responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 493
كُلُّهَا فِي قِصَّةٍ وَاحِدَةٍ وَفِعْلٍ وَاحِدٍ؟ وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْعَيْبَ أَضَافَهُ إِلَى إِرَادَةِ نَفْسِهِ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَلَمَّا ذَكَرَ الْقَتْلَ عَبَّرَ عَنْ نَفْسِهِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْعُظَمَاءِ فِي عُلُومِ الْحِكْمَةِ فَلَمْ يُقْدِمُ عَلَى هَذَا الْقَتْلِ إِلَّا لِحِكْمَةٍ عَالِيَةٍ، وَلَمَّا ذَكَرَ رِعَايَةَ مَصَالِحِ الْيَتِيمَيْنِ لِأَجْلِ صَلَاحِ أَبِيهِمَا أَضَافَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ الْمُتَكَفِّلَ بِمَصَالِحِ الْأَبْنَاءِ لِرِعَايَةِ حَقِّ الْآبَاءِ لَيْسَ إلا الله سبحانه وتعالى.

[سورة الكهف (18) : الآيات 83 الى 85]
وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (84) فَأَتْبَعَ سَبَباً (85)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْقِصَّةُ الرَّابِعَةُ مِنَ الْقِصَصِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَفِيهَا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّ الْيَهُودَ أَمَرُوا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَسْأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَعَنْ قِصَّةِ ذِي القرنين وعن الروح فالمراد من قوله: وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ [الكهف: 83] هُوَ ذَلِكَ السُّؤَالُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ مَنْ هُوَ وَذَكَرُوا فِيهِ أَقْوَالًا: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ هُوَ الْإِسْكَنْدَرُ بْنُ فِيلِبُوسَ الْيُونَانِيُّ قَالُوا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الْمُسَمَّى بِذِي الْقَرْنَيْنِ بَلَغَ مُلْكُهُ إِلَى أَقْصَى الْمَغْرِبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ [الْكَهْفِ: 86] وَأَيْضًا بَلَغَ مُلْكُهُ أَقْصَى الْمَشْرِقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ [الْكَهْفِ: 90] وَأَيْضًا بَلَغَ مُلْكُهُ أَقْصَى الشَّمَالِ بِدَلِيلِ أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قَوْمٌ مِنَ التُّرْكِ يَسْكُنُونَ فِي أَقْصَى الشَّمَالِ، وَبِدَلِيلِ أَنَّ السَّدَّ الْمَذْكُورَ فِي الْقُرْآنِ يُقَالُ فِي كُتُبِ التَّوَارِيخِ إِنَّهُ مَبْنِيٌّ فِي أَقْصَى الشَّمَالِ فَهَذَا الْإِنْسَانُ الْمُسَمَّى بِذِي الْقَرْنَيْنِ فِي الْقُرْآنِ قَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّ مُلْكَهُ بَلَغَ أَقْصَى المغرب والمشرق وَهَذَا هُوَ تَمَامُ الْقَدْرِ الْمَعْمُورِ مِنَ الْأَرْضِ، وَمِثْلُ هَذَا الْمَلِكِ الْبَسِيطِ لَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَاتِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَبْقَى ذِكْرُهُ مُخَلَّدًا عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ وَأَنْ لَا يَبْقَى مَخْفِيًّا مُسْتَتِرًا، وَالْمَلِكُ الَّذِي اشْتُهِرَ فِي كُتُبِ التَّوَارِيخِ أَنَّهُ بَلَغَ مُلْكُهُ إِلَى هَذَا الْحَدِّ لَيْسَ إِلَّا الْإِسْكَنْدَرَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ جَمَعَ مُلُوكَ الرُّومِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا طَوَائِفَ ثُمَّ جَمَعَ مُلُوكَ الْمَغْرِبِ وَقَهَرَهُمْ وَأَمْعَنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مِصْرَ فَبَنَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ وَسَمَّاهَا بِاسْمِ نَفْسِهِ ثُمَّ دَخَلَ الشَّامَ وَقَصَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَوَرَدَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَذَبَحَ فِي مَذْبَحِهِ ثُمَّ انْعَطَفَ إِلَى أَرْمِينِيَّةَ وَبَابِ الْأَبْوَابِ وَدَانَتْ لَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْقِبْطُ وَالْبَرْبَرُ. ثُمَّ تَوَجَّهَ نَحْوَ دَارَا بْنِ دَارَا وَهَزَمَهُ مَرَّاتٍ إِلَى أَنْ قَتَلَهُ صَاحِبُ حَرَسِهِ فَاسْتَوْلَى الْإِسْكَنْدَرُ عَلَى مَمَالِكِ الْفُرْسِ ثُمَّ قَصَدَ الْهِنْدَ وَالصِّينَ وَغَزَا الْأُمَمَ الْبَعِيدَةَ وَرَجَعَ إِلَى خُرَاسَانَ وَبَنَى الْمُدُنَ الكثيرة ورجع إلى العراق ومرض بشهر زور وَمَاتَ بِهَا. فَلَمَّا ثَبَتَ بِالْقُرْآنِ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ كَانَ رَجُلًا مَلَكَ الْأَرْضَ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهَا، وَثَبَتَ بِعِلْمِ التَّوَارِيخِ أَنَّ الَّذِي هَذَا شَأْنُهُ مَا كَانَ إِلَّا الْإِسْكَنْدَرَ وَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذِي الْقَرْنَيْنِ هُوَ الْإِسْكَنْدَرُ بْنُ فِيلِبُوسَ الْيُونَانِيُّ ثُمَّ ذَكَرُوا فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ بِهَذَا الِاسْمِ وُجُوهًا: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لُقِّبَ بِهَذَا اللَّقَبِ لِأَجْلِ بُلُوغِهِ قَرْنَيِ الشَّمْسِ أَيْ/ مَطْلَعِهَا وَمَغْرِبِهَا كَمَا لُقِّبَ أَرْدَشِيرُ بْنُ بَهْمَنَ بِطَوِيلِ الْيَدَيْنِ لِنُفُوذِ أَمْرِهِ حَيْثُ أَرَادَ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْفُرْسَ قَالُوا: إِنْ دَارَا الْأَكْبَرَ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِابْنَةِ فِيلِبُوسَ فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهَا وَجَدَ مِنْهَا رَائِحَةً مُنْكَرَةً فَرَدَّهَا عَلَى أَبِيهَا فِيلِبُوسَ وَكَانَتْ قَدْ حَمَلَتْ مِنْهُ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 493
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست