responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 509
لَهُ وَأَكْتَفِي بِتَفْوِيضِ ذَلِكَ الْأَمْرِ إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُقَيِّضُ أَقْوَامًا لَا أَعْرِفُهُمُ الْبَتَّةَ، يُبَالِغُونَ فِي دَفْعِ ذَلِكَ الشَّرِّ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، فَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ ابْنَ عَمٍّ لَهُ، وَكَانَ جَارِيًا مَجْرَى وَلِيِّ الْعَهْدِ وَمَجْرَى صَاحِبِ الشُّرَطَةِ، وَقِيلَ كَانَ قِبْطِيًّا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ وَمَا كَانَ مِنْ أَقَارِبِهِ، وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِأَنَّ لَفْظَ الْآلِ يَقَعُ عَلَى الْقَرَابَةِ وَالْعَشِيرَةِ قَالَ تَعَالَى: إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ [القمر: 34]
وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ: حَبِيبٌ النَّجَّارُ مُؤْمِنُ آلِ يَاسِينَ، وَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ الَّذِي قَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَالثَّالِثُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ»
وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ خَيْرًا مِنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ لِأَنَّهُ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ جِهَارًا أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ فَكَانَ ذَلِكَ سِرًّا وَهَذَا كَانَ جِهَارًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَفْظُ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ مُؤْمِنٌ أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُ شَخْصًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ يَكْتُمُ إِيمانَهُ وَالتَّقْدِيرُ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ غَيْرُ جَائِزٍ لأنه يُقَالُ كَتَمْتُ مِنْ فُلَانٍ كَذَا، إِنَّمَا يُقَالُ كَتَمْتُهُ كَذَا قَالَ تَعَالَى:
وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً [النِّسَاءِ: 42] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ الْأَكْثَرُونَ قرءوا بِضَمِّ الْجِيمِ وَقُرِئَ رَجِلٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ كَمَا يُقَالُ عَضِدٌ فِي عَضُدٍ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ اسْتِفْهَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي هذا الكلام ما يدل على حسن ذلك الِاسْتِنْكَارِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَا زَادَ عَلَى أَنْ قَالَ: رَبِّيَ اللَّهُ وَجَاءَ بِالْبَيِّنَاتِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْقَتْلَ الْبَتَّةَ وَقَوْلُهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ رَبِّيَ اللَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَقَوْلَهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ إِشَارَةٌ إِلَى الدَّلَائِلَ الدَّالَّةِ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ طه [50] رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى وَقَوْلُهُ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ [24] رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ
إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُ حُجَّةً ثَانِيَةً فِي أَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى قَتْلِهِ غَيْرُ جَائِزٍ وَهِيَ حُجَّةٌ مَذْكُورَةٌ عَلَى طَرِيقَةِ التَّقْسِيمِ، فَقَالَ إِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ كَاذِبًا كَانَ وَبَالُ كَذِبِهِ عَائِدًا عَلَيْهِ فَاتْرُكُوهُ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ، فَثَبَتَ أَنَّ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ كَانَ الْأَوْلَى إِبْقَاؤُهُ حَيًّا.
فَإِنْ قِيلَ السُّؤَالُ عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ مَعْنَاهُ أَنَّ ضَرَرَ كَذِبِهِ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَدَّاهُ، وَهَذَا الْكَلَامُ فَاسِدٌ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ كَاذِبًا كَانَ ضَرَرُ كَذِبِهِ مَقْصُورًا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى ذَلِكَ الدِّينِ الْبَاطِلِ، فَيَغْتَرُّ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَيَقَعُونَ فِي الْمَذْهَبِ الْبَاطِلِ وَالِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ، ثُمَّ يَقَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمُ الْخُصُومَاتُ الْكَثِيرَةُ فَثَبَتَ أَنَّ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ كاذبا لم يمكن ضَرَرُ كَذِبِهِ مَقْصُورًا عَلَيْهِ، بَلْ كَانَ مُتَعَدِّيًا إِلَى الْكُلِّ، وَلِهَذَا السَّبَبِ الْعُلَمَاءُ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الزِّنْدِيقَ الَّذِي يَدْعُو النَّاسَ إِلَى زَنْدَقَتِهِ يَجِبُ قَتْلُهُ وَثَانِيهَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْكَلَامُ حُجَّةً لَهُ، فَلَا كَذَّابَ إِلَّا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ، فَوَجَبَ تَمَكُّنُ جَمِيعِ الزَّنَادِقَةِ وَالْمُبْطِلِينَ مِنْ تَقْرِيرِ أَدْيَانِهِمُ الْبَاطِلَةِ وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْكُفَّارَ الَّذِينَ أَنْكَرُوا نُبُوَّةَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُنْكِرُ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ الْإِنْكَارِ فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ، وَإِنْ يَكُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 27  صفحه : 509
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست