِنْدَ قَوْلِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ أَيْ تَنْمِيَةُ اللَّهِ ذَلِكَ لِيَغِيظَ أَوْ يَكُونُ الْفِعْلَ الْمُعَلَّلَ هُوَ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست