responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 480
لَهُ إِنَّ مَوْضِعَهُ مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ فَإِذَا وَصَلْتَ إِلَيْهِ رَأَيْتَ الْحُوتَ انْقَلَبَ حَيًّا وَطَفَرَ إِلَى الْبَحْرِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فَهُنَالِكَ مَوْضِعُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فَاذْهَبْ عَلَى مُوَافَقَةِ ذَهَابِ ذَلِكَ الْحُوتِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ. إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ:
إِنَّ مُوسَى وَفَتَاهُ لَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا طَفَرَتِ السَّمَكَةُ إِلَى الْبَحْرِ وَسَارَتْ وَفِي كَيْفِيَّةِ طَفْرِهَا رِوَايَاتٌ أَيْضًا قِيلَ إِنَّ الْفَتَى كَانَ يَغْسِلُ السَّمَكَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُمَلَّحَةً فَطَفَرَتْ وَسَارَتْ وَقِيلَ إِنَّ يُوشَعَ تَوَضَّأَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَانْتَضَحَ الْمَاءُ عَلَى الْحُوتِ الْمَالِحِ فعاش ووثب في الماء وقيل انفجر [ت] هُنَاكَ عَيْنٌ مِنَ الْجَنَّةِ وَوَصَلَتْ قَطَرَاتٌ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ إِلَى السَّمَكَةِ فَحَيِيَتْ وَطَفَرَتْ إِلَى الْبَحْرِ فَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي صِفَةِ الْحُوتِ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: نَسِيا حُوتَهُما أَنَّهُمَا نَسِيَا كَيْفِيَّةَ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْحَالَةِ الْمَخْصُوصَةِ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى الْمَطْلُوبِ، فَإِنْ قِيلَ انْقِلَابُ السَّمَكَةِ الْمَالِحَةِ حَيَّةً حَالَةٌ عَجِيبَةٌ فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ حُصُولَ هَذِهِ الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ دَلِيلًا عَلَى الْوُصُولِ إِلَى الْمَطْلُوبِ فَكَيْفَ يُعْقَلُ حُصُولُ النِّسْيَانِ فِي هَذَا الْمَعْنَى؟ أَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْهُ بِأَنْ يُوشَعَ كَانَ قَدْ شَاهَدَ الْمُعْجِزَاتِ الْقَاهِرَةَ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَثِيرًا فَلَمْ يَبْقَ لِهَذِهِ الْمُعْجِزَةِ عِنْدَهُ وَقْعٌ عَظِيمٌ فَجَازَ حُصُولُ النِّسْيَانِ. وَعِنْدِي فِيهِ جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا اسْتَعْظَمَ عِلْمَ نَفْسِهِ أَزَالَ اللَّهُ عَنْ قَلْبِ صَاحِبِهِ هَذَا الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ تَنْبِيهًا/ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِتَعْلِيمِ اللَّهِ وَحِفْظِهِ عَلَى الْقَلْبِ وَالْخَاطِرِ، أَمَّا قَوْلُهُ: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً فَفِيهِ وُجُوهٌ. الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ سَرَبَ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا إِلَّا أَنَّهُ أُقِيمَ قَوْلُهُ فَاتَّخَذَ مُقَامَ قَوْلِهِ سَرَبَ وَالسَّرَبُ هُوَ الذَّهَابُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَسارِبٌ بِالنَّهارِ [الرَّعْدِ: 10] . الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمْسَكَ إِجْرَاءَ الْمَاءِ عَلَى الْبَحْرِ وَجَعَلَهُ كَالطَّاقِ وَالْكُوَّةِ حَتَّى سَرَى الْحُوتُ فِيهِ فَلَمَّا جَاوَزَ أَيْ مُوسَى وَفَتَاهُ الْمَوْعِدَ الْمُعَيَّنَ وَهُوَ الْوُصُولُ إِلَى الصَّخْرَةِ بِسَبَبِ النِّسْيَانِ الْمَذْكُورِ وَذَهَبَا كَثِيرًا وَتَعِبَا وَجَاعَا: قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هَذَا نَصَباً قالَ الْفَتَى: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ الْهَمْزَةُ فِي أَرَأَيْتَ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَرَأَيْتَ عَلَى مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ إِذَا حَدَثَ لِأَحَدِهِمْ أَمْرٌ عَجِيبٌ قَالَ لصاحبه أرأيت ما حدث لي؟ كذلك هاهنا كَأَنَّهُ قَالَ: أَرَأَيْتَ مَا وَقَعَ لِي مِنْهُ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَحُذِفَ مَفْعُولُ أَرَأَيْتَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ يَدُلُّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَفِيهِ مَبَاحِثُ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ اعْتِرَاضٌ وَقَعَ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَالتَّقْدِيرُ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا، وَالسَّبَبُ فِي وُقُوعِ هَذَا الِاعْتِرَاضِ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْعُذْرِ وَالْعِلَّةِ لِوُقُوعِ ذَلِكَ النِّسْيَانِ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: قَالَ الْكَعْبِيُّ: وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَا خَلَقَ ذَلِكَ النِّسْيَانَ وَمَا أَرَادَهُ وَإِلَّا كَانَتْ إِضَافَتُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْجَبَ مِنْ إِضَافَتِهِ إِلَى الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا خَلَقَهُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِسَعْيِ الشَّيْطَانِ فِي وُجُودِهِ وَلَا فِي عَدَمِهِ، أَثَرٌ قَالَ الْقَاضِي: وَالْمُرَادُ بِالنِّسْيَانِ أَنْ يَشْتَغِلَ قَلْبُ الْإِنْسَانِ بِوَسَاوِسِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ فِعْلِهِ دُونَ النِّسْيَانِ الَّذِي يُضَادُّ الذِّكْرَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إِلَّا مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: أَنْ أَذْكُرَهُ بَدَلٌ مِنَ الْهَاءِ فِي أَنْسانِيهُ أَيْ: وَمَا أَنْسَانِي ذِكْرَهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ ثُمَّ قَالَ:
وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً وَفِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ عَجَبًا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ كَأَنَّهُ قِيلَ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ اتِّخَاذًا عَجَبًا وَوَجْهُ كَوْنِهِ عَجَبًا انْقِلَابُهُ مِنَ الْمِكْتَلِ وَصَيْرُورَتُهُ حَيًّا وَإِلْقَاءُ نَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ عَلَى غَفْلَةِ مِنْهُمَا. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْمَاءَ عَلَيْهِ كَالطَّاقِ وَكَالسِّرْبِ. الثَّالِثُ: قِيلَ إِنَّهُ تَمَّ
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 480
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست