responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 52
وَالْإِعْدَامِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ وَالْإِغْنَاءِ وَالْإِفْقَارِ بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَى تِلْكَ الْغُيُوبِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْبَابَ فِيهِ مَجَالٌ عَظِيمٌ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَقَادِيرَ سَابِقَةٌ قَدْ جَفَّ بِهَا الْقَلَمُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ بِأُنُفٍ، فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ هَذَا الْمَعْنَى الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ؟
قُلْنَا: ذَلِكَ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ أَيْضًا مِمَّا جَفَّ بِهِ الْقَلَمُ فَلَا يَمْحُو إِلَّا مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ وَقَضَائِهِ مَحْوُهُ.
المسألة الْخَامِسَةُ: قَالَتِ الرَّافِضَةُ: الْبَدَاءُ جَائِزٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ شَيْئًا ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِ مَا اعْتَقَدَهُ، وَتَمَسَّكُوا فِيهِ بِقَوْلِهِ: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ دُخُولُ التَّغَيُّرِ وَالتَّبَدُّلِ فِيهِ مُحَالًا.
المسألة السَّادِسَةُ: أَمَّا أُمُّ الْكِتابِ فَالْمُرَادُ أَصْلُ الْكِتَابِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ مَا يَجْرِي مَجْرَى الْأَصْلِ لِلشَّيْءِ أُمًّا لَهُ وَمِنْهُ أُمُّ الرَّأْسِ لِلدِّمَاغِ، وَأُمُّ الْقُرَى لِمَكَّةَ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ فَهِيَ أُمٌّ لِمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى، فَكَذَلِكَ أُمُّ الْكِتَابِ هُوَ الَّذِي يَكُونُ أَصْلًا لِجَمِيعِ الْكُتُبِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ أُمَّ الْكِتَابِ هُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَجَمِيعُ حَوَادِثِ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالْعَالَمِ السُّفْلِيِّ مُثْبَتٌ فِيهِ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ ثُمَّ خَلَقَ اللَّوْحَ وَأَثْبَتَ فِيهِ أَحْوَالَ جَمِيعِ الْخَلْقِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ»
قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ: الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ يُظْهِرَ لِلْمَلَائِكَةِ كَوْنَهُ تَعَالَى عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: فَعِنْدَ اللَّهِ كِتَابَانِ: أَحَدُهُمَا: الْكِتَابُ الَّذِي يَكْتُبُهُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى الْخَلْقِ وَذَلِكَ الْكِتَابُ مَحَلُّ الْمَحْوِ وَالْإِثْبَاتِ. وَالْكِتَابُ الثَّانِي: هُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَهُوَ الْكِتَابُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَعَيُّنِ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ، وَهُوَ الْبَاقِي.
رَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ بَقِينَ مِنَ اللَّيْلِ يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي لَا يَنْظُرُ فِيهِ أَحَدٌ غَيْرُهُ، فَيَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ مَا يَشَاءُ،
وَلِلْحُكَمَاءِ فِي تَفْسِيرِ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ كَلِمَاتٌ عَجِيبَةٌ وَأَسْرَارٌ غَامِضَةٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ أُمَّ الْكِتَابِ هُوَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ وَالْمَعْدُومَاتِ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ، إِلَّا أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا بَاقٍ مُنَزَّهٌ عَنِ التَّغَيُّرِ، فَالْمُرَادُ بِأُمِّ الْكِتَابِ هُوَ ذَاكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[سورة الرعد (13) : آية 40]
وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (40)
اعْلَمْ أن المعنى: وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ: أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى:
/ سَوَاءٌ أَرَيْنَاكَ ذَلِكَ أَوْ تَوَفَّيْنَاكَ قَبْلَ ظُهُورِهِ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْكَ تَبْلِيغُ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَدَاءُ أَمَانَتِهِ وَرِسَالَتِهِ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ. وَالْبَلَاغُ اسْمٌ أُقِيمَ مُقَامَ التَّبْلِيغِ كَالسِّرَاجِ والأداء.

[سورة الرعد (13) : الآيات 41 الى 42]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (41) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42)
نام کتاب : التفسير الكبير (مفاتيح الغيب) نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست