responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 303
وَأَمَّا الَّتِي فِي الْآخِرَةِ فَسُخْطُ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَسُوءُ الْحِسَابِ وَعَذَابُ النَّارِ»
وَعَنْ عَبْدِ اللَّه قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّه؟ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ للَّه نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ، وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: وَأَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ»
فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى تَصْدِيقَهَا: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الْفُرْقَانِ: 68] وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ أُمُورٍ: أَحَدُهَا: عَنْ مَاهِيَّةِ الزِّنَا وَثَانِيهَا: عَنْ أَحْكَامِ الزِّنَا وَثَالِثُهَا: عَنِ الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي كَوْنِ الزِّنَا مُوجِبًا لِتِلْكَ الْأَحْكَامِ وَرَابِعُهَا: عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي بِهِ يُعْرَفُ حُصُولُ الزِّنَا وَخَامِسُهَا: أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ:
فَاجْلِدُوهُمْ [النور: 4] مَنْ هُمْ؟ وَسَادِسُهَا: أَنَّ الرَّجْمَ وَالْجَلْدَ الْمَأْمُورَ بِهِمَا فِي الزِّنَا كَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمَا؟.
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: عَنْ مَاهِيَّةِ الزِّنَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ إِيلَاجِ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ مُشْتَهًى طَبْعًا مُحَرَّمٌ قَطْعًا وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ اللُّواطَةَ هَلْ يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اسْمُ الزِّنَا أَمْ لَا؟ فَقَالَ قَائِلُونَ نَعَمْ. وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِالنَّصِّ وَالْمَعْنَى، أَمَّا النَّصُّ فَمَا رَوَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ» وَأَمَّا الْمَعْنَى فَهُوَ أَنَّ اللِّوَاطَ مِثْلُ الزِّنَا صُورَةً وَمَعْنًى. أَمَّا الصُّورَةُ فَلِأَنَّ الزِّنَا عِبَارَةٌ عَنْ إِيلَاجِ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ مُشْتَهًى طَبْعًا مُحَرَّمٌ قَطْعًا، وَالدُّبُرُ أَيْضًا فَرْجٌ لِأَنَّ الْقُبُلَ إِنَّمَا سُمِّيَ فَرَجًا لِمَا فِيهِ مِنَ الِانْفِرَاجِ، وَهَذَا الْمَعْنَى حَاصِلٌ فِي الدُّبُرِ أَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ فِي الْعُرْفِ لَا تُسَمَّى اللُّوَاطَةُ زِنًا وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ، كَمَا يُقَالُ هَذَا طَبِيبٌ وَلَيْسَ بِعَالِمٍ مَعَ أَنَّ الطِّبَّ عِلْمٌ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّ الزِّنَا قَضَاءٌ لِلشَّهْوَةِ مِنْ مَحَلٍّ مُشْتَهًى طَبْعًا عَلَى جِهَةِ الْحَرَامِ الْمَحْضِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي اللِّوَاطِ لِأَنَّ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ يُشْتَهَيَانِ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَعَانِي الَّتِي هِيَ مُتَعَلِّقُ الشَّهْوَةِ مِنَ الْحَرَارَةِ وَاللِّينِ وَضِيقِ الْمَدْخَلِ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ يَقُولُ بِالطَّبَائِعِ لَا يُفَرِّقُ/ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ، وَإِنَّمَا الْمُفَرِّقُ هُوَ الشَّرْعُ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ، فَهَذَا حُجَّةُ مَنْ قَالَ اللِّوَاطُ دَاخِلٌ تَحْتَ اسْمِ الزِّنَا، وَأَمَّا الْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا فَقَدْ سَلَّمُوا أَنَّ اللِّوَاطَ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ اسْمِ الزِّنَا وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْعُرْفُ الْمَشْهُورُ مِنْ أَنَّ هَذَا لِوَاطٌ وَلَيْسَ بِزِنًا وَبِالْعَكْسِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّغْيِيرِ وَثَانِيهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَزْنِي فَلَاطَ لَا يَحْنَثُ وَثَالِثُهَا: أَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ اللِّوَاطِ وَكَانُوا عَالِمِينَ بِاللُّغَةِ فَلَوْ سُمِّيَ اللِّوَاطُ زِنًا لَأَغْنَاهُمْ نَصُّ الْكِتَابِ فِي حَدِّ الزِّنَا عَنِ الِاخْتِلَافِ وَالِاجْتِهَادِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِثْمِ بِدَلِيلِ
قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ»
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ»
وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَبَعِيدٌ لِأَنَّ الْفَرْجَ وَإِنْ كَانَ سُمِّيَ فَرْجًا لِمَا فِيهِ مِنَ الِانْفِرَاجِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يُسَمَّى كُلُّ مَا فِيهِ انْفِرَاجٌ بِالْفَرْجِ وَإِلَّا لَكَانَ الْفَمُ وَالْعَيْنُ فَرْجًا، وَأَيْضًا فَهُمْ سَمَّوُا النَّجْمَ نَجْمًا لِظُهُورِهِ، ثُمَّ مَا سَمَّوْا كُلَّ ظَاهِرٍ نَجْمًا. وَسَمَّوُا الْجَنِينَ جَنِينًا لِاسْتِتَارِهِ، وَمَا سَمَّوْا كُلَّ مُسْتَتِرٍ جَنِينًا، وَاعْلَمْ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّه فِي فِعْلِ اللواط قولان أَصَحُّهُمَا عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا إِنْ كَانَ مُحْصَنًا يُرْجَمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا يُجْلَدُ مِائَةً وَيُغَرَّبُ عَامًا وَثَانِيهِمَا: يُقْتَلُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْصَنًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا، لِمَا
رَوَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ»
ثُمَّ فِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: تُحَزُّ رَقَبَتُهُ كَالْمُرْتَدِّ وَثَانِيهَا:
يُرْجَمُ بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَثَالِثُهَا: يُهْدَمُ عَلَيْهِ جِدَارٌ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَرَابِعُهَا:
يُرْمَى مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ حَتَّى يَمُوتَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَإِنَّمَا ذَكَرُوا هَذِهِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 303
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست