responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 618
خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَخْلُقَ» [1] فَالْكِتَابُ عِنْدَهُ فَإِنْ قِيلَ وَمَا الْحِكْمَةُ فِي خَلْقِ هَذَا اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى عَلَّامُ الْغُيُوبِ وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ السَّهْوُ وَالنِّسْيَانُ؟ قُلْنَا إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَثْبَتَ فِي ذَلِكَ أَحْكَامَ حَوَادِثِ الْمَخْلُوقَاتِ، ثُمَّ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُشَاهِدُونَ أَنَّ جَمِيعَ الْحَوَادِثِ إِنَّمَا تَحْدُثُ عَلَى مُوَافَقَةِ ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ، اسْتَدَلُّوا بِذَلِكَ عَلَى كَمَالِ حِكْمَةِ اللَّهِ وَعِلْمِهِ.
الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ: مِنْ صِفَاتِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَوْلُهُ لَدَيْنا هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِنَّمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا التَّشْرِيفِ لِكَوْنِهِ كِتَابًا جَامِعًا لِأَحْوَالِ جَمِيعِ الْمُحْدَثَاتِ، فَكَأَنَّهُ الْكِتَابُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ مَا يَقَعُ فِي مُلْكِ اللَّهِ وَمَلَكُوتِهِ، فَلَا جَرَمَ حَصَلَ لَهُ هَذَا التَّشْرِيفُ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا صِفَةَ الْقُرْآنِ وَالتَّقْدِيرُ إِنَّهُ لَدَيْنَا فِي أُمِّ الْكِتَابِ.
الصِّفَةُ الثَّالِثَةُ: كَوْنُهُ عَلِيًّا وَالْمَعْنَى كَوْنُهُ عَالِيًا عَنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ وَقِيلَ الْمُرَادُ كَوْنُهُ عَالِيًا عَلَى جَمِيعِ الْكُتُبِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُعْجِزًا بَاقِيًا عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ.
الصِّفَةُ الرَّابِعَةُ: كَوْنُهُ حَكِيمًا أَيْ مُحْكَمًا فِي أَبْوَابِ الْبَلَاغَةِ وَالْفَصَاحَةِ، وَقِيلَ حَكِيمٌ أَيْ ذُو حِكْمَةٍ بَالِغَةٍ، وَقِيلَ إِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلَّهَا صِفَاتُ الْقُرْآنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فِي تَفْسِيرِ أُمِّ الْكِتَابِ أَنَّهُ الْآيَاتُ الْمُحْكَمَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ [آلِ عِمْرَانَ: 7] وَمَعْنَاهُ أَنَّ سُورَةَ حم وَاقِعَةٌ فِي الْآيَاتِ الْمُحْكَمَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَالْأُمُّ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ نَافِعٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ إِنْ كُنْتُمْ بِكَسْرِ الْأَلِفِ تَقْدِيرُهُ: إِنْ كُنْتُمْ مُسْرِفِينَ لَا نَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا، وَقِيلَ (إِنَّ) بِمَعْنَى إِذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الْبَقَرَةِ: 278] وَبِالْجُمْلَةِ فَالْجَزَاءُ مُقَدَّمٌ عَلَى الشَّرْطِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْأَلِفِ عَلَى التَّعْلِيلِ أَيْ لِأَنْ كُنْتُمْ مُسْرِفِينَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ يَقُولُ ضَرَبْتُ عَنْهُ وَأَضْرَبْتُ عَنْهُ أَيْ تَرَكْتُهُ وَأَمْسَكْتُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ صَفْحاً أَيْ إِعْرَاضًا وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّكَ تَوَلَّيْتَ بِصَفْحَةِ عُنُقِكَ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً تَقْدِيرُهُ: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمْ إِضْرَابَنَا أَوْ تَقْدِيرُهُ أَفَنَصْفَحُ عَنْكُمْ صَفْحًا، وَاخْتَلَفُوا/ فِي مَعْنَى الذِّكْرِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَفَنَرُدُّ عَنْكُمْ ذِكْرَ عَذَابِ اللَّهِ، وَقِيلَ أَفَنَرُدُّ عَنْكُمُ النَّصَائِحَ وَالْمَوَاعِظَ، وَقِيلَ أَفَنَرُدُّ عَنْكُمُ الْقُرْآنَ، وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ، يعني إنا لا نترك هذا الإعذار والإنذار بِسَبَبِ كَوْنِكُمْ مُسْرِفِينَ، قَالَ قَتَادَةُ: لَوْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ رُفِعَ حِينَ رَدَّهُ أَوَائِلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَهَلَكُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ كَرَّرَهُ عَلَيْهِمْ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ عِشْرِينَ سَنَةً إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: الرَّحْمَةُ يعني أنا لَا نَتْرُكَكُمْ مَعَ سُوءِ اخْتِيَارِكُمْ بَلْ نُذَكِّرُكُمْ وَنَعِظُكُمْ إِلَى أَنْ تَرْجِعُوا إِلَى الطَّرِيقِ الْحَقِّ الثَّانِي: الْمُبَالَغَةُ فِي التَّغْلِيظِ يَعْنِي أَتَظُنُّونَ أَنْ تُتْرَكُوا مَعَ مَا تُرِيدُونَ، كَلَّا بَلْ نُلْزِمُكُمُ الْعَمَلَ وَنَدْعُوكُمْ إِلَى الدِّينِ وَنُؤَاخِذُكُمْ مَتَى أَخْلَلْتُمْ بِالْوَاجِبِ وَأَقْدَمْتُمْ عَلَى الْقَبِيحِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ أَفَنَضْرِبُ لِلْعَطْفِ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَنُهْمِلُكُمْ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ.

[1] هكذا في الأصل والعبارة ويظهر أن به سقطا.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 618
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست