responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 439
فِي حَقِّ أَبِي جَهْلٍ وَالْكُفَّارِ الَّذِينَ ذَكَرُوا تلك الشبهات.

[سورة الفرقان (25) : الآيات 15 الى 16]
قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (15) لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً (16)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً] فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَصَفَ حَالَ الْعِقَابِ الْمُعَدِّ لِلْمُكَذِّبِينَ بِالسَّاعَةِ أَتْبَعَهُ بِمَا يُؤَكِّدُ الْحَسْرَةَ وَالنَّدَامَةَ، فَقَالَ لِرَسُولِهِ: قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ أَنْ يَلْتَمِسُوهَا بِالتَّصْدِيقِ وَالطَّاعَةِ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُقَالُ الْعَذَابُ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ، وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الْعَاقِلُ السُّكَّرُ أَحْلَى أَمِ الصبر؟ قلنا هذا يحسن في معرض التفريع، كَمَا إِذَا أَعْطَى السَّيِّدُ عَبْدَهُ مَالًا فَتَمَرَّدَ وَأَبَى وَاسْتَكْبَرَ فَيَضْرِبُهُ ضَرْبًا وَجِيعًا، وَيَقُولُ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبِيخِ:
هَذَا أَطْيَبُ أَمْ ذَاكَ؟
المسألة الثَّانِيَةُ: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ: وُعِدَ الْمُتَّقُونَ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى اللَّه تَعَالَى، لِأَنَّ مَنْ قَالَ السُّلْطَانُ وَعَدَ فُلَانًا أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى التَّفْضِيلِ، فَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْإِعْطَاءُ وَاجِبًا لَا يُقَالُ إِنَّهُ وَعَدَهُ بِهِ، أَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَقَدِ احْتَجُّوا بِهِ أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِهِمْ قَالُوا لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَثْبَتَ ذَلِكَ الْوَعْدَ لِلْمَوْصُوفِينَ بِصِفَةِ التَّقْوَى، وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ مُشْعِرٌ بِالْعِلْيَةِ فَكَذَا يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْوَعْدَ إِنَّمَا حَصَلَ مُعَلَّلًا بِصِفَةِ التَّقْوَى، وَالتَّفْضِيلُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْمُتَّقِينَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُخْتَصُّ بِهِمْ وَاجِبًا.
المسألة الثَّالِثَةُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: جَنَّةُ الْخُلْدِ هِيَ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ نَعِيمُهَا، وَالْخُلْدُ وَالْخُلُودُ سَوَاءٌ، كَالشُّكْرِ/ وَالشُّكُورِ قَالَ اللَّه تَعَالَى: لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً [الْإِنْسَانِ: 9] فَإِنْ قِيلَ: الْجَنَّةُ اسْمٌ لِدَارِ الثَّوَابِ وَهِيَ مُخَلَّدَةٌ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِهِ: جَنَّةُ الْخُلْدِ؟ قُلْنَا الْإِضَافَةُ قَدْ تَكُونُ لِلتَّمْيِيزِ وَقَدْ تَكُونُ لِبَيَانِ صِفَةِ الْكَمَالِ، كَمَا يُقَالُ اللَّه الْخَالِقُ الْبَارِئُ، وَمَا هُنَا مِنْ هَذَا الْبَابِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً فَفِيهِ مَسَائِلُ:
المسألة الْأُولَى: الْمُعْتَزِلَةُ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ اسْمَ الْجَزَاءِ لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا الْمُسْتَحِقَّ، فَأَمَّا الْوَعْدُ بِمَحْضِ التَّفْضِيلِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى جَزَاءً، وَالثَّانِي: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْجَزَاءِ الْأَمْرَ الَّذِي يَصِيرُونَ إِلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْوَعْدِ فَحِينَئِذٍ لَا يَبْقَى بَيْنَ قوله: جَزاءً وبين قوله: مَصِيراً تَفَاوُتٌ فَيَصِيرُ ذَلِكَ تَكْرَارًا مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ. قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّه لَا نِزَاعَ فِي كَوْنِهِ جَزاءً، إِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّ كَوْنَهُ جَزَاءً ثَبَتَ بِالْوَعْدِ أَوْ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّعْيِينِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَا يَعْفُو عَنْ صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِلثَّوَابِ، لِأَنَّ الثَّوَابَ هُوَ النَّفْعُ الدَّائِمُ الْخَالِصُ عَنْ شَوْبِ الضَّرَرِ، وَالْعِقَابُ هُوَ الضَّرَرُ الدَّائِمُ الْخَالِصُ عَنْ شَوْبِ النَّفْعِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَالٌ، وَمَا كَانَ مُمْتَنِعَ الْوُجُودِ امْتَنَعَ أَنْ يَحْصُلَ اسْتِحْقَاقُهُ، فَإِذَنْ مَتَى ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ الْعِقَابِ وَجَبَ أَنْ يَزُولَ اسْتِحْقَاقُ الثَّوَابِ فَنَقُولُ: لَوْ عَفَا اللَّه عَنْ صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ لَكَانَ إِمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ مِنَ النَّارِ وَلَا يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُكَلَّفِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِمَّا أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 439
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست