responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 39
النُّكْتَةُ
أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ
فَالْعَبْدُ لَمَّا أَحْيَا أَرْضًا فَهِيَ لَهُ فَالرَّبُّ لَمَّا خَلَقَ الْقَلْبَ وَأَحْيَاهُ بِنُورِ الْإِيمَانِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ فِيهِ نَصِيبٌ: قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ [الْأَنْعَامِ: 91] وَكَمَا أَنَّ الْإِيمَانَ حَيَاةُ الْقَلْبِ فَالْكُفْرُ مَوْتُهُ: أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ [النَّحْلِ: 21] . وَثَانِيهَا: الشِّفَاءُ: وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [التَّوْبَةِ: 14] فَلَمَّا رَغِبَ مُوسَى فِي الشِّفَاءِ رَفَعَ الْأَيْدِيَ قَالَ: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَالنُّكْتَةُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا جَعَلَ الشِّفَاءَ فِي الْعَسَلِ بَقِيَ شِفَاءً أَبَدًا فَهَهُنَا لَمَّا وُضِعَ الشِّفَاءُ فِي الصَّدْرِ فَكَيْفَ لَا يَبْقَى شِفَاءً أَبَدًا.
وَثَالِثُهَا: الطَّهَارَةُ: أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى [الْحُجُرَاتِ: 3] فَلَمَّا رَغِبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تَحْصِيلِ طَهَارَةِ التَّقْوَى قَالَ: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَالنُّكْتَةُ أَنَّ الصَّائِغَ إِذَا امْتَحَنَ الذَّهَبَ مَرَّةً فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يُدْخِلُهُ فِي النَّارِ فَهَهُنَا لَمَّا امْتَحَنَ اللَّه قَلْبَ الْمُؤْمِنِ فَكَيْفَ يُدْخِلُهُ النَّارَ ثَانِيًا وَلَكِنَّ اللَّه يُدْخِلُ فِي النَّارِ قَلْبَ الْكَافِرِ:
لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [الْأَنْفَالِ: 37] . وَرَابِعُهَا: الْهِدَايَةُ وَمَنْ يُؤْمِنْ باللَّه يَهْدِ قَلْبَهُ فَرَغِبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي طَلَبِ زَوَائِدِ الْهِدَايَةِ فَقَالَ: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَالنُّكْتَةُ أَنَّ الرَّسُولَ يَهْدِي نَفْسَكَ وَالْقُرْآنَ يَهْدِي رُوحَكَ وَالْمَوْلَى يَهْدِي قَلْبَكَ فَلَمَّا كَانَتِ الْهِدَايَةُ مِنَ الْكُفْرِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا جَرَمَ تَارَةً تَحْصُلُ وَأُخْرَى لَا تَحْصُلُ:
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [الْقَصَصِ: 56] وَهِدَايَةُ الرُّوحِ لَمَّا كَانَتْ مِنَ الْقُرْآنِ فَتَارَةً تَحْصُلُ وَأُخْرَى لَا تَحْصُلُ: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً [الْبَقَرَةِ: 26] أَمَّا هِدَايَةُ الْقَلْبِ فَلَمَّا كَانَتْ مِنَ اللَّه تَعَالَى فَإِنَّهَا لَا تَزُولُ لِأَنَّ الْهَادِيَ لَا يَزُولُ: وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [يُونُسَ: 25] . وَخَامِسُهَا:
الْكِتَابَةُ: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ [الْمُجَادَلَةِ: 22] فَلَمَّا رَغِبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تِلْكَ الْكِتَابَةِ قَالَ:
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَفِيهِ نُكَتٌ: الْأُولَى: أَنَّ الْكَاغَدَةَ لَيْسَ لَهَا خَطَرٌ عَظِيمٌ وَإِذَا كُتِبَ فِيهَا الْقُرْآنُ لَمْ يَجُزْ إِحْرَاقُهَا فَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ كُتِبَ فِيهِ جَمِيعُ أَحْكَامِ ذَاتِ اللَّه تَعَالَى وَصِفَاتِهِ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْكَرِيمِ إِحْرَاقُهُ. الثَّانِيَةُ: بِشْرٌ الْحَافِيُّ أَكْرَمَ كَاغَدًا فِيهِ اسْمُ اللَّه تَعَالَى فَنَالَ سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ فَإِكْرَامُ قَلْبٍ فِيهِ مَعْرِفَةُ اللَّه تَعَالَى أَوْلَى بِذَلِكَ. وَالثَّالِثَةُ:
كَاغَدٌ لَيْسَ فِيهِ خَطٌّ إِذَا كُتِبَ فِيهِ اسْمُ اللَّه الْأَعْظَمِ عَظُمَ قَدْرُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ أَنْ يَمَسَّهُ بَلْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمَسَّ جِلْدَ الْمُصْحَفِ، وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الْوَاقِعَةِ: 79] فَالْقَلْبُ الَّذِي فِيهِ أَكْرَمُ الْمَخْلُوقَاتِ: وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ [الْإِسْرَاءِ: 70] كَيْفَ يَجُوزُ لِلشَّيْطَانِ الْخَبِيثِ أَنْ يَمَسَّهُ واللَّه أَعْلَمُ. وَسَادِسُهَا: السَّكِينَةُ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ [الْفَتْحِ: 4] فَلَمَّا رَغِبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي طَلَبِ السَّكِينَةِ قَالَ: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَالنُّكْتَةُ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ خَائِفًا فَلَمَّا نَزَلَتِ السَّكِينَةُ عَلَيْهِ قَالَ: لَا تَحْزَنْ فَلَمَّا نَزَلَتْ سَكِينَةُ/ الْإِيمَانِ فَرَجَوْا أَنْ يَسْمَعُوا خِطَابَ: أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا [فُصِّلَتْ: 30] وَأَيْضًا لَمَّا نَزَلَتِ السَّكِينَةُ صَارَ مِنَ الْخُلَفَاءِ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ [النُّورِ: 55] أَيْ أَنْ يَصِيرُوا خُلَفَاءَ اللَّه فِي أَرْضِهِ.
وَسَابِعُهَا: الْمَحَبَّةُ وَالزِّينَةُ: وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ [الْحُجُرَاتِ: 7] وَالنُّكْتَةُ أَنَّ مَنْ أَلْقَى حَبَّةً فِي أَرْضٍ فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُهَا وَلَا يَحْرِقُهَا فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَلْقَى حَبَّةَ الْمَحَبَّةِ فِي أَرْضِ الْقَلْبِ فكيف يحرقها. وثامنها: فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ [الأنفال: 63] وَالنُّكْتَةُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ إِنَّهُ مَا تَرَكَهُمْ [فِي] غَيْبَةٍ وَلَا حُضُورٍ: «سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّه الصَّالِحِينَ» فَالرَّحِيمُ كَيْفَ يَتْرُكُهُمْ. وَتَاسِعُهَا:
الطُّمَأْنِينَةُ: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرَّعْدِ: 28] وَمُوسَى طَلَبَ الطُّمَأْنِينَةَ فَقَالَ: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَالنُّكْتَةُ أَنَّ حَاجَةَ الْعَبْدِ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَلِهَذَا لَوْ أُعْطِيَ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ مِنَ الْأَجْسَامِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِيهِ لأن
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست