responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 10
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ [الْمَائِدَةِ: 64] أَيْ هُوَ بَخِيلٌ بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ [الْمَائِدَةِ: 64] أَيْ هُوَ جَوَادٌ مِنْ غَيْرِ تَصَوُّرِ يَدٍ وَلَا غُلٍّ وَلَا بَسْطٍ، وَالتَّفْسِيرُ بِالنِّعْمَةِ وَالتَّمَحُّلُ بِالتَّسْمِيَةِ مِنْ ضِيقِ الْعَطَنِ. وَأَقُولُ: إِنَّا لَوْ فَتَحْنَا هَذَا الْبَابَ لَانْفَتَحَتْ تَأْوِيلَاتُ الْبَاطِنِيَّةِ فَإِنَّهُمْ أَيْضًا يَقُولُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ [طه: 12] الِاسْتِغْرَاقُ فِي خِدْمَةِ اللَّه تَعَالَى مِنْ غَيْرِ تَصَوُّرِ فِعْلٍ، وقوله: يَا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ [ابراهيم: 69] الْمُرَادُ مِنْهُ تَخْلِيصُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ يَدِ ذَلِكَ الظَّالِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ نَارٌ وَخِطَابٌ الْبَتَّةَ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّه تَعَالَى، بَلِ الْقَانُونُ أَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُ كُلِّ لَفْظٍ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ عَلَى حَقِيقَتِهِ إِلَّا إِذَا قَامَتْ دَلَالَةٌ عَقْلِيَّةٌ قَطْعِيَّةٌ تُوجِبُ الِانْصِرَافَ عَنْهُ، وَلَيْتَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا لَمْ يَخُضْ فِيهِ، فَهَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَنْ أَرَادَ الِاسْتِقْصَاءَ فِي الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ الْمُتَشَابِهَاتِ فَعَلَيْهِ بِكِتَابِ تَأْسِيسِ التَّقْدِيسِ وباللَّه التَّوْفِيقُ. أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما/ بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى فاعلم أنه سبحانه لم شَرَحَ مُلْكَهُ بِقَوْلِهِ: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى وَالْمُلْكُ لَا يَنْتَظِمُ إِلَّا بِالْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ، لَا جَرَمَ عَقَّبَهُ بِالْقُدْرَةِ ثُمَّ بِالْعِلْمِ. أَمَّا الْقُدْرَةُ فَهِيَ هَذِهِ الْآيَةُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَالِكٌ لِهَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ فَهُوَ مَالِكٌ لِمَا فِي السموات مِنْ مَلَكٍ وَنَجْمٍ وَغَيْرِهِمَا، وَمَالِكٌ لِمَا فِي الْأَرْضِ مِنَ الْمَعَادِنِ وَالْفِلِزَّاتِ [1] وَمَالِكٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْهَوَاءِ. وَمَالِكٌ لِمَا تَحْتَ الثَّرَى، فَإِنْ قِيلَ الثَّرَى هُوَ السَّطْحُ الْأَخِيرُ مِنَ الْعَالَمِ فَلَا يَكُونُ تَحْتَهُ شَيْءٌ فَكَيْفَ يَكُونُ اللَّه مَالِكًا لَهُ قُلْنَا: الثَّرَى فِي اللُّغَةِ التُّرَابُ النَّدِيُّ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَهُ شَيْءٌ وَهُوَ إِمَّا الثَّوْرُ أَوِ الْحُوتُ أَوِ الصَّخْرَةُ أَوِ الْبَحْرُ أَوِ الْهَوَاءُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ، أَمَّا الْعِلْمُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى وَفِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ: وَأَخْفى بِنَاءُ الْمُبَالَغَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ نَقُولُ إِنَّهُ تَعَالَى قَسَّمَ الْأَشْيَاءَ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْجَهْرِ، وَالسِّرِّ. وَالْأَخْفَى. فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْجَهْرِ الْقَوْلَ الَّذِي يُجْهَرُ بِهِ، وَقَدْ يُسَرُّ فِي النَّفْسِ وَإِنْ ظَهَرَ الْبَعْضُ، وَقَدْ يُسَرُّ وَلَا يَظْهَرُ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُهُمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسِّرِّ وَبِالْأَخْفَى مَا لَيْسَ بِقَوْلٍ وَهَذَا أَظْهَرُ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ الَّذِي لَا يُسْمَعُ وَمَا هُوَ أَخْفَى مِنْهُ فَكَيْفَ لَا يَعْلَمُ الْجَهْرَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ زَجْرُ الْمُكَلَّفِ عَنِ الْقَبَائِحِ ظَاهِرَةً كَانَتْ أَوْ بَاطِنَةً، وَالتَّرْغِيبُ فِي الطَّاعَاتِ ظَاهِرَةً كَانَتْ أَوْ بَاطِنَةً، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ السِّرُّ وَالْأَخْفَى عَلَى مَا فِيهِ ثَوَابٌ أَوْ عِقَابٌ، وَالسِّرُّ هُوَ الَّذِي يُسِرُّهُ الْمَرْءُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي عَزَمَ عَلَيْهَا، وَالْأَخْفَى هُوَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْعَزِيمَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ الْأَخْفَى بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ وَمَا وَقَعَ فِي وَهْمِهِ الَّذِي لم يعزم عليه، ويتحمل مَا لَمْ يَقَعْ فِي سِرِّهِ بَعْدُ فَيَكُونُ أَخْفَى مِنَ السِّرِّ، وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا مَا سَيَكُونُ مِنْ قِبَلِ اللَّه تَعَالَى مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَظْهَرْ، وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الزَّجْرِ وَالتَّرْغِيبِ
. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ أَخْفَى فِعْلٌ يَعْنِي أَنَّهُ يَعْلَمُ أَسْرَارَ الْعِبَادِ وَأَخْفَى عَنْهُمْ مَا يَعْلَمُهُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ [الْبَقَرَةِ: 255] فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُطَابِقُ الْجَزَاءُ الشَّرْطَ؟ قُلْنَا مَعْنَاهُ إِنْ تَجْهَرْ بِذِكْرِ اللَّه تَعَالَى مِنْ دُعَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ جَهْرِكَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَهْيًا عَنِ الْجَهْرِ كَقَوْلِهِ: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ [الْأَعْرَافِ: 205] وَإِمَّا تَعْلِيمًا لِلْعِبَادِ أَنَّ الْجَهْرَ لَيْسَ لِاسْتِمَاعِ اللَّه تَعَالَى، وَإِنَّمَا هُوَ لِغَرَضٍ آخَرَ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى لِذَاتِهِ عَالِمٌ وَأَنَّهُ عَالِمٌ بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ بِعِلْمٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ الْعِلْمُ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ، وذلك العلم من

[1] في الأصل الأميري: والفلوات جمع فلاة وهي الخلاء والفضاء في الأرض كالصحاري لا نبات بها، وهي محرفة عن الفلزات، وهي جواهر الأرض وعناصرها المكونة منها.
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست