responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 339
اضْطُرَّ فِي افْتِقَارِ هَذِهِ التَّدَابِيرِ إِلَى صَانِعٍ حَكِيمٍ مُقْتَدِرٍ عَلِيمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: كَثْرَةُ مَا يُوجَدُ عَلَى الْجِبَالِ وَالْأَرَاضِي مِنَ الْأَشْجَارِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلْبِنَاءِ، وَالسُّقُفِ، ثُمَّ الْحَطَبِ.
وَمَا أَشَدَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ فِي الْخَبْزِ وَالطَّبْخِ قَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى دَلَائِلِ الْأَرْضِ وَمَنَافِعِهَا بِأَلْفَاظٍ لَا يَبْلُغُهَا الْبُلَغَاءُ وَيَعْجَزُ عَنْهَا الْفُصَحَاءُ فَقَالَ: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ [الرَّعْدِ: 3] وَأَمَّا الْأَنْهَارُ فَمِنْهَا الْعَظِيمَةُ كَالنِّيلِ، وَسَيْحُونَ، وَجَيْحُونَ، وَالْفُرَاتِ، وَمِنْهَا الصِّغَارُ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا تَحْمِلُ مِيَاهًا عَذْبَةً لِلسَّقْيِ وَالزِّرَاعَةِ وَسَائِرِ الْفَوَائِدِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فِي أَنَّ السَّمَاءَ أَفْضَلُ أَمِ الْأَرْضَ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: السَّمَاءُ أَفْضَلُ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ السَّمَاءَ مُتَعَبَّدُ الْمَلَائِكَةِ، وَمَا فِيهَا بُقْعَةٌ عَصَى اللَّهَ فِيهَا أَحَدٌ. وَثَانِيهَا: لَمَّا أَتَى آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَنَّةِ بِتِلْكَ الْمَعْصِيَةِ قِيلَ لَهُ اهْبِطْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَسْكُنُ فِي جِوَارِي مَنْ عَصَانِي. وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً [المؤمنون: 32] وَقَوْلُهُ: تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً [الْفُرْقَانِ: 61] وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْأَرْضِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ وَرَدَ ذِكْرُ السَّمَاءِ مُقَدَّمًا/ عَلَى الْأَرْضِ فِي الذِّكْرِ. وَقَالَ آخَرُونَ:
بَلِ الْأَرْضُ أَفْضَلُ لِوُجُوهٍ «أ» أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ بِقَاعًا مِنَ الْأَرْضِ بِالْبَرَكَةِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً [آلِ عِمْرَانَ: 96] «ب» فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ [الْقَصَصِ: 30] «ج» إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ [الْإِسْرَاءِ: 1] «د» وَصَفَ أَرْضَ الشَّامِ بِالْبَرَكَةِ فَقَالَ: مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها [الْأَعْرَافِ: 137] وَخَامِسُهَا: وَصَفَ جُمْلَةَ الْأَرْضِ بالبركة فقال: قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ [فُصِّلَتْ: 9] إِلَى قَوْلِهِ: وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها [فُصِّلَتْ: 10] فَإِنْ قِيلَ: وَأَيُّ بَرَكَةٍ فِي الْفَلَوَاتِ الْخَالِيَةِ وَالْمَفَاوِزِ الْمُهْلِكَةِ؟ قُلْنَا إِنَّهَا مَسَاكِنُ لِلْوُحُوشِ وَمَرْعَاهَا، ثُمَّ إِنَّهَا مَسَاكِنُ لِلنَّاسِ إِذَا احْتَاجُوا إِلَيْهَا، فَلِهَذِهِ الْبَرَكَاتِ قَالَ تَعَالَى: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ [الذَّارِيَاتِ: 20] وَهَذِهِ الْآيَاتُ وَإِنْ كَانَتْ حَاصِلَةً لِغَيْرِ الْمُوقِنِينَ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا إِلَّا الْمُوقِنُونَ جَعَلَهَا آيَاتٍ لِلْمُوقِنِينَ تَشْرِيفًا لَهُمْ كَمَا قَالَ: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ وَسَادِسُهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ الْأَنْبِيَاءَ الْمُكَرَّمِينَ مِنَ الْأَرْضِ عَلَى مَا قَالَ: مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ [طه: 55] ولم يخلق من السموات شَيْئًا لِأَنَّهُ قَالَ: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً [الْأَنْبِيَاءِ: 32] . وَسَابِعُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَكْرَمَ نَبِيَّهُ بِهَا فَجَعَلَ الْأَرْضَ كُلَّهَا مَسَاجِدَ لَهُ وَجَعَلَ ترابها طهوراً. أما قوله: السَّماءَ بِناءً فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ أَمْرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فِي كِتَابِهِ فِي مَوَاضِعَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ إِكْثَارَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذِكْرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ شَأْنِهِمَا، وَعَلَى أَنَّ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِمَا أَسْرَارًا عَظِيمَةً، وَحِكَمًا بَالِغَةً لَا يَصِلُ إِلَيْهَا أَفْهَامُ الْخَلْقِ وَلَا عُقُولُهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي فَضَائِلِ السَّمَاءِ وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَيَّنَهَا بِسَبْعَةِ أَشْيَاءَ بِالْمَصَابِيحِ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ [الْمُلْكِ: 5] وَبِالْقَمَرِ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً [نُوحٍ: 16] وَبِالشَّمْسِ وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً [نُوحٍ: 16] وَبِالْعَرْشِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [التَّوْبَةِ: 129] وَبِالْكُرْسِيِّ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [الْبَقَرَةِ: 255] وَبِاللَّوْحِ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [الْبُرُوجِ: 22] وَبِالْقَلَمِ ن وَالْقَلَمِ [الْقَلَمِ: 1] فَهَذِهِ سَبْعَةٌ: ثَلَاثَةٌ مِنْهَا ظَاهِرَةٌ، وَأَرْبَعَةٌ خَفِيَّةٌ: ثَبَتَتْ بِالدَّلَائِلِ السَّمْعِيَّةِ مِنَ الآيات والأخبار. الثاني: أنه تعالى سمى السموات بِأَسْمَاءَ تَدُلُّ عَلَى عِظَمِ شَأْنِهَا: سَمَاءً، وَسَقْفًا مَحْفُوظًا، وَسَبْعًا طِبَاقًا، وَسَبْعًا شِدَادًا. ثُمَّ ذَكَرَ عاقبة
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست