responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 186
الْمَدْعُوِّ بِهِ وَالْعَذَابُ كَانَ حَاصِلًا لَهُمْ وَاللَّعْنُ كَذَلِكَ فَطَلَبُوا مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَهُوَ زِيَادَةُ الْعَذَابِ بِقَوْلِهِمْ:
ضِعْفَيْنِ وَزِيَادَةُ اللَّعْنِ بِقَوْلِهِمْ: لَعْناً كَبِيراً.

[سورة الأحزاب (33) : آية 69]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً (69)
لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ مَنْ يُؤْذِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُلْعَنُ وَيُعَذَّبُ وَكَانَ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى إِيذَاءٍ هُوَ كُفْرٌ، أَرْشَدَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ إِيذَاءٍ هُوَ دُونَهُ وَهُوَ لَا يُورِثُ كُفْرًا، وَذَلِكَ مِثْلُ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِقِسْمَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبِحُكْمِهِ بِالْفَيْءِ لِبَعْضٍ وغير ذلك فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى وَحَدِيثُ إِيذَاءِ مُوسَى مُخْتَلَفٌ فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ إِيذَاؤُهُمْ إِيَّاهُ بِنِسْبَتِهِ إِلَى عَيْبٍ فِي بَدَنِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: [إِنَّ] قَارُونَ قَرَّرَ مَعَ امْرَأَةٍ فَاحِشَةٍ حَتَّى تَقُولَ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّ مُوسَى زَنَى بِي فَلَمَّا جَمَعَ قَارُونُ الْقَوْمَ وَالْمَرْأَةُ حَاضِرَةٌ أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِهَا أَنَّهَا صَدَقَتْ وَلَمْ تَقُلْ مَا لُقِّنَتْ وَبِالْجُمْلَةِ الْإِيذَاءُ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ كَافٍ وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا [الْمَائِدَةِ: 24] وَقَوْلُهُمْ: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [الْبَقَرَةِ: 55] وَقَوْلُهُمْ: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ [الْبَقَرَةِ: 61] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ لَا تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ إِذَا طَلَبَكُمُ الرَّسُولُ إِلَى الْقِتَالِ أَيْ لَا تَقُولُوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا وَلَا تَسْأَلُوا مَا لَمْ يُؤْذَنْ لَكُمْ فِيهِ: «وَإِذَا أَمَرَكُمُ الرَّسُولُ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَقَوْلُهُ: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا عَلَى الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ أَبْرَزَ جِسْمَهُ لِقَوْمِهِ فَرَأَوْهُ وَعَلِمُوا فَسَادَ اعْتِقَادِهِمْ وَنَطَقَتِ المرأة بالحق وأمر الملائكة حتى عبروا بهرون عَلَيْهِمْ فَرَأَوْهُ غَيْرَ مَجْرُوحٍ فَعَلِمُوا بَرَاءَةَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَتْلِهِ الَّذِي رَمَوْهُ بِهِ، وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْ عُهْدَةِ مَا طَلَبُوا بِإِعْطَائِهِ الْبَعْضَ إِيَّاهُمْ وَإِظْهَارِهِ عَدَمَ جَوَازِ الْبَعْضِ وَبِالْجُمْلَةِ قَطَعَ اللَّهُ حُجَّتَهُمْ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةَ وَالْمَسْكَنَةَ وَغَضِبَ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ:
وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً أَيْ ذَا وَجَاهَةٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَالْوَجِيهُ هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَكُونُ لَهُ وَجْهٌ أَيْ يَكُونُ مَعْرُوفًا بِالْخَيْرِ، وَكُلُّ أَحَدٍ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ مَعْرُوفًا لَكِنَّ الْمَعْرِفَةَ الْمُجَرَّدَةَ لَا تَكْفِي فِي الْوَجَاهَةِ، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ غَيْرَهُ لِكَوْنِهِ خَادِمًا لَهُ وَأَجِيرًا عِنْدَهُ لَا يُقَالُ هُوَ وَجِيهٌ عِنْدَ فُلَانٍ، وَإِنَّمَا الْوَجِيهُ مَنْ يَكُونُ لَهُ خِصَالٌ حَمِيدَةٌ تَجْعَلُ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يعرف ولا ينكر وكان كذلك.

[سورة الأحزاب (33) : الآيات 70 الى 71]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)
ثم قال تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ أَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُمْ مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ، أَمَّا الْأَفْعَالُ فَالْخَيْرُ، وَأَمَّا الْأَقْوَالُ فَالْحَقُّ لِأَنَّ مَنْ أَتَى بِالْخَيْرِ وَتَرَكَ الشَّرَّ فَقَدِ اتَّقَى اللَّهَ وَمَنْ قَالَ الصِّدْقَ قَالَ قَوْلًا سَدِيدًا، ثُمَّ وَعَدَهُمْ عَلَى الْأَمْرَيْنِ بِأَمْرَيْنِ:
عَلَى الْخَيْرَاتِ بِإِصْلَاحِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ بِتَقْوَى اللَّهِ يَصْلُحُ الْعَمَلُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يُرْفَعُ وَيَبْقَى فَيَبْقَى فَاعِلُهُ خَالِدًا فِي الْجَنَّةِ، وَعَلَى الْقَوْلِ السَّدِيدِ بِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً فَطَاعَةُ اللَّهِ هِيَ طَاعَةُ الرَّسُولِ، وَلَكِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا لِبَيَانِ شَرَفِ فِعْلِ الْمُطِيعِ فَإِنَّهُ يَفْعَلْهُ الْوَاحِدُ اتَّخَذَ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا وَعِنْدَ الرَّسُولِ يَدًا وَقَوْلُهُ: فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً جَعَلَهُ عَظِيمًا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنْ عَذَابٍ عَظِيمٍ وَالنَّجَاةُ مِنَ الْعَذَابِ تَعْظُمُ بِعِظَمِ العذاب.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست