responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 371
المسألة الثَّانِيَةُ: إِنَّمَا خَصَّ الصَّالِحِينَ بِالذِّكْرِ لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: لِيُحَصِّنَ دِينَهُمْ وَيَحْفَظَ عَلَيْهِمْ صَلَاحَهُمُ الثَّانِي: لِأَنَّ الصَّالِحِينَ مِنَ الْأَرِقَّاءِ هُمُ الَّذِينَ مَوَالِيهِمْ يُشْفِقُونَ عَلَيْهِمْ [وَ] يُنْزِلُونَهُمْ مَنْزِلَةَ/ الْأَوْلَادِ فِي الْمَوَدَّةِ، فَكَانُوا مَظَنَّةً لِلتَّوْصِيَةِ بِشَأْنِهِمْ وَالِاهْتِمَامِ بِهِمْ وَتَقَبُّلِ الْوَصِيَّةِ فِيهِمْ، وَأَمَّا الْمُفْسِدُونَ مِنْهُمْ فَحَالُهُمْ عِنْدَ مَوَالِيهِمْ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الصَّلَاحَ لِأَمْرِ النِّكَاحِ حَتَّى يَقُومَ الْعَبْدُ بِمَا يَلْزَمُ لَهَا، وَتَقُومُ الْأَمَةُ بِمَا يَلْزَمُ لِلزَّوْجِ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الصَّلَاحَ فِي نَفْسِ النِّكَاحِ بِأَنْ لَا تَكُونَ صَغِيرَةً فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى النِّكَاحِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَزَوَّجُ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى الْمَوْلَى تَزْوِيجَهُ، لَكِنْ ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ أَنَّهُ إِذَا أَمَرَهُ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ جَازَ أَنْ يَتَوَلَّى تَزْوِيجَ نَفْسِهِ، فَيَكُونُ تَوَلِّيهِ بِإِذْنِهِ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ نَفْسُ السَّيِّدِ، فَأَمَّا الْإِمَاءُ فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْمَوْلَى يَتَوَلَّى تَزْوِيجَهُنَّ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ مَنْ لا يجوز النكاح إلى بِوَلِيٍّ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
المسألة الْأُولَى: الْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا لَيْسَ وَعْدًا مِنَ اللَّه تَعَالَى بِإِغْنَاءِ مَنْ يَتَزَوَّجُ. بَلِ الْمَعْنَى لَا تَنْظُرُوا إِلَى فَقْرِ مَنْ يَخْطُبُ إِلَيْكُمْ أَوْ فَقَرِ مَنْ تُرِيدُونَ تَزْوِيجَهَا فَفِي فَضْلِ اللَّه مَا يُغْنِيهِمْ، وَالْمَالُ غَادٍ وَرَائِحٌ، وَلَيْسَ فِي الْفَقْرِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ، فَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ قُصِدَ بِهِ وَعْدُ الْغِنَى حَتَّى لَا يَجُوزَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ خُلْفٌ، وَرُوِيَ عَنْ قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ وَعْدًا، عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَطِيعُوا اللَّه فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ النِّكَاحِ يُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْغِنَى، وَعَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْتَمِسُوا الرزق بالنكاح،
وشكا رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَاجَةَ فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِالْبَاءَةِ»
وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُطَرِّفٍ: تَزَوَّجُوا فَإِنَّهُ أَوْسَعُ لَكُمْ فِي رِزْقِكُمْ وَأَوْسَعُ لَكُمْ فِي أَخْلَاقِكُمْ وَيَزِيدُ فِي مُرُوءَتِكُمْ، فَإِنْ قِيلَ: فَنَحْنُ نَرَى مَنْ كَانَ غَنِيًّا فَيَتَزَوَّجُ فَيَصِيرُ فَقِيرًا؟
قُلْنَا الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا الْوَعْدَ مَشْرُوطٌ بِالْمَشِيئَةِ كَمَا فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التَّوْبَةِ: 28] الْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَثَانِيهَا:
أَنَّ اللَّفْظَ وَإِنْ كان عاما إلا أنه يَكُونَ الْمُرَادُ الْغِنَى بِالْعَفَافِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وُقُوعَ الْغِنَى بِمِلْكِ الْبُضْعِ وَالِاسْتِغْنَاءَ بِهِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا.
المسألة الثَّانِيَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ يُمَلَّكَانِ، لِأَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى كُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ فَتَقْتَضِي الْآيَةُ بَيَانَ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يكون فقيرا وقد يكون غنيا، فإن ذل ذَلِكَ عَلَى الْمِلْكِ ثَبَتَ أَنَّهُمَا يُمَلَّكَانِ، وَلَكِنِ الْمُفَسِّرُونَ تَأَوَّلُوهُ عَلَى الْأَحْرَارِ خَاصَّةً. فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا هُوَ رَاجِعٌ إِلَى الْأَيَامَى، أَمَّا إِذَا فَسَّرْنَا الْغِنَى بِالْعَفَافِ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ سَاقِطٌ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْإِفْضَالِ لَا يَنْتَهِي إِلَى حَدٍّ تَنْقَطِعُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْإِفْضَالِ دُونَهُ، لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْمَقْدُورَاتِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ عَلِيمٌ بِمَقَادِيرِ مَا يُصْلِحُهُمْ مِنَ الإفضال والرزق.

[سورة النور (24) : آية 33]
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 371
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست