responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 580
السَّلَامُ لَمَّا رَأَتْ فِرْعَوْنَ جَدَّ فِي طَلَبِ الْوِلْدَانِ خَافَتْ عَلَى ابْنِهَا فَقَذَفَ اللَّه فِي قَلْبِهَا أَنْ تَتَّخِذَ لَهُ تَابُوتًا ثُمَّ تَقْذِفُ التَّابُوتَ فِي النِّيلِ، فَذَهَبَتْ إِلَى نَجَّارٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَاشْتَرَتْ مِنْهُ تَابُوتًا فَقَالَ لَهَا مَا تَصْنَعِينَ بِهِ؟ فَقَالَتْ ابْنٌ لِي أَخْشَى عليه كيد فرعون أخبؤه فيه وَمَا عَرَفَتْ أَنَّهُ يُفْشِي ذَلِكَ الْخَبَرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَتْ ذَهَبَ النَّجَّارُ لِيُخْبِرَ بِهِ الذَّبَّاحِينَ فَلَمَّا جَاءَهُمْ أَمْسَكَ اللَّه لِسَانَهُ وَجَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ، فَضَرَبُوهُ وَطَرَدُوهُ فَلَمَّا عَادَ إِلَى مَوْضِعِهِ رَدَّ اللَّه عَلَيْهِ نُطْقَهُ فَذَهَبَ مَرَّةً أُخْرَى لِيُخْبِرَهُمْ بِهِ فَضَرَبُوهُ وَطَرَدُوهُ فَلَمَّا عَادَ إِلَى مَوْضِعِهِ رَدَّ اللَّه نُطْقَهُ، فَذَهَبَ مَرَّةً أُخْرَى لِيُخْبِرَهُمْ بِهِ فَضَرَبُوهُ وَطَرَدُوهُ فَأَخَذَ اللَّه بَصَرَهُ وَلِسَانَهُ، فَجَعَلَ للَّه تَعَالَى أَنَّهُ إِنْ رَدَّ عَلَيْهِ بصره ولسانه فإنه لا يد لهم عَلَيْهِ فَعَلِمَ اللَّه تَعَالَى مِنْهُ الصِّدْقَ فَرَدَّ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَلِسَانَهُ وَانْطَلَقَتْ أُمُّ مُوسَى وَأَلْقَتْهُ فِي النِّيلِ، وَكَانَ لِفِرْعَوْنَ بِنْتٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ غَيْرَهَا وَكَانَ لَهَا كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَ حَاجَاتٍ تَرْفَعُهَا إِلَى أَبِيهَا وَكَانَ بِهَا بَرَصٌ شَدِيدٌ وَكَانَ فِرْعَوْنُ قَدْ شَاوَرَ الْأَطِبَّاءَ وَالسَّحَرَةَ فِي أَمْرِهَا، فَقَالُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ لَا تَبْرَأُ هَذِهِ إِلَّا مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ يُوجَدُ مِنْهُ شِبْهُ الْإِنْسَانِ فَيُؤْخَذُ مِنْ رِيقِهِ فَيُلَطَّخُ بِهِ بَرَصُهَا فَتَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ/ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا حِينَ تُشْرِقُ الشَّمْسُ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ غَدَا فِرْعَوْنُ إِلَى مَجْلِسٍ كَانَ لَهُ عَلَى شَفِيرِ النِّيلِ وَمَعَهُ آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ وَأَقْبَلَتْ بِنْتُ فِرْعَوْنَ فِي جَوَارِيهَا حَتَّى جَلَسَتْ عَلَى الشَّاطِئِ إِذْ أَقْبَلَ النِّيلُ بِتَابُوتٍ تَضْرِبُهُ الْأَمْوَاجُ وَتَعَلَّقَ بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِهِ فَابْتَدَرُوهُ بِالسُّفُنِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَالَجُوا فَتْحَ الْبَابِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَعَالَجُوا كَسْرَهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، فَنَظَرَتْ آسِيَةُ فَرَأَتْ نُورًا فِي جَوْفِ التَّابُوتِ لَمْ يَرَهُ غَيْرُهَا فَعَالَجَتْهُ وَفَتَحَتْهُ، فَإِذَا هِيَ بِصَبِيٍّ صَغِيرٍ فِي الْمَهْدِ وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَأَلْقَى اللَّه مَحَبَّتَهُ فِي قُلُوبِ الْقَوْمِ، وَعَمَدَتِ ابْنَةُ فِرْعَوْنَ إِلَى رِيقِهِ فَلَطَّخَتْ بِهِ بَرَصَهَا فَبَرِئَتْ وَضَمَّتْهُ إِلَى صَدْرِهَا فَقَالَتِ الْغُوَاةُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّا نَظُنُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي نَحْذَرُ مِنْهُ رُمِيَ فِي الْبَحْرِ فَرَقًا مِنْكَ فَهَمَّ فِرْعَوْنُ بِقَتْلِهِ فَاسْتَوْهَبَتْهُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَتَبَنَّتْهُ فَتَرَكَ قَتْلَهُ.
أَمَّا قَوْلُهُ: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ فَالِالْتِقَاطُ إِصَابَةُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، وَالْمُرَادُ بِآلِ فِرْعَوْنَ جَوَارِيهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً فَالْمَشْهُورُ أَنَّ هَذِهِ اللَّامَ يُرَادُ بِهَا الْعَاقِبَةُ قالوا وإلا نقض قوله:
وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ وَنَقَضَ قَوْلَهُ: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي [طه: 39] وَنَظِيرُ هَذِهِ اللَّامِ قَوْلُهُ تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ [الأعراف: 179] وقوله الشَّاعِرِ:
لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابْنُوا لِلْخَرَابِ
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّحْقِيقَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ اللَّامَ هِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّيْءِ وَغَرَضَهُ يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ فَاسْتَعْمَلُوا هَذِهِ اللَّامَ فِيمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ الشَّيْءُ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ، كَإِطْلَاقِ لَفْظِ الْأَسَدِ عَلَى الشُّجَاعِ وَالْبَلِيدِ عَلَى الْحِمَارِ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (حُزْنًا) بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَالْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ السُّقْمِ وَالسَّقَمِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: كَانُوا خَاطِئِينَ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَالَ الْحَسَنُ مَعْنَى كانُوا خاطِئِينَ لَيْسَ مِنَ الْخَطِيئَةِ بَلِ الْمَعْنَى وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّهُ الَّذِي يَذْهَبُ بِمُلْكِهِمْ، وَأَمَّا جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ فَقَالُوا مَعْنَاهُ كَانُوا خَاطِئِينَ فِيمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالظُّلْمِ، فَعَاقَبَهُمُ اللَّه تَعَالَى بِأَنْ رَبَّى عَدُوَّهُمْ وَمَنْ هُوَ سَبَبُ هَلَاكِهِمْ عَلَى أَيْدِيهِمْ، وَقُرِئَ خَاطِينَ تَخْفِيفُ خَاطِئِينَ أَيْ خَاطِينَ الصَّوَابَ إِلَى الْخَطَأِ وَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهَا الْتَقَطَتْهُ لِيَكُونَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَهَا وَلَهُ جَمِيعًا، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَلْقَى مَحَبَّتَهُ فِي قلبها لأنه كان في وجهه ملاحة كل مَنْ رَآهُ أَحَبَّهُ، وَلِأَنَّهَا
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 580
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست