responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 613
الَّذِي بَلَّغَهُ إِلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ حَادِثٌ وَمِثْلُ الْحَادِثِ حَادِثٌ، وَجَبَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْكَلَامَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ حَادِثٌ الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ يَقْتَضِي كَوْنَ الْوَحْيِ حَاصِلًا بَعْدَ الْإِرْسَالِ، وَمَا كَانَ حُصُولُهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ حُصُولِ غَيْرِهِ كَانَ حَادِثًا وَالْجَوَابُ: أَنَّا نَصْرِفُ جُمْلَةَ هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا إِلَى الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَنَعْتَرِفُ بِأَنَّهَا حَادِثَةٌ كَائِنَةٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ وَبَدِيهَةُ الْعَقْلِ شَاهِدَةٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَى إِثْبَاتِ هَذَا الْمَطْلُوبِ الَّذِي عَلِمْتَ صِحَّتَهُ بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ وَبِظَوَاهِرِ الْقُرْآنِ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: ثَبَتَ أَنَّ الْوَحْيَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، إِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ بِوَاسِطَةِ شَخْصٍ آخَرَ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَحْيٍ حَاصِلًا بِوَاسِطَةِ شَخْصٍ آخَرَ، وَإِلَّا لَزِمَ إِمَّا التَّسَلْسُلُ وَإِمَّا الدَّوْرُ، وَهُمَا مُحَالَانِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِحُصُولِ وَحْيٍ يحصل لا بواسطة شخص آخر، ثم هاهنا أَبْحَاثٌ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الشَّخْصَ الْأَوَّلَ الَّذِي سَمِعَ وَحْيَ اللَّهِ لَا بِوَاسِطَةِ شَخْصٍ آخَرَ كَيْفَ/ يَعْرِفُ أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي سَمِعَهُ كَلَامُ اللَّهِ، فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ سَمِعَ تِلْكَ الصِّفَةَ الْقَدِيمَةَ الْمُنَزَّهَةَ عَنْ كَوْنِهَا حَرْفًا وَصَوْتًا، لَمْ يَبْعُدْ أَنَّهُ إِذَا سَمِعَهَا عَلِمَ بِالضَّرُورَةِ كَوْنَهَا كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَبْعُدْ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ يَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى دَلِيلٍ زَائِدٍ، أَمَّا إِنْ قُلْنَا إِنَّ الْمَسْمُوعَ هُوَ الْحَرْفُ وَالصَّوْتُ امْتَنَعَ أَنْ يُقْطَعَ بِكَوْنِهِ كَلَامًا لِلَّهِ تَعَالَى، إِلَّا إِذَا ظَهَرَتْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَسْمُوعَ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى.
الْبَحْثُ الثَّانِي: أَنَّ الرَّسُولَ إِذَا سَمِعَهُ مِنَ الْمَلَكِ كَيْفَ يَعْرِفُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُبَلِّغَ مَلَكٌ مَعْصُومٌ لَا شَيْطَانٌ مُضِلٌّ؟
وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقَطْعُ بِذَلِكَ إِلَّا بِنَاءً عَلَى مُعْجِزَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمُبَلِّغَ مَلَكٌ مَعْصُومٌ لَا شَيْطَانٌ خَبِيثٌ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، فَالْوَحْيُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتِمُّ إِلَّا بِثَلَاثِ مَرَاتِبَ فِي ظُهُورِ الْمُعْجِزَاتِ:
الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: أَنَّ الْمَلَكَ إِذَا سَمِعَ ذَلِكَ الْكَلَامَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُعْجِزَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْكَلَامَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى.
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ ذَلِكَ الْمَلَكَ إِذَا وَصَلَ إِلَى الرَّسُولِ، لَا بُدَّ لَهُ أَيْضًا مِنْ مُعْجِزَةٍ.
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ ذَلِكَ الرَّسُولَ إِذَا أَوْصَلَهُ إِلَى الْأُمَّةِ، فَلَا بُدَّ لَهُ أَيْضًا مِنْ مُعْجِزَةٍ، فَثَبَتَ أَنَّ التَّكْلِيفَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْخَلْقِ إِلَّا بَعْدَ وُقُوعِ ثَلَاثِ مَرَاتِبَ فِي الْمُعْجِزَاتِ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَدْ سَمِعَ الْوَحْيَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً، فَذَلِكَ الْمَلَكُ هُوَ جِبْرِيلُ، وَيُقَالُ لَعَلَّ جِبْرِيلَ سَمِعَهُ مِنْ مَلَكٍ آخَرَ، فالكل محتمل ولو بألف واسطة، ولو يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَطْعِ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ.
الْبَحْثُ الرَّابِعُ: هَلْ فِي الْبَشَرِ مَنْ سَمِعَ وَحْيَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ؟ الْمَشْهُورُ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَمِعَ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تعالى: فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى [طه: 13] وَقِيلَ إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَهُ أَيْضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحى
[النَّجْمِ: 10] .
الْبَحْثُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُظْهِرُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى أَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَرَاهُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَجَبَ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الْمُعْجِزَةِ، لِيَعْرِفَ أَنَّ هَذَا الَّذِي رَآهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ عَيْنُ مَا رَآهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى شَخْصَهُ كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى الْمُعْجِزَةِ أَقْوَى، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَصَلَ الِاشْتِبَاهُ فِي
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 613
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست