responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 197
الصَّالِحِ فَاعْمَلُوا ذَلِكَ وَأَكْثِرُوا مِنْهُ، وَالْكَسْبُ قَدِّرُوا فِيهِ، ثُمَّ أَكَّدَ طَلَبَ الْفِعْلِ الصَّالِحِ بِقَوْلِهِ: إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِرَارًا أَنَّ مَنْ يَعْمَلُ لِمَلِكٍ شُغْلًا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ بِمَرْأًى مِنَ الْمَلِكِ يُحْسِنُ الْعَمَلَ وَيُتْقِنُهُ وَيَجْتَهِدُ فِيهِ، ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ الْمُنِيبَ الْوَاحِدَ ذَكَرَ مُنِيبًا آخَرَ وَهُوَ سُلَيْمَانُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ [ص: 34] . وذكر ما استفاد هو بالإنابة فقال:

[سورة سبإ (34) : آية 12]
وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (12)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قُرِئَ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ بِالرَّفْعِ وَبِالنَّصْبِ وَجْهُ الرَّفْعِ: وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ مُسَخَّرَةً أَوْ سُخِّرَتْ لِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ وَوَجْهُ النَّصْبِ وَلِسُلَيْمَانَ سَخَّرْنَا الرِّيحَ وَلِلرَّفْعِ وَجْهٌ آخَرُ/ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ: وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ كَمَا يُقَالُ لِزَيْدٍ الدَّارُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ لَهُ كَالْمَمْلُوكِ الْمُخْتَصِّ بِهِ يَأْمُرُهَا بِمَا يُرِيدُ حَيْثُ يُرِيدُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْوَاوُ لِلْعَطْفِ فَعَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ يَصِيرُ عَطْفًا لِجُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ عَلَى جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ وَهُوَ لا يجوز أولا يَحْسُنُ فَكَيْفَ هَذَا فَنَقُولُ لَمَّا بَيَّنَ حَالَ دَاوُدَ كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ مَا ذَكَرْنَا لِدَاوَدَ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحُ، وَأَمَّا عَلَى النَّصْبِ فَعَلَى قَوْلِنَا: وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ كَأَنَّهُ قَالَ: وَأَلَنَّا لِدَاوُدَ الْحَدِيدَ وَسَخَّرْنَا لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُسَخَّرُ لِسُلَيْمَانَ كَانَتْ رِيحًا مَخْصُوصَةً لَا هَذِهِ الرِّيَاحُ، فَإِنَّهَا الْمَنَافِعُ عَامَّةً فِي أَوْقَاتِ الْحَاجَاتِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُقْرَأْ إِلَّا عَلَى التَّوْحِيدِ فَمَا قَرَأَ أَحَدٌ الرِّيَاحَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْمُرَادُ مِنْ تَسْخِيرِ الْجِبَالِ وَتَسْبِيحِهَا مَعَ دَاوُدَ أَنَّهَا كَانَتْ تُسَبِّحُ كَمَا يُسَبِّحُ كُلُّ شَيْءٍ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [الْإِسْرَاءِ: 44] ، وَكَانَ هُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَفْقَهُ تَسْبِيحَهَا فَيُسَبِّحُ، وَمِنْ تَسْخِيرِ الرِّيحِ أَنَّهُ رَاضَ الْخَيْلَ وَهِيَ كَالرِّيحِ وَقَوْلُهُ: غُدُوُّها شَهْرٌ ثَلَاثُونَ فَرْسَخًا لِأَنَّ مَنْ يَخْرُجُ لِلتَّفَرُّجِ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ لَا يَسِيرُ أَكْثَرَ مِنْ فَرْسَخٍ وَيَرْجِعُ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ فِي حَقِّ دَاوُدَ: وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ وَقَوْلُهُ فِي حَقِّ سُلَيْمَانَ:
وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ أَنَّهُمُ اسْتَخْرَجُوا تَذْوِيبَ الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ بِالنَّارِ وَاسْتِعْمَالَ الْآلَاتِ مِنْهُمَا وَالشَّيَاطِينَ أَيْ أُنَاسًا أَقْوِيَاءَ وَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ حَمَلَهُ عَلَى هَذَا ضَعْفُ اعْتِقَادِهِ [وَ] عَدَمُ اعْتِمَادِهِ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مُمْكِنٍ وَهَذِهِ أَشْيَاءُ مُمْكِنَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَقُولُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ [الْأَنْبِيَاءِ: 79] وَقَوْلُهُ: وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً [الأنبياء: 81] لَوْ قَالَ قَائِلٌ مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي الْأَنْبِيَاءِ: وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ وفي هذه السورة قال: يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ [سبأ: 10] وقال في الريح هناك وهاهنا: وَلِسُلَيْمانَ تقول الْجِبَالُ لَمَّا سَبَّحَتْ شَرُفَتْ بِذِكْرِ اللَّهِ فَلَمْ يُضِفْهَا إِلَى دَاوُدَ بِلَامِ الْمِلْكِ بَلْ جَعَلَهَا مَعَهُ كَالْمُصَاحِبِ، وَالرِّيحُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا أَنَّهَا سَبَّحَتْ فَجَعَلَهَا كَالْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَهَذَا حَسَنٌ وَفِيهِ أَمْرٌ آخَرُ مَعْقُولٌ يَظْهَرُ لِي وَهُوَ أَنَّ عَلَى قَوْلِنَا: أَوِّبِي مَعَهُ سِيرِي فَالْجَبَلُ فِي السَّيْرِ لَيْسَ أَصْلًا بَلْ هُوَ يَتَحَرَّكُ مَعَهُ تَبَعًا، وَالرِّيحُ لَا تَتَحَرَّكُ مَعَ سُلَيْمَانَ بَلْ تُحَرِّكُ سُلَيْمَانَ مَعَ نَفْسِهَا،
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست