responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 217
المسألة الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُمَا فِي أَيِّ شَيْءٍ يَسْتَوِيَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ إِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي سُكْنَى مَكَّةَ وَالنُّزُولِ بِهَا فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَحَقَّ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْآخَرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ سَبَقَ إِلَى الْمَنْزِلِ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمِنْ مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ أَنَّ كِرَاءَ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعَهَا حَرَامٌ وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِالْآيَةِ. وَالْخَبَرِ، أَمَّا الْآيَةُ فَهِيَ هَذِهِ قَالُوا إِنَّ أَرْضَ مَكَّةَ لَا تُمَلَّكُ فَإِنَّهَا لَوْ مُلِّكَتْ لَمْ يَسْتَوِ الْعَاكِفُ فِيهَا وَالْبَادِي، فَلَمَّا اسْتَوَيَا ثَبَتَ أَنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ الْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا الْخَبَرُ
فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَكَّةُ مُبَاحٌ لِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا»
وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَذْهَبُ أَبِي حنيفة وإسحاق الْحَنْظَلِيِّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَعَلَى هَذَا الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْحَرَمُ كُلُّهُ لِأَنَّ إِطْلَاقَ لَفْظِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْبَلَدُ جَائِزٌ بِدَلِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [الْإِسْرَاءِ: 1] وَهَاهُنَا قَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ وَهُوَ قَوْلُهُ: الْعاكِفُ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْمُقِيمُ إِقَامَةً، وَإِقَامَتُهُ لَا تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ بَلْ فِي الْمَنَازِلِ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ ذَكَرَ الْمَسْجِدَ وَأَرَادَ مَكَّةَ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: الْمُرَادُ جَعَلَ اللَّه النَّاسَ فِي الْعِبَادَةِ فِي الْمَسْجِدِ سَوَاءً لَيْسَ لِلْمُقِيمِ أَنْ يَمْنَعَ الْبَادِيَ وَبِالْعَكْسِ
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا فَلَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أَوْ صَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» [1]
وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَقَوْلُ مَنْ أَجَازَ بَيْعَ دُورِ مَكَّةَ. وَقَدْ جَرَتْ مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ الْحَنْظَلِيِّ بِمَكَّةَ وَكَانَ إِسْحَاقُ لَا يُرَخِّصُ فِي كِرَاءِ بُيُوتِ مَكَّةَ، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ [الْحَجِّ: 4] فَأُضِيفَتِ الدَّارُ إِلَى مَالِكِهَا وَإِلَى غَيْرِ مَالِكِهَا،
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ»
وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رَبْعٍ»
وَقَدِ اشْتَرَى عُمَرُ بن الخطاب رضي اللَّه عنهما دَارَ السِّجْنِ، أَتُرَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ مَالِكِهَا؟ قَالَ إِسْحَاقُ: فَلَمَّا عَلِمْتُ أَنَّ الحجة قَدْ لَزِمَتْنِي تَرَكْتُ قَوْلِي. أَمَّا الَّذِي قَالُوهُ مِنْ حَمْلِ لَفْظِ الْمَسْجِدِ عَلَى مَكَّةَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْعَاكِفُ، فَضَعِيفٌ لِأَنَّ الْعَاكِفَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْمُلَازِمُ لِلْمَسْجِدِ الْمُعْتَكِفُ فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ، أَوْ فِي الْأَكْثَرِ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرُوهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْعَاكِفِ الْمُجَاوِرُ لِلْمَسْجِدِ الْمُتَمَكِّنُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنَ التَّعَبُّدِ فِيهِ فَلَا وَجْهَ لِصَرْفِ الْكَلَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ مَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
المسألة الْأُولَى: قُرِئَ يَرِدْ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنَ الْوُرُودِ، وَمَعْنَاهُ مَنْ أَتَى فِيهِ بِإِلْحَادٍ وَعَنِ الْحَسَنِ وَمَنْ يُرِدْ إِلْحَادَهُ بِظُلْمٍ، وَالْمَعْنَى وَمَنْ يُرِدْ إِيقَاعَ إِلْحَادٍ فِيهِ، فَالْإِضَافَةُ صَحِيحَةٌ عَلَى الِاتِّسَاعِ فِي الظَّرْفِ كَمَكْرِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمَعْنَاهُ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُلْحِدَ فِيهِ ظَالِمًا.
المسألة الثَّانِيَةُ: الْإِلْحَادُ الْعُدُولُ عَنِ الْقَصْدِ وَأَصْلُهُ إِلْحَادُ الْحَافِرِ، وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ الْإِلْحَادِ وُجُوهًا: أَحَدُهَا: أَنَّهُ الشِّرْكُ، يَعْنِي مَنْ لَجَأَ إِلَى حَرَمِ اللَّه لِيُشْرِكَ بِهِ عَذَّبَهُ اللَّه تَعَالَى، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَمُقَاتِلٍ. وَثَانِيهَا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّه بْنِ سَعْدٍ حَيْثُ اسْتَسْلَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْتَدَّ مُشْرِكًا، وَفِي قَيْسِ بْنِ ضَبَابَةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّه بْنِ خَطَلٍ حِينَ قَتَلَ الْأَنْصَارِيَّ وَهَرَبَ إِلَى مَكَّةَ كَافِرًا، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ كَافِرًا. وَثَالِثُهَا: قَتْلُ مَا نَهَى اللَّه تَعَالَى عَنْهُ مِنَ الصَّيْدِ. وَرَابِعُهَا: دُخُولُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ وَارْتِكَابُ مَا لَا يَحِلُّ للمحرم. وخامسها: أنه

[1] في النسخة الأميرية (فلا يمنعن عن أحدا) ويظهر أن كلمة (عن) زائدة ولذلك حذفناها.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست