responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 70
عَنِ الْجَوَابِ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَمْسَكَ عَنِ الْجَوَابِ، رَدَّ يَدَهُ فِي فِيهِ وَتَقُولُ الْعَرَبُ كَلَّمْتُ فُلَانًا فِي حَاجَةٍ فَرَدَّ يَدَهُ فِي فِيهِ إِذَا سَكَتَ عَنْهُ فَلَمْ يُجِبْ، ثُمَّ إِنَّهُ زَيَّفَ هَذَا الوجه وَقَالَ: إِنَّهُمْ أَجَابُوا بِالتَّكْذِيبِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ.
الوجه الثَّالِثُ: الْمُرَادُ مِنَ الْأَيْدِي نِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ظَاهِرِهِمْ وَبَاطِنِهِمْ وَلَمَّا كَذَّبُوا الْأَنْبِيَاءَ فَقَدْ عَرَّضُوا تِلْكَ النِّعَمَ لِلْإِزَالَةِ وَالْإِبْطَالِ فَقَوْلُهُ: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ أَيْ رَدُّوا نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِالْكَلِمَاتِ الَّتِي صَدَرَتْ عَنْ أَفْوَاهِهِمْ وَلَا يَبْعُدُ حَمْلُ «فِي» عَلَى مَعْنَى الْبَاءِ لِأَنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ لَا يَمْتَنِعُ إِقَامَةُ بَعْضِهَا مَقَامَ بَعْضٍ.
النوع الثَّانِي: مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي حَكَاهَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ قَوْلُهُمْ: إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَالْمَعْنَى:
إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا زَعَمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكُمْ فِيهِ لِأَنَّهُمْ مَا أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ أُرْسِلُوا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْتَبَةَ الْأُولَى هُوَ أَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْ قَبُولِ قَوْلِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَحَاوَلُوا إِسْكَاتَ الْأَنْبِيَاءِ عَنْ تِلْكَ الدَّعْوَى، وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِكَوْنِهِمْ كَافِرِينَ بِتِلْكَ الْبَعْثَةِ.
وَالنوع الثَّالِثُ: قَوْلُهُمْ: وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : وَقُرِئَ تَدْعُونَّا بِإِدْغَامِ النُّونِ مُرِيبٍ مُوقِعٍ فِي الرِّيبَةِ أَوْ ذِي رِيبَةٍ مِنْ أَرَابَهُ، وَالرِّيبَةُ قَلَقُ النَّفْسِ وَأَنْ لَا تَطْمَئِنَّ إِلَى الْأَمْرِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمَّا ذَكَرُوا فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُمْ كَافِرُونَ بِرِسَالَتِهِمْ كَيْفَ ذَكَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ كَوْنَهُمْ شَاكِّينَ مُرْتَابِينَ فِي صِحَّةِ قَوْلِهِمْ؟
قُلْنَا: كَأَنَّهُمْ قالوا إما أن تكون كافرين برسالتكم أو أن نَدَعْ هَذَا الْجَزْمَ وَالْيَقِينَ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ نَكُونَ شَاكِّينَ مُرْتَابِينَ فِي صِحَّةِ نُبُوَّتِكُمْ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِنُبُوَّتِكُمْ والله أعلم.

[سورة إبراهيم (14) : آية 10]
قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (10)
اعْلَمْ أَنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ لَمَّا قَالُوا لِلرُّسُلِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ [إبراهيم: 9] . قَالَتْ رُسُلُهُمْ: وَهَلْ تَشُكُّونَ فِي اللَّهِ، وَفِي كونه فاطر السموات وَالْأَرْضِ وَفَاطِرًا لِأَنْفُسِنَا وَأَرْوَاحِنَا وَأَرْزَاقِنَا وَجَمِيعِ مَصَالِحِنَا وَإِنَّا لَا نَدْعُوكُمْ إِلَّا إِلَى عِبَادَةِ هَذَا الْإِلَهِ الْمُنْعِمِ وَلَا نَمْنَعُكُمْ إِلَّا عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ وَهَذِهِ الْمَعَانِي يَشْهَدُ صَرِيحُ الْعَقْلِ بِصِحَّتِهَا، فَكَيْفَ قُلْتُمْ: وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ؟ وَهَذَا النَّظْمُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ. وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: أَفِي اللَّهِ شَكٌّ اسْتِفْهَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ، فَلَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْمَعْنَى أَرْدَفَهُ بِالدَّلَالَةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ وجود السموات وَالْأَرْضِ كَيْفَ يَدُلُّ عَلَى احْتِيَاجِهِ إِلَى الصَّانِعِ المختار الحكيم مرارا وأطوارا فلا نعيدها هاهنا.
المسألة الثَّانِيَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : أُدْخِلَتْ هَمْزَةُ الْإِنْكَارِ عَلَى الظَّرْفِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ فِي الشك
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست