responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 161
فَالْقَادِرُ عَلَى تَأْلِيفِ السَّحَابِ الْمُتَفَرِّقِ بِالرِّيَاحِ الذَّارِيَةِ وَالْمُرْسَلَةِ، قَادِرٌ عَلَى تَأْلِيفِ الْأَجْزَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي يَخْتَارُهَا بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي الذَّارِيَاتِ أَقْوَالٌ الْأَوَّلُ: هِيَ الرِّيَاحُ تَذْرُو التُّرَابَ وَغَيْرَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: تَذْرُوهُ الرِّياحُ [الْكَهْفِ: 45] الثَّانِي: هِيَ الْكَوَاكِبُ مِنْ ذَرَا يَذْرُو إِذَا أَسْرَعَ الثَّالِثُ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ الرَّابِعُ: رَبُّ الذَّارِيَاتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: الْأُمُورُ الْأَرْبَعَةُ جَازَ أَنْ تَكُونَ أُمُورًا مُتَبَايِنَةً، وَجَازَ أن تكون أمرا له أربع اعتبارات والأول: هِيَ مَا
رُوِيَ عَنْ عَلَيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّ الذَّارِيَاتِ هِيَ الرِّيَاحُ وَالْحَامِلَاتِ هِيَ السَّحَابُ، وَالْجَارِيَاتِ هِيَ السُّفُنُ، وَالْمُقَسِّمَاتِ هِيَ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ يُقَسِّمُونَ الْأَرْزَاقَ،
وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّ هَذِهِ صِفَاتٌ أَرْبَعٌ لِلرِّيَاحِ، فَالذَّارِيَاتُ هِيَ الرِّيَاحُ الَّتِي تُنْشِئُ السَّحَابَ أَوَّلًا، وَالْحَامِلَاتُ هِيَ الرِّيَاحُ الَّتِي تَحْمِلُ السُّحُبَ الَّتِي هِيَ بُخَارُ الْمِيَاهِ الَّتِي إِذَا سَحَّتْ جَرَتِ السُّيُولُ الْعَظِيمَةُ، وَهِيَ أَوَقَارٌ أَثْقَلُ مِنْ جِبَالٍ، وَالْجَارِيَاتُ هِيَ الرِّيَاحُ الَّتِي تَجْرِي بِالسُّحُبِ بَعْدَ حَمْلِهَا، وَالْمُقَسِّمَاتُ هِيَ الرِّيَاحُ الَّتِي تُفَرِّقُ الْأَمْطَارَ عَلَى الْأَقْطَارِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هَذِهِ أُمُورٌ أَرْبَعَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي مُقَابَلَةِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ بِهَا تَتِمُّ الْإِعَادَةُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ الَّتِي تَفَرَّقَتْ بَعْضُهَا فِي تُخُومِ الْأَرَضِينَ، وَبَعْضُهَا فِي قُعُورِ الْبُحُورِ، وَبَعْضُهَا فِي جَوِّ الْهَوَاءِ، وَهِيَ الْأَجْزَاءُ اللَّطِيفَةُ الْبُخَارِيَّةُ الَّتِي تَنْفَصِلُ عَنِ الْأَبْدَانِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالذَّارِياتِ يَعْنِي الْجَامِعَ لِلذَّارِيَاتِ مِنَ الْأَرْضِ عَلَى أَنَّ الذَّارِيَةَ هِيَ التي تذور التُّرَابَ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَالْحامِلاتِ وِقْراً هِيَ الَّتِي تَجْمَعُ الْأَجْزَاءَ مِنَ الْجَوِّ وَتَحْمِلُهُ حَمْلًا، فَإِنَّ التُّرَابَ لَا تَرْفَعُهُ الرِّيَاحُ حَمْلًا، بَلْ تَنْقُلُهُ مِنْ مَوْضِعٍ، وَتَرْمِيهِ فِي مَوْضِعٍ بِخِلَافِ السَّحَابِ، فَإِنَّهُ يَحْمِلُهُ وَيَنْقُلُهُ فِي الْجَوِّ حَمْلًا لَا يَقَعُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَوْلُهُ فَالْجارِياتِ يُسْراً إِشَارَةٌ إِلَى الْجَامِعِ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنَّ مَنْ يُجْرِي السُّفُنَ الثَّقِيلَةَ مِنْ تَيَّارِ الْبِحَارِ إِلَى السَّوَاحِلِ يَقْدِرُ عَلَى نَقْلِ الْأَجْزَاءِ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَرِّ، فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْجَمْعَ مِنَ الْأَرْضِ، وَجَوِّ الْهَوَاءِ وَوَسَطِ الْبِحَارِ مُمْكِنٌ، وَإِذَا اجْتَمَعَ يَبْقَى نَفْخُ الرُّوحِ لَكِنَّ الرُّوحَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الْإِسْرَاءِ: 85] فَقَالَ: فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً الْمَلَائِكَةُ الَّتِي تَنْفُخُ الرُّوحَ فِي الْجَسَدِ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمْ بِالْمُقَسِّمَاتِ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي الْأَجْزَاءِ الْجِسْمِيَّةِ غَيْرُ مُخَالِفٍ تَخَالُفًا بَيِّنًا، فَإِنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ رَأْسًا وَرِجْلًا، وَالنَّاسُ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْأَعْدَادِ وَالْأَقْدَارِ، لَكِنَّ التَّفَاوُتَ الْكَثِيرَ فِي/ النُّفُوسِ، فَإِنَّ الشَّرِيفَةَ وَالْخَسِيسَةَ بينهما غاية الخلاف، وتلك القسمة المتفاوتة تتقسم بِمُقَسِّمٍ مُخْتَارٍ وَمَأْمُورٍ مُخْتَارٍ فَقَالَ: فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً.
المسألة السابعة: مَا هَذِهِ الْمَنْصُوبَاتُ مِنْ حَيْثُ النَّحْوُ؟ فَنَقُولُ أَمَّا ذَرْواً فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَأَمَّا وِقْراً فَهُوَ مَفْعُولٌ بِهِ، كَمَا يُقَالُ: حَمَلَ فُلَانٌ عَدْلًا ثَقِيلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا أُقِيمَ مَقَامَ الْمَصْدَرِ، كَمَا يُقَالُ: ضَرَبَهُ سَوْطًا يُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِفَتْحِ الْوَاوِ. وَأَمَّا يُسْراً فَهُوَ أَيْضًا مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ، تَقْدِيرُهُ جَرْيًا ذَا يُسْرٍ، وَأَمَّا فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً فَهُوَ إِمَّا مَفْعُولٌ بِهِ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ قَسَّمَ الرِّزْقَ أَوِ الْمَالَ وَإِمَّا حَالٌ أَتَى عَلَى صُورَةِ الْمَصْدَرِ، كَمَا يُقَالُ: قَتَلْتُهُ صَبْرًا، أَيْ مَصْبُورًا كذلك هاهنا فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً أَيْ مَأْمُورَةً، فَإِنْ قِيلَ: إِنْ كَانَ وِقْراً مَفْعُولَهُ بِهِ فَلِمَ لَمْ يَجْمَعْ، وَمَا قِيلَ: وَالْحَامِلَاتِ أَوَقَارًا؟ نَقُولُ لِأَنَّ الْحَامِلَاتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا صِفَةُ الرِّيَاحِ، وَهِيَ تَتَوَارَدُ عَلَى وِقْرٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ رِيحًا تَهُبُّ وَتَسُوقُ السَّحَابَةَ فَتَسْبِقُ السَّحَابَ، فَتَهُبُّ أُخْرَى وَتَسُوقُهَا، وَرُبَّمَا تَتَحَوَّلُ عَنْهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الرِّيَاحِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا، إِذَا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 28  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست