responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 601
وَالْبَهَائِمَ لَيْسَ لَهَا أَلَمٌ قَالُوا قَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْأَطْفَالَ وَالْبَهَائِمَ مَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي بَدَنٍ آخَرَ لِفَسَادِ الْقَوْلِ بِالتَّنَاسُخِ فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لَا تَتَأَلَّمُ إِذِ الْأَلَمُ مُصِيبَةٌ وَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ خِطَابٌ مَعَ مَنْ يَفْهَمُ وَيَعْقِلُ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْبَهَائِمُ وَالْأَطْفَالُ، وَلَمْ يَقُلْ تَعَالَى: إِنَّ جَمِيعَ مَا يُصِيبُ الْحَيَوَانَ مِنَ الْمَكَارِهِ فَإِنَّهُ بِسَبَبِ ذَنْبٍ سَابِقٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ يَقْتَضِي إِضَافَةَ الْكَسْبِ إِلَى الْيَدِ، قَالَ وَالْكَسْبُ لَا يَكُونُ بِالْيَدِ، بَلْ بِالْقُدْرَةِ الْقَائِمَةِ بِالْيَدِ، وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ لَفْظِ الْيَدِ هاهنا الْقُدْرَةَ، وَكَانَ هَذَا الْمَجَازُ مَشْهُورًا مُسْتَعْمَلًا، كَانَ لَفْظُ الْيَدِ الْوَارِدُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْقُدْرَةِ تَنْزِيهًا لِلَّهِ تَعَالَى عَنِ الْأَعْضَاءِ وَالْأَجْزَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ تعالى: وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ يَتْرُكُ الْكَثِيرَ مِنْ هَذِهِ التَّشْدِيدَاتِ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الْوَجَعِ الشَّدِيدِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّا لَنَغْتَمُّ لَكَ مِنْ بَعْضِ مَا نَرَى، فَقَالَ لَا تفعلوا فو الله إِنَّ أَحَبَّهُ إِلَى اللَّهِ أَحَبُّهُ إِلَيَّ، وَقَرَأَ وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فَهَذَا بِمَا كَسَبَتْ يَدَايَ، وَسَيَأْتِينِي عَفْوُ رَبِّي،
وَقَدْ رَوَى أَبُو سَخْلَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وقال: «ما عفى اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ أَعَزُّ وَأَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَمَا عَاقَبَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُعِيدَ الْعَذَابَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ» رَوَاهُ الْوَاحِدِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» ،
وَقَالَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ ذُنُوبَ الْمُؤْمِنِينَ صِنْفَيْنِ: صِنْفٌ كَفَّرَهُ عَنْهُمْ بِالْمَصَائِبِ فِي الدُّنْيَا، وَصِنْفٌ عَفَا عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ كَرِيمٌ لَا يَرْجِعُ فِي عَفْوِهِ، وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فلأنه لا يجعل عَلَيْهِ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ يَقُولُ مَا أَنْتُمْ مَعْشَرَ الْمُشْرِكِينَ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ، أَيْ لَا تُعْجِزُونَنِي حَيْثُمَا كُنْتُمْ، فَلَا تَسْبِقُونَنِي بِسَبَبِ هَرَبِكُمْ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ والمراد بهم مَنْ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، بَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهَا الْبَتَّةَ، وَالنَّصِيرُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، فَلَا جرم هو الذي تحسن عبادته.

[سورة الشورى (42) : الآيات 32 الى 39]
وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36)
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 601
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست