responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 244
فِي أَمْرِ الصَّلَاةِ تَرَدَّدَ مِرَارًا فَرُبَّمَا كَانَ يُجَاوِزُ كُلَّ مَرَّةٍ، وَيَنْزِلُ إِلَى جِبْرِيلَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكِلَاهُمَا مَنْقُولٌ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَنَزْلَةٌ أُخْرَى ظَاهِرٌ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ لَهُ نَزَلَاتٌ وَكَانَ لَهُ نَزْلَتَانِ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى صُورَتِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى الْمَشْهُورُ أَنَّ السِّدْرَةَ شَجَرَةٌ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَعَلَيْهَا/ مِثْلُ النَّبْقِ وَقِيلَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ،
وَوَرَدَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ صَلَّى الله عليه وسلم قال: «نيقها كَقِلَالِ هَجَرَ وَوَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ»
وَقِيلَ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى هِيَ الْحَيْرَةُ الْقُصْوَى مِنَ السِّدْرَةِ، وَالسِّدْرَةُ كالركبة من الراكب عند ما يُحَارُ الْعَقْلُ حَيْرَةً لَا حَيْرَةَ فَوْقَهَا، مَا حَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا غَابَ وَرَأَى مَا رَأَى، وَقَوْلُهُ عِنْدَ ظَرْفُ مَكَانٍ، أَوْ ظَرْفُ زَمَانٍ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ نَقُولُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ ظَرْفُ مَكَانٍ تَقْدِيرُهُ رَأَى جِبْرِيلَ أَوْ غَيْرَهُ بِقُرْبِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَقِيلَ ظَرْفُ زَمَانٍ، كَمَا يُقَالُ صَلَّيْتُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَتَقْدِيرُهُ رَآهُ عِنْدَ الْحَيْرَةِ الْقُصْوَى، أَيْ فِي الزَّمَانِ الَّذِي تُحَارُ فِيهِ عُقُولُ الْعُقَلَاءِ، وَالرُّؤْيَةُ مِنْ أَتَمِّ الْعُلُومِ وَذَلِكَ الْوَقْتُ مِنْ أَشَدِّ أَوْقَاتِ الْجَهْلِ وَالْحَيْرَةِ، فَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَا حَارَ وَقْتًا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَحَارَ الْعَاقِلُ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إِنْ قُلْنَا مَعْنَاهُ رَأَى اللَّهَ كَيْفَ يُفْهَمُ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى؟ قُلْنَا فِيهِ أَقْوَالٌ: الْأَوَّلُ: قَوْلُ مَنْ يَجْعَلُ اللَّهَ فِي مَكَانٍ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَدْ بَالَغْنَا فِي بَيَانِ بُطْلَانِهِ فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ الثَّانِي: رَآهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى لِأَنَّ الظَّرْفَ قَدْ يَكُونُ ظَرْفًا لِلرَّائِي كَمَا ذَكَرْنَا من المثال يقال رأيت الهلال، فيقاله لِقَائِلِهِ أَيْنَ رَأَيْتَهُ؟ فَيَقُولُ عَلَى السَّطْحِ وَرُبَّمَا يَقُولُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَأَمَّا إِنْ قُلْنَا إِنَّ الْمُرَادَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَالْوَجْهَانِ ظَاهِرَانِ وَكَوْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ جِبْرِيلَ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى أَظْهَرُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إِضَافَةُ السِّدْرَةِ إِلَى الْمُنْتَهَى مِنْ أَيِّ [أَنْوَاعِ] الْإِضَافَةِ؟ نَقُولُ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أَحَدُهَا: إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى مَكَانِهِ يُقَالُ أَشْجَارُ بَلْدَةِ كَذَا لَا تَطُولُ مِنَ الْبَرْدِ وَيُقَالُ أَشْجَارُ الْجَنَّةِ لَا تَيْبَسُ وَلَا تَخْلُو مِنَ الثِّمَارِ، فَالْمُنْتَهَى حِينَئِذٍ مَوْضِعٌ لَا يَتَعَدَّاهُ مَلَكٌ، وَقِيلَ لَا يَتَعَدَّاهُ رُوحٌ مِنَ الْأَرْوَاحِ وَثَانِيهَا: إِضَافَةُ الْمَحَلِّ إِلَى الْحَالِّ فِيهِ، يُقَالُ: كِتَابُ الْفِقْهِ، وَمَحَلُّ السَّوَادِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُنْتَهَى عِنْدَ السِّدْرَةِ تَقْدِيرُهُ سِدْرَةٌ عِنْدَ مُنْتَهَى الْعُلُومِ ثَالِثُهَا:
إِضَافَةُ الْمُلْكِ إِلَى مَالِكِهِ يُقَالُ دَارُ زَيْدٍ وَأَشْجَارُ زَيْدٍ وَحِينَئِذٍ فَالْمُنْتَهَى إِلَيْهِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى إِلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى [النَّجْمِ: 42] فَالْمُنْتَهَى إِلَيْهِ هُوَ اللَّهُ وَإِضَافَةُ السِّدْرَةِ إِلَيْهِ حِينَئِذٍ كَإِضَافَةِ الْبَيْتِ إِلَيْهِ لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّعْظِيمِ، وَيُقَالُ فِي التَّسْبِيحِ: يَا غَايَةَ مُنَاهُ، وَيَا مُنْتَهَى أملاه. ثم قال تعالى:

[سورة النجم (53) : آية 15]
عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (15)
وَفِي الْجَنَّةِ خِلَافٌ قَالَ بَعْضُهُمْ جَنَّةُ الْمَأْوَى هِيَ الْجَنَّةُ الَّتِي وُعِدَ بِهَا الْمُتَّقُونَ، وَحِينَئِذٍ الْإِضَافَةُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: دارَ الْمُقامَةِ [فَاطِرٍ: 35] وَقِيلَ هِيَ جَنَّةٌ أُخْرَى عِنْدَهَا يَكُونُ أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ وَقِيلَ هِيَ جَنَّةٌ لِلْمَلَائِكَةِ وَقُرِئَ جَنَّهُ بِالْهَاءِ مِنْ جَنَّ بِمَعْنَى أَجَنَّ يُقَالُ جَنَّ اللَّيْلُ وَأَجَنَّ، وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عِنْدَها عَائِدًا إِلَى النَّزْلَةِ، أَيْ عِنْدَ النَّزْلَةِ جَنَّ مُحَمَّدًا الْمَأْوَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى السِّدْرَةِ وَهِيَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ إِنَّ عَائِشَةَ أنكرت/ هذه القراءة، وقيل إنها أجازتها وقوله تعالى:

[سورة النجم (53) : آية 16]
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشى (16)
فِيهِ مَسَائِلُ:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست