responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 16
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: وَهَلْ أَتاكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَوَّلَ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ أَمْرِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: وَهَلْ أَتاكَ أَيْ لَمْ يَأْتِكَ إِلَى الْآنِ وَقَدْ أَتَاكَ الْآنَ فَتَنَبَّهْ لَهُ، وَهَذَا قَوْلُ الْكَلْبِيِّ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَتَاهُ ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَتَاكَ، وَهَذَا قَوْلُ مُقَاتِلٍ وَالضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وَهَلْ أَتاكَ وَإِنْ كَانَ عَلَى لَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ الَّذِي لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّه/ تَعَالَى لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَقْرِيرُ الْجَوَابِ فِي قَلْبِهِ، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ أَبْلَغُ فِي ذَلِكَ كَمَا يَقُولُ الْمَرْءُ لِصَاحِبِهِ هَلْ بَلَغَكَ خَبَرُ كَذَا؟
فَيَتَطَلَّعُ السَّامِعُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يَرْمِي إِلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الِاسْتِفْهَامَ لَكَانَ الْجَوَابُ يَصْدُرُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا مِنْ قِبَلِ اللَّه تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذْ رَأى نَارًا أَيْ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُهُ حِينَ رَأَى نَارًا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: اسْتَأْذَنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ شُعَيْبًا فِي الرُّجُوعِ إِلَى وَالِدَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ فَخَرَجَ فَوُلِدَ لَهُ ابْنٌ فِي الطَّرِيقِ فِي لَيْلَةٍ شَاتِيَةٍ مُثْلِجَةٍ وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ وَقَدْ حَادَ عَنِ الطَّرِيقِ فَقَدَحَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّارَ فَلَمْ تُورِ الْمِقْدَحَةُ شيئا، فبينا هو مُزَاوَلَةِ ذَلِكَ إِذْ نَظَرَ نَارًا مِنْ بَعِيدٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ. قَالَ السُّدِّيُّ: ظَنَّ أَنَّهَا نَارٌ مِنْ نِيرَانِ الرُّعَاةِ وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَآهَا فِي شَجَرَةٍ وَلَيْسَ فِي لَفْظِ الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمُ الَّذِي رَآهُ لَمْ يَكُنْ نَارًا بَلْ تَخَيَّلَهُ نَارًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ رَأَى نَارًا لِيَكُونَ صَادِقًا فِي خَبَرِهِ إِذِ الْكَذِبُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، قِيلَ: النَّارُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: نَارٌ تَأْكُلُ وَلَا تَشْرَبُ وَهِيَ نَارُ الدُّنْيَا، وَنَارٌ تَشْرَبُ وَلَا تَأْكُلُ وَهِيَ نَارُ الشَّجَرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا [يس: 80] وَنَارٌ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ وَهِيَ نَارُ الْمَعِدَةِ، وَنَارٌ لَا تَأْكُلُ وَلَا تَشْرَبُ وَهِيَ نَارُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ أَيْضًا النَّارُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: نَارٌ لَهَا نُورٌ بِلَا حُرْقَةٍ وَهِيَ نَارُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَثَانِيهَا: حُرْقَةٌ بِلَا نُورٍ وَهِيَ نَارُ جَهَنَّمَ. وَثَالِثُهَا: الْحُرْقَةُ وَالنُّورُ وَهِيَ نَارُ الدُّنْيَا. وَرَابِعُهَا: لَا حُرْقَةٌ وَلَا نُورٌ وَهِيَ نَارُ الْأَشْجَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَ النَّارَ تَوَجَّهَ نَحْوَهَا فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا. فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ لِلْمَرْأَةِ وَوَلَدِهَا وَالْخَادِمِ الَّذِي مَعَهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ وَحْدَهَا وَلَكِنْ خَرَجَ عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِ الْأَهْلِ فَإِنَّ الْأَهْلَ يَقَعُ عَلَى الْجَمْعِ، وَأَيْضًا فَقَدْ يخاطب الواحد بلفظ الجماعة أي تَفْخِيمًا أَيْ أَقِيمُوا فِي مَكَانِكُمْ: إِنِّي آنَسْتُ نَارًا أَيْ أَبْصَرْتُ، وَالْإِينَاسُ الْإِبْصَارُ الْبَيِّنُ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَمِنْهُ إِنْسَانُ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يَبِينُ بِهِ الشَّيْءُ وَالْإِنْسُ لِظُهُورِهِمْ كَمَا قِيلَ الْجِنُّ لِاسْتِتَارِهِمْ وَقِيلَ هُوَ أَيْضًا مَا يُؤْنَسُ بِهِ وَلَمَّا وُجِدَ مِنْهُ الْإِينَاسُ وَكَانَ مُنْتَفِيًا حَقِيقَةً لَهُمْ أَتَى بِكَلِمَةِ إِنِّي لِتَوْطِينِ أَنْفُسِهِمْ وَلَمَّا كَانَ الْإِينَاسُ بِالْقَبَسِ وَوُجُودِ الْهُدَى مُتَرَقَّبَيْنِ مُتَوَقَّعَيْنِ بُنِيَ الْأَمْرُ فِيهِمَا عَلَى الرَّجَاءِ وَالطَّمَعِ فَقَالَ: لَعَلِّي آتِيكُمْ وَلَمْ يَقْطَعْ فَيَقُولُ إِنِّي آتِيكُمْ لِئَلَّا يَعِدَ مَا لَمْ يَتَيَقَّنِ الْوَفَاءَ بِهِ. وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّ قَوْمًا قَالُوا:
كَذَبَ إِبْرَاهِيمُ لِلْمَصْلَحَةِ وَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ احْتَرَزَ عَنِ الْكَذِبِ فَلَمْ يَقُلْ آتِيكُمْ وَلَكِنْ قَالَ لَعَلِّي آتِيكُمْ وَلَمْ يقطع فيقول إني آتيكم لئلا يعد ما لَمْ يَتَيَقَّنِ الْوَفَاءَ بِهِ وَالْقَبَسُ النَّارُ الْمُقْتَبَسَةُ فِي رَأْسِ عُودٍ أَوْ فَتِيلَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا: أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً وَالْهُدَى مَا يُهْتَدَى بِهِ وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَجِدُ عَلَى النَّارِ مَا أَهْتَدِي بِهِ مِنْ دَلِيلٍ أَوْ عَلَامَةٍ، وَمَعْنَى الِاسْتِعْلَاءِ عَلَى النَّارِ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ يَسْتَعْلُونَ الْمَكَانَ الْقَرِيبَ مِنْهَا وَلِأَنَّ الْمُصْطَلِينَ بِهَا إِذَا أَحَاطُوا بِهَا كَانُوا مُشْرِفِينَ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَتاها أَيْ أَتَى النَّارَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَأَى شَجَرَةً خَضْرَاءَ مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَى أَعْلَاهَا كَأَنَّهَا نَارٌ بَيْضَاءُ فَوَقَفَ مُتَعَجِّبًا مِنْ شِدَّةِ ضَوْءِ تِلْكَ النَّارِ وَشِدَّةِ خُضْرَةِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَلَا النَّارُ تُغَيِّرُ خُضْرَتَهَا وَلَا كَثْرَةُ مَاءِ الشَّجَرَةِ/ تُغَيِّرُ ضَوْءَ النَّارِ فَسَمِعَ تَسْبِيحَ الْمَلَائِكَةِ وَرَأَى نُورًا عَظِيمًا،
قَالَ وَهْبٌ: فَظَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست