responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 253
[سورة الحج (22) : الآيات 75 الى 76]
اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76)
اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا قَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِلَهِيَّاتِ ذَكَرَ هَاهُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنُّبُوَّاتِ، قَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَهَاهُنَا سُؤَالَانِ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: كَلِمَةُ (مِنْ) لِلتَّبْعِيضِ فَقَوْلُهُ: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الرُّسُلُ بَعْضَهُمْ لَا كُلَّهُمْ، وقوله: جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا [فاطر: 1] يَقْتَضِي كَوْنَ كُلِّهِمْ رُسُلًا فَوَقَعَ التَّنَاقُضُ وَالْجَوَابُ:
جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ هَاهُنَا مَنْ كَانَ رُسُلًا إِلَى بَنِي آدَمَ، وَهُمْ أَكَابِرُ الْمَلَائِكَةِ/ كَجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَعِزْرَائِيلَ وَالْحَفَظَةِ صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا كُلُّ الْمَلَائِكَةِ فَبَعْضُهُمْ رُسُلٌ إِلَى الْبَعْضِ فَزَالَ التَّنَاقُضُ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: قَالَ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشاءُ [الزُّمَرِ: 4] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ وَلَدَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُصْطَفًى، وَهَذِهِ الْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمَلَائِكَةِ وَبَعْضَ النَّاسِ مِنَ الْمُصْطَفِينَ، فَيَلْزَمُ بِمَجْمُوعِ الْآيَتَيْنِ إِثْبَاتُ الْوَلَدِ وَالْجَوَابُ: أَنَّ قَوْلَهُ: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَلَدٍ مُصْطَفًى، وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُصْطَفًى وَلَدٌ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ دَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وُجُودِ مُصْطَفًى كَوْنُهُ وَلَدًا، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ تَبْكِيتُ مَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّه تَعَالَى مِنَ الْمَلَائِكَةِ، كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَبْطَلَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى قَوْلَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ أَبْطَلَ قَوْلَ عَبَدَةِ الْمَلَائِكَةِ، فَبَيَّنَ أَنَّ عُلُوَّ دَرَجَةِ الْمَلَائِكَةِ لَيْسَ لِكَوْنِهِمْ آلِهَةً، بَلْ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى اصْطَفَاهُمْ لِمَكَانِ عِبَادَتِهِمْ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُمْ مَا قَدَرُوا اللَّه حَقَّ قَدْرِهِ أَنْ جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ مَعْبُودِينَ مَعَ اللَّه، ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ أَنَّهُ يَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ وَيَرَى مَا يَفْعَلُونَ، وَلِذَلِكَ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا تَقَدَّمَ فِي الدُّنْيَا وَمَا تَأَخَّرَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أَمْرُ الْآخِرَةِ، وَما خَلْفَهُمْ أَمْرُ الدُّنْيَا، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ فَقَوْلُهُ: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ إِشَارَةٌ إِلَى الْعِلْمِ التَّامِّ وَقَوْلُهُ: وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ إِشَارَةٌ إِلَى الْقُدْرَةِ التَّامَّةِ وَالتَّفَرُّدِ بِالْإِلَهِيَّةِ وَالْحُكْمِ، وَمَجْمُوعُهُمَا يَتَضَمَّنُ نِهَايَةَ الزَّجْرِ عَنِ الإقدام على المعصية.

[سورة الحج (22) : الآيات 77 الى 78]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)
اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا تَكَلَّمَ فِي الْإِلَهِيَّاتِ ثُمَّ فِي النُّبُوَّاتِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ فِي الشَّرَائِعِ وَهُوَ مِنْ أَرْبَعِ أَوْجُهٍ أَوَّلُهَا: تَعْيِينُ الْمَأْمُورِ وَثَانِيهَا: أَقْسَامُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَثَالِثُهَا: ذِكْرُ مَا يُوجِبُ قَبُولَ تِلْكَ الْأَوَامِرِ وَرَابِعُهَا: تَأْكِيدُ ذَلِكَ التكليف.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست