responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 410
يَحِيفُ عَلَيْنَا وَقَدْ مَضَتْ قِصَّتُهُمَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ،
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي الْمُغِيرَةِ بْنِ وَائِلٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَرْضٌ فَتَقَاسَمَا فَوَقَعَ إِلَى عَلِيٍّ مِنْهَا مَا لَا يُصِيبُهُ الْمَاءُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ، فَقَالَ المغيرة بمعني أَرْضَكَ فَبَاعَهَا إِيَّاهُ وَتَقَابَضَا فَقِيلَ لِلْمُغِيرَةِ أَخَذْتَ سَبْخَةً لَا يَنَالُهَا الْمَاءُ. فَقَالَ لِعَلِيٍّ اقْبِضْ أَرْضَكَ فَإِنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا إِنْ رَضِيتُهَا وَلَمْ أَرْضَهَا فَلَا يَنَالُهَا الْمَاءُ فَقَالَ عَلِيٌّ بَلِ اشْتَرَيْتَهَا وَرَضِيتَهَا وَقَبَضْتَهَا وَعَرَفْتَ حَالَهَا لَا أَقْبَلُهَا مِنْكَ، وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يُخَاصِمَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ أَمَّا مُحَمَّدٌ فَلَسْتُ آتِيهِ وَلَا أُحَاكِمُ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبْغِضُنِي وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَحِيفَ عَلَيَّ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ،
وَقَالَ الْحَسَنُ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ وَيُسِرُّونَ الْكُفْرَ.
المسألة الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وَيَقُولُونَ آمَنَّا إِلَى قَوْلِهِ: وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ إِذْ لَوْ كَانَ بِهِ لَمَا صَحَّ أَنْ يَنْفِيَ كَوْنَهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَقَدْ فَعَلُوا مَا هُوَ إِيمَانٌ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْ كُلِّهِمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ آمَنَّا، ثُمَّ حَكَى عَنْ فَرِيقٍ مِنْهُمُ التَّوَلِّيَ/ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ فِي جَمِيعِهِمْ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ مَعَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى مِنْهُمْ هُوَ الْبَعْضُ؟ قُلْنَا إِنَّ قَوْلَهُ: وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَاجِعٌ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا لَا إِلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَأَيْضًا فَلَوْ رَجَعَ إِلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ أَيْ يَرْجِعُ هَذَا الْفَرِيقُ إِلَى الْبَاقِينَ مِنْهُمْ فَيُظْهِرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ الرُّجُوعَ عَمَّا أَظْهَرُوهُ، ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّه وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ، وَهَذَا تَرْكٌ لِلرِّضَا بِحُكْمِ الرَّسُولِ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا يُعْرِضُونَ مَتَى عَرَفُوا الْحَقَّ لِغَيْرِهِمْ أَوْ شَكُّوا فَأَمَّا إِذَا عَرَفُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ عَدَلُوا عَنِ الْإِعْرَاضِ بَلْ سَارَعُوا إِلَى الْحُكْمِ وَأَذْعَنُوا بِبَذْلِ الرِّضَا، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِهِمُ اتِّبَاعُ الْحَقِّ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ النَّفْعَ الْمُعَجَّلَ، وَذَلِكَ أَيْضًا نِفَاقٌ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ فَفِيهِ سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: كَلِمَةُ (أَمْ) لِلِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى اللَّه تَعَالَى وَالْجَوَابُ: اللَّفْظُ اسْتِفْهَامٌ وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ كَمَا قَالَ جَرِيرٌ:
أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا ... [وَأَنْدَى الْعَالِمِينَ بُطُونَ رَاحِ [1] ]
السُّؤَالُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَوْ خَافُوا أَنْ يَحِيفَ اللَّه عَلَيْهِمْ فقد ارتابوا في الدين وإذا ارْتَابُوا فَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، فَالْكُلُّ وَاحِدٌ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي التَّعْدِيدِ؟ الْجَوَابُ: قَوْلُهُ: أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ إِشَارَةٌ إِلَى النِّفَاقِ وَقَوْلُهُ: أَمِ ارْتابُوا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ حَدَثَ هَذَا الشَّكُّ وَالرَّيْبُ بَعْدَ تَقْرِيرِ الْإِسْلَامِ فِي الْقَلْبِ، وَقَوْلُهُ: أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ بَلَغُوا فِي حُبِّ الدُّنْيَا إِلَى حَيْثُ يَتْرُكُونَ الدِّينَ بِسَبَبِهِ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: هَبْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ مُتَغَايِرَةٌ وَلَكِنَّهَا مُتَلَازِمَةٌ فَكَيْفَ أَدْخَلَ عَلَيْهَا كَلِمَةَ (أَمْ) ؟ الْجَوَابُ:
الْأَقْرَبُ أَنَّهُ تَعَالَى ذَمَّهُمْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فَكَانَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَهُوَ النِّفَاقُ، وَكَانَ فِيهَا شَكٌّ وَارْتِيَابٌ، وَكَانُوا يَخَافُونَ الْحَيْفَ مِنَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ بُطْلَانَ مَا هُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الظُّلْمَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَعْصِيَةٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَانَ: 13] إِذِ الْمَرْءُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ أَوْ ظَالِمًا لِغَيْرِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى فِي الْأَقْسَامِ كَوْنَهُمْ خَائِفِينَ مِنَ الْحَيْفِ، أَبْطَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ أَيْ لَا يَخَافُونَ أن يحيف

[1] معناه إثبات أنهم كذلك، ولو كان الاستفهام على حقيقته لكان ذما لهم.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست