responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 424
مِمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ. السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: الْخِبْرَةُ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ يُتَوَصَّلُ إِلَيْهَا بِطَرِيقِ التَّجْرِبَةِ، يُقَالُ خَبِرْتُهُ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَجَدْتُ النَّاسَ أَخْبِرْ تَقْلَهُ. وَقِيلَ هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ خَبِرَةٌ. أَيْ غَزِيرَةُ اللَّبَنِ، فَكَانَ الْخَبَرُ هُوَ غَزَارَةَ الْمَعْرِفَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمْ نَاقَةٌ خَبِرَةٌ: هِيَ الْمُخْبَرُ عَنْهَا بِغَزَارَتِهَا. الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: الرَّأْيُ، وَهُوَ إِحَاطَةُ الْخَاطِرِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الَّتِي يُرْجَى مِنْهَا إِنْتَاجُ الْمَطْلُوبِ، وَقَدْ يُقَالُ لِلْقَضِيَّةِ الْمُسْتَنْتَجَةِ مِنَ الرَّأْيِ رَأْيٌ، وَالرَّأْيُ لِلْفِكْرِ كَالْآلَةِ لِلصَّانِعِ، وَلِهَذَا قِيلَ: إِيَّاكَ وَالرَّأْيَ الْفَطِيرَ، وَقِيلَ: دَعِ الرَّأْيَ تُصِبْ. التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: الْفِرَاسَةُ وَهِيَ الِاسْتِدْلَالُ بِالْحَقِّ الظَّاهِرِ عَلَى الْخُلُقِ الْبَاطِنِ، وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى صِدْقِ هَذَا الطَّرِيقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ [الْحِجْرِ: 75] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ [الْبَقَرَةِ: 273] وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [مُحَمَّدٍ: 30] وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَسَ السَّبُعُ الشَّاةَ، فَكَأَنَّ الْفِرَاسَةَ اخْتِلَاسُ الْمَعَارِفِ، وَذَلِكَ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ يَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ عَنْ خَاطِرِهِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ سَبَبٌ، وَذَلِكَ ضَرْبٌ مِنَ الْإِلْهَامِ بَلْ ضَرْبٌ مِنَ الْوَحْيِ، وَإِيَّاهُ عَنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِقَوْلِهِ: «إِنَّ فِي أُمَّتِي لَمُحَدَّثِينَ وَإِنَّ عُمَرَ لَمِنْهُمْ»
وَيُسَمَّى ذَلِكَ أَيْضًا النَّفْثَ فِي الرَّوْعِ، وَالضَّرْبُ الثَّانِي مِنَ الْفِرَاسَةِ مَا يَكُونُ بِصِنَاعَةٍ مُتَعَلَّمَةٍ وَهِيَ الِاسْتِدْلَالُ بِالْأَشْكَالِ الظَّاهِرَةِ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْبَاطِنَةِ وَقَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ [هُودٍ: 17] إِنَّ الْبَيِّنَةَ هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى صَفَاءِ جَوْهَرِ الرُّوحِ وَالشَّاهِدُ هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ بِالْأَشْكَالِ عَلَى الْأَحْوَالِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها وَقَوْلُهُ: لَا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا وقوله:
الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ لَا يَقْتَضِي وَصْفَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ مُعَلِّمٌ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ تَعَارُفٌ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ يَحْتَرِفُ بِالتَّعْلِيمِ وَالتَّلْقِينِ وَكَمَا لَا يُقَالُ لِلْمُدَرِّسِ مُعَلِّمٌ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِلْمُتَعَلِّمِينَ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمُدَرِّسُ فَكَذَا لَا يُقَالُ لِلَّهِ إِنَّهُ مُعَلِّمٌ إِلَّا مَعَ التَّقْيِيدِ وَلَوْلَا هَذَا التَّعَارُفُ لَحَسُنَ إِطْلَاقُهُ عَلَيْهِ بَلْ كَانَ يَجِبُ أَنْ لَا يُسْتَعْمَلَ إِلَّا فِيهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْمُعَلِّمَ هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ الْعِلْمُ فِي غَيْرِهِ وَلَا قُدْرَةَ عَلَى ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا اللَّهَ تعالى.

[سورة البقرة (2) : الآيات 32 الى 33]
قالُوا سُبْحانَكَ لَا عِلْمَ لَنا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)
اعْلَمْ أَنَّ الَّذِينَ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَتَوْا بِالْمَعْصِيَةِ فِي قَوْلِهِمْ: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها قَالُوا: إِنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا خَطَأَهُمْ فِي هَذَا السُّؤَالِ رَجَعُوا وَتَابُوا وَاعْتَذَرُوا عَنْ خَطَئِهِمْ بِقَوْلِهِمْ: سُبْحانَكَ لَا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا وَالَّذِينَ أَنْكَرُوا مَعْصِيَتَهُمْ ذَكَرُوا فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ إِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاعْتِرَافِ بِالْعَجْزِ وَالتَّسْلِيمِ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَا سُئِلُوا عَنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّا لَا نَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا فَإِذَا لَمْ تُعَلِّمْنَا ذَلِكَ فَكَيْفَ نَعْلَمُهُ، الثَّانِي: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ إِنَّمَا قَالُوا: أَتَجْعَلُ فِيها لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَهُمْ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّكَ أَعْلَمْتَنَا أَنَّهُمْ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ فَقُلْنَا لَكَ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَأَمَّا هَذِهِ الْأَسْمَاءُ فإنك ما أعلمتنا كيفيتها فكيف نعلمها. وهاهنا مسائل:
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 424
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست