responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 419
هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ فَإِذَا سَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوهُ وَسَبُّوا مَنْ جَاءَ بِهِ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ فَيَسْمَعُ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ: وَلا تُخافِتْ بِها فَلَا تُسْمِعُ أَصْحَابَكَ وَابْتَغِ بين ذلك سبيلا.
والقول الثَّانِي:
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِاللَّيْلِ عَلَى دُورِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُخْفِي صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صِلَاتِهِ وَكَانَ عُمَرُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَلَمَّا جَاءَ النَّهَارُ وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ لِمَ تُخْفِي صَوْتَكَ؟ فَقَالَ أُنَاجِي رَبِّي، وَقَدْ عَلِمَ حَاجَتِي وَقَالَ لِعُمَرَ لِمَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ؟ فَقَالَ أَزْجُرُ الشَّيْطَانَ وَأُوقِظُ الْوَسَنَانَ فَأَمْرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ قَلِيلًا وَعُمَرَ أَنْ يُخْفِضَ صَوْتَهُ قَلِيلًا.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: مَعْنَاهُ:
وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ كُلِّهَا وَلَا تُخَافِتْ بِهَا كُلِّهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا بِأَنْ تَجْهَرَ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ/ وَتُخَافِتَ بِصَلَاةِ النَّهَارِ. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَهَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَمُجَاهِدٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا هِيَ فِي الدُّعَاءِ
وَرُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَسْأَلَةِ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ فَتَذْكُرَ ذُنُوبَكَ فَيُسْمَعَ ذَلِكَ فَتُعَيَّرَ بِهَا فَالْجَهْرُ بِالدُّعَاءِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْإِسْرَارِ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَالْمُسْتَحَبُّ مِنْ ذَلِكَ التَّوَسُّطُ وَهُوَ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ
كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يُخَافِتْ مَنْ أَسْمَعَ أُذُنَيْهِ. وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: قَالَ الْحَسَنُ لا تراه بعلانيتها ولا تسيء بِسِرِّيَّتِهَا.
الْبَحْثُ الثَّانِي: الصَّلَاةُ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْأَفْعَالِ وَالْأَذْكَارِ وَالْجَهْرُ وَالْمُخَافَتَةُ مِنْ عَوَارِضِ الصَّوْتِ، فالمراد هاهنا مِنَ الصَّلَوَاتِ بَعْضُ أَجْزَاءِ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْأَذْكَارُ وَالْقُرْآنُ وَهُوَ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ لِإِرَادَةِ الْجُزْءِ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: يُقَالُ خَفَتَ صوته يخفف خفتا وخفوتا إذا ضعف وسكن وصوت خفيف أَيْ خَفِيضٌ وَمِنْهُ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا مَاتَ قَدْ خَفَتَ أَيِ انْقَطَعَ كَلَامُهُ وَخَفَتَ الزَّرْعُ إِذَا ذَبُلَ وَخَفَتَ الرَّجُلُ يُخَافِتُ بِقِرَاءَتِهِ إِذَا لَمْ يُبَيِّنْ قِرَاءَتَهُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ وَقَدْ تَخَافَتَ الْقَوْمُ إِذَا تَسَارُّوا بَيْنَهُمْ وَأَقُولُ ثَبَتَ فِي كُتُبِ الْأَخْلَاقِ أَنَّ كِلَا طَرَفَيِ الْأُمُورِ ذَمِيمٌ وَالْعَدْلُ هُوَ رِعَايَةُ الْوَسَطِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى مَدَحَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِقَوْلِهِ: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [الْبَقَرَةِ: 143] وَقَالَ فِي مَدْحِ الْمُؤْمِنِينَ: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً [الْفُرْقَانِ: 67] وَأَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَقَالَ: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ [الإسراء: 29] فكذا هاهنا نَهَى عَنِ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ الْجَهْرُ وَالْمُخَافَتَةُ وَأَمَرَ بِالتَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً [الْأَعْرَافِ: 55] وَهُوَ بَعِيدٌ وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ أَنْ لَا يُذْكَرَ وَلَا يُنَادَى إِلَّا بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى عَلَّمَهُ كَيْفِيَّةَ التَّحْمِيدِ فَقَالَ: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً فذكر هاهنا مِنْ صِفَاتِ التَّنْزِيهِ وَالْجَلَالِ وَهِيَ السُّلُوبُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الصِّفَاتِ. النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مِنَ الصِّفَاتِ أَنَّهُ لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَالسَّبَبُ فِيهِ وُجُوهٌ. الْأَوَّلُ: أَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ شَيْءٍ آخَرَ فَكُلُّ مَنْ لَهُ وَلَدٌ فَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنَ الْأَجْزَاءِ وَالْمُرَكَّبُ مُحْدَثٌ وَالْمُحْدَثُ مُحْتَاجٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى كَمَالِ الْإِنْعَامِ فَلَا يَسْتَحِقُّ كَمَالَ الْحَمْدِ. الثَّانِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ وَلَدٌ فَإِنَّهُ يُمْسِكُ جَمِيعَ النِّعَمِ لِوَلِدِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ أَفَاضَ كُلَّ تِلْكَ النِّعَمِ عَلَى عَبِيدِهِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْوَالِدِ بَعْدَ انْقِضَائِهِ وَفَنَائِهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لَكَانَ مُنْقَضِيًا وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَمَالِ الْإِنْعَامِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ الْحَمْدَ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَالنَّوْعُ الثَّانِي: مِنَ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَالسَّبَبُ فِي
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 419
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست