responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 604
لِأَرْشَدِ أَمْرِهِمْ، وَالشُّورَى مَصْدَرٌ كَالْفُتْيَا بِمَعْنَى التَّشَاوُرِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ أَيْ ذُو شُورَى.
الصِّفَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ وَالْمَعْنَى أَنْ يَقْتَصِرُوا فِي الِانْتِصَارِ عَلَى مَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ لَهُمْ وَلَا يَتَعَدَّوْنَهُ، وَعَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَهَا قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُذِلُّوا أَنْفُسَهُمْ فَيَجْتَرِئَ عَلَيْهِمُ السُّفَهَاءُ، فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الْآيَةُ مُشْكِلَةٌ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ قَبْلَهُ وَإِذا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ فَكَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يُذْكَرَ مَعَهُ مَا يَجْرِي مَجْرَى الضِّدِّ لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ؟ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ جَمِيعَ الْآيَاتِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْعَفْوَ أَحْسَنُ قَالَ تَعَالَى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى [الْبَقَرَةِ: 237] وَقَالَ: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [الْفُرْقَانِ: 72] وَقَالَ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ [الْأَعْرَافِ: 199] وَقَالَ وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [النَّحْلِ: 126] فَهَذِهِ الْآيَاتُ تُنَاقِضُ مَدْلُولَ هَذِهِ الْآيَةِ وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْعَفْوَ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْعَفْوُ سَبَبًا لِتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ وَجِنَايَةِ الْجَانِي وَرُجُوعِهِ عَنْ جِنَايَتِهِ وَالثَّانِي: أَنْ يَصِيرَ الْعَفْوُ سَبَبًا لمزيد جراءة الجاني ولقوة غيظه وغضبه، والآيات فِي الْعَفْوِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، وَحِينَئِذٍ يَزُولُ التَّنَاقُضُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الْمُصِرِّ يَكُونُ كَالْإِغْرَاءِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ عَبْدَهَ فَجَرَ بِجَارِيَتِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ فَلَوْ عَفَا عَنْهُ كَانَ مَذْمُومًا،
وَرُوِيَ أَنَّ زَيْنَبَ أَقْبَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فَشَتَمَتْهَا فَنَهَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَلَمْ تَنْتَهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دُونَكِ فَانْتَصِرِي»
وَأَيْضًا إِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُرَغِّبْ فِي الِانْتِصَارِ بَلْ بَيَّنَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فَقَطْ، ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَهُ أَنَّ شَرْعَهُ مَشْرُوطٌ بِرِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعَفْوَ أَوْلَى بِقَوْلِهِ فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَزَالَ السؤال والله أعلم.

[سورة الشورى (42) : الآيات 40 الى 46]
وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44)
وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (45) وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ [الشُّورَى: 39] أَرْدَفَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِانْتِصَارَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِالْمِثْلِ فَإِنَّ النُّقْصَانَ حَيْفٌ وَالزِّيَادَةَ ظُلْمٌ وَالتَّسَاوِيَ هُوَ العدل وبه قامت السموات وَالْأَرْضُ، فَلِهَذَا السَّبَبِ قَالَ: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ جَزَاءُ السَّيِّئَةِ مَشْرُوعٌ مَأْذُونٌ فِيهِ، فَكَيْفَ سُمِّيَ بِالسَّيِّئَةِ؟ أَجَابَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : عَنْهُ كِلْتَا الْفِعْلَتَيْنِ الْأُولَى وَجَزَاؤُهَا سَيِّئَةٌ لِأَنَّهَا تَسُوءُ مَنْ تَنْزِلُ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 604
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست