responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 86
[في قَوْلِهِ تَعَالَى فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ إلى قوله يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ] لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى عَظَمَتَهُ فِي الِابْتِدَاءِ بِقَوْلِهِ: مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [الروم: 8] وَعَظَمَتَهُ فِي الِانْتِهَاءِ، وَهُوَ حِينَ تَقُومُ السَّاعَةُ وَيَفْتَرِقُ النَّاسُ فَرِيقَيْنِ، وَيَحْكُمُ عَلَى الْبَعْضِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي، وَهَؤُلَاءِ إِلَى النَّارِ وَلَا أُبَالِي، أَمَرَ بِتَنْزِيهِهِ عَنْ كُلِّ سُوءٍ ويحمده عَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَالَ:
فَسُبْحانَ اللَّهِ أَيْ سَبِّحُوا اللَّهَ تَسْبِيحًا، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي مَعْنَى سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَفْظِهِ، أَمَّا لَفْظُهُ فَفِعْلَانِ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ التَّسْبِيحُ، سُمِّيَ التَّسْبِيحُ بِسُبْحَانَ وَجُعِلَ عَلَمًا لَهُ. وَأَمَّا الْمَعْنَى فَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ مِنْهُ الصَّلَاةُ، أَيْ صَلُّوا، وَذَكَرُوا أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَرَادَ بِهِ التَّنْزِيهَ، أَيْ نَزِّهُوهُ عَنْ/ صِفَاتِ النَّقْصِ وَصِفُوهُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَهَذَا أَقْوَى وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ أَوْلَى، لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْأَوَّلَ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّنْزِيهَ الْمَأْمُورَ بِهِ يَتَنَاوَلُ التَّنْزِيهَ بِالْقَلْبِ، وَهُوَ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَبِاللِّسَانِ مَعَ ذَلِكَ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَسَنُ وَبِالْأَرْكَانِ مَعَهُمَا جَمِيعًا وَهُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ، وَالثَّانِي ثَمَرَةُ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ ثَمَرَةُ الثَّانِي، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اعْتَقَدَ شَيْئًا ظَهَرَ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ، وَإِذَا قَالَ ظَهَرَ صِدْقُهُ فِي مَقَالِهِ مِنْ أَحْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَاللِّسَانُ تَرْجُمَانُ الْجِنَانِ وَالْأَرْكَانُ بُرْهَانُ اللِّسَانِ، لَكِنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ أَعْمَالِ الْأَرْكَانِ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الذِّكْرِ بِاللِّسَانِ وَالْقَصْدِ بِالْجَنَانِ، وَهُوَ تَنْزِيهٌ فِي التَّحْقِيقِ، فَإِذَا قَالَ نَزِّهُونِي، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّنْزِيهِ، وَالْأَمْرُ الْمُطْلَقُ لَا يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ تَنْزِيهٌ فَيَكُونُ أَيْضًا هَذَا أَمْرًا بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ إِنَّ قَوْلَنَا يُنَاسِبُ مَا تَقَدَّمَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْمَقَامَ الْأَعْلَى وَالْجَزَاءَ الْأَوْفَى لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ الصَّالِحَاتِ حَيْثُ قَالَ: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ [الروم: 15] قَالَ: إِذَا عَلِمْتُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَقَامَ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ الصَّالِحَاتِ وَالْإِيمَانُ تَنْزِيهٌ بِالْجَنَانِ وَتَوْحِيدٌ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ اسْتِعْمَالُ الْأَرْكَانِ وَالْكُلُّ تَنْزِيهَاتٌ وَتَحْمِيدَاتٌ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ أَيْ فَأْتُوا بِذَلِكَ الَّذِي هُوَ الْمُوَصِّلُ إِلَى الْحُبُورِ فِي الرِّيَاضِ، وَالْحُضُورِ عَلَى الْحِيَاضِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: خَصَّ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ بِالْأَمْرِ بِالتَّسْبِيحِ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ أَدْوَمُهَا، لَكِنَّ أَفْضَلَ الْمَلَائِكَةِ مُلَازِمُونَ لِلتَّسْبِيحِ عَلَى الدَّوَامِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لَا يَفْتُرُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: 20] وَالْإِنْسَانُ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْرِفَ جَمِيعَ أَوْقَاتِهِ إِلَى التَّسْبِيحِ، لِكَوْنِهِ مُحْتَاجًا إِلَى أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَتَحْصِيلِ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَمَلْبُوسٍ وَمَرْكُوبٍ فَأَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَوْقَاتٍ إِذَا أَتَى الْعَبْدُ بِتَسْبِيحِ اللَّهِ فِيهَا يَكُونُ كَأَنَّهُ لَمْ يَفْتُرْ وَهِيَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالْوَسَطُ أَوَّلُ النَّهَارِ وَآخِرُهُ وَوَسَطُهُ فَأَمَرَ بِالتَّسْبِيحِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ وَوَسَطِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالتَّسْبِيحِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ لِأَنَّ النَّوْمَ فِيهِ غَالِبٌ وَاللَّهُ مَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِالِاسْتِرَاحَةِ بِالنَّوْمِ، كَمَا قَالَ: وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ [الرُّومِ: 23] فَإِذَا صَلَّى فِي أَوَّلِ النَّهَارِ تَسْبِيحَتَيْنِ وَهُمَا رَكْعَتَانِ حُسِبَ لَهُ صَرْفُ سَاعَتَيْنِ إِلَى التَّسْبِيحِ، ثُمَّ إِذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَقْتَ الظُّهْرِ حُسِبَ لَهُ صَرْفُ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ أُخَرَ فَصَارَتْ سِتَّ سَاعَاتٍ، وَإِذَا صَلَّى أَرْبَعًا فِي أَوَاخِرِ النَّهَارِ وَهُوَ الْعَصْرُ حُسِبَ لَهُ أَرْبَعٌ أُخْرَى فَصَارَتْ عَشْرَ سَاعَاتٍ، فَإِذَا صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ سَبْعَ رَكَعَاتٍ أُخَرَ حَصَلَ لَهُ صَرْفُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَاعَةً إِلَى التَّسْبِيحِ وَبَقِيَ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سَبْعُ سَاعَاتٍ وَهِيَ مَا بَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَثُلُثَيْهِ لِأَنَّ ثُلُثَيْهِ ثَمَانِ سَاعَاتٍ وَنِصْفَهُ سِتُّ سَاعَاتٍ وَمَا بَيْنَهُمَا السَّبْعُ، وَهَذَا الْقَدْرُ لَوْ نَامَ الْإِنْسَانُ فِيهِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست