responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 138
مُظْلِمَةً أَوَّلًا فَفَتَقَهُمَا اللَّه تَعَالَى بِإِظْهَارِ النَّهَارِ الْمُبْصِرِ، فَإِنْ قِيلَ: فَأَيُّ الْأَقَاوِيلِ أَلْيَقُ بِالظَّاهِرِ؟ قُلْنَا: الظَّاهِرُ يَقْتَضِي أَنَّ السَّمَاءَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَالْأَرْضَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ كَانَتَا رَتْقًا، وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهُمَا كَذَلِكَ إِلَّا وَهُمَا مَوْجُودَانِ، وَالرَّتْقُ ضِدُّ الْفَتْقِ فَإِذَا كَانَ الْفَتْقُ هُوَ الْمُفَارَقَةَ فَالرَّتْقُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُلَازَمَةَ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ صَارَ الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ مَرْجُوحًا، وَيَصِيرُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى الْوُجُوهِ وَيَتْلُوهُ الْوَجْهُ الثَّانِي. وَهُوَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ رَتْقًا فَفَتَقَهُمَا بِأَنْ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَبْعًا، وَيَتْلُوهُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنَّهُمَا كَانَا صُلْبَيْنِ مِنْ غَيْرِ فُطُورٍ وَفَرْجٍ، فَفَتَقَهُمَا لِيَنْزِلَ الْمَطَرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَيَظْهَرَ النَّبَاتُ عَلَى الْأَرْضِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: دَلَالَةُ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى إِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَعَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ ظَاهِرَةٌ، لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَهُمَا رَتْقًا لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ لَمَّا أَسْكَنَ اللَّه الْأَرْضَ أَهْلَهَا جَعَلَهُمَا فَتْقًا لِمَا فِيهِ مِنْ مَنَافِعِ الْعِبَادِ.
النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الدَّلَائِلِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» قَوْلُهُ: وَجَعَلْنَا لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَتَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ، فَإِنْ تَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ فَالْمَعْنَى خَلَقْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ حَيَوَانٍ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ [النُّورِ: 45] أَوْ كَأَنَّمَا خَلَقْنَاهُ مِنَ الْمَاءِ لِفَرْطِ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ وَحُبِّهِ لَهُ وَقِلَّةِ صَبْرِهِ عَنْهُ كَقَوْلِهِ: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ [الْأَنْبِيَاءِ: 37] وَإِنْ تَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ فَالْمَعْنَى صَيَّرْنَا كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ بِسَبَبٍ مِنَ الْمَاءِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَمِنْ هَذَا نَحْوُ مِنْ/
فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا أَنَا مِنْ دَدٍ وَلَا الدَّدُ مِنِّي»
وَقُرِئَ حَيًّا وَهُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَيْفَ قَالَ: وَخَلَقْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ حَيَوَانٍ، وَقَدْ قَالَ: وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ [الْحِجْرِ: 27]
وَجَاءَ فِي الْأَخْبَارِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنَ النُّورِ
وَقَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي [الْمَائِدَةِ: 110] وَقَالَ فِي حَقِّ آدَمَ: خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ [آلِ عِمْرَانَ: 59] وَالْجَوَابُ: اللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا إِلَّا أَنَّ الْقَرِينَةَ الْمُخَصِّصَةَ قَائِمَةٌ، فَإِنَّ الدَّلِيلَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُشَاهَدًا مَحْسُوسًا لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى الْمَقْصُودِ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ تَخْرُجُ عَنْهُ الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ وَآدَمُ وَقِصَّةُ عِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، لِأَنَّ الْكُفَّارَ لَمْ يَرَوْا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ الْحَيَوَانُ فَقَطْ، وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ النَّبَاتُ وَالشَّجَرُ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَاءِ صَارَ نَامِيًا وَصَارَ فِيهِ الرُّطُوبَةُ وَالْخُضْرَةُ وَالنُّورُ وَالثَّمَرُ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَلْيَقُ بِالْمَعْنَى الْمَقْصُودِ، كَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: فَفَتَقْنَا السَّمَاءَ لِإِنْزَالِ الْمَطَرِ وَجَعَلْنَا مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ مِنَ النَّبَاتِ وَغَيْرِهِ حَيًّا، حُجَّةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ النَّبَاتَ لَا يُسَمَّى حَيًّا، قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قوله تعالى: كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها [الرُّومِ: 50] أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَلا يُؤْمِنُونَ فَالْمُرَادُ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ بِأَنْ يَتَدَبَّرُوا هَذِهِ الْأَدِلَّةَ فَيَعْلَمُوا بِهَا الْخَالِقَ الَّذِي لَا يُشْبِهُ غَيْرَهُ وَيَتْرُكُوا طَرِيقَةَ الشِّرْكِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ كَرَاهَةَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ أَوْ لِئَلَّا تَمِيدَ بِهِمْ فَحَذَفَ لَا وَاللَّامَ الْأُولَى وَإِنَّمَا جَازَ حَذْفُ لَا لِعَدَمِ الِالْتِبَاسِ كَمَا تَرَى ذَلِكَ في قوله: لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست